المعارضة الاشتراكية : المرحلة الانتقالية لتعميم التغطية الصحية تواجه اختلالات والمآسي الإنسانية؟!

0
351

تقرير جمال السوسي

أعلن الملك المفدى محمد السادس في يوليو تموز 2020 عن تعميم التغطية الصحية على جميع الفئات الاجتماعية في المغرب في أجل أقصاه 2022.

يتخبط قطاع الصحة في المغرب في مشاكل عديدة على رأسها ضعف التجهيزات، وقلة الموارد البشرية والتفاوتات الكبيرة في التوزيع الجغرافي للمراكز الاستشفائية وقلة الكفاءات الطبية.

ويضطر أغلب المغاربة أصحاب الدخول المتوسطة فما فوق إلى العلاج في المستشفيات الخاصة رغم تكاليفها الباهظة، بسبب تدني مستوى الخدمات المقدمة في المستشفيات العمومية.

كما يعاني القطاع من نقص في الأطقم الطبية إذ يبلغ عدد الأطباء 32 ألف طبيب إلى جانب 65 ألف ممرض.

ويبلغ عدد سكان المغرب 36 مليون نسمة.

لقد وجدت وفئة واسعة من المواطنين أنفسهم خارج هذه التغطية، مع عدم قدرتهم على أداء الاشتراك.

من جهته تقدم فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بسؤال إلى وزير الصحة خالد آيت الطلب، مع إثارت انتباهه إلى المآسي الإنسانية والاجتماعية التي تعيشها الفئة المتضررة.

وقال رئيس الفريق رشيد الحموني إنه ومقابل كل النصوص والتدابير الإدارية المتخذة، ورغم أن الحكومة تُـــعلن أنه تم التسجيل التلقائي لملايين المستفيدين سابقاً من نظام المساعدة الطبية “راميد”، وذوي حقوقهم، في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إلَّا أنَّ ذلك يتناقض مع الواقع.

ولفت الحموني إلى وجود حالات كثيرة جدا وتُجسد مآسي اجتماعية وإنسانية حقيقية، مبينا أن عدداً مهما من المواطنات والمواطنين الذين كانوا يستفيدون من راميد، ومنذ فاتح دجنبر 2022، وجدوا أنفسهم في هذه المرحلة الانتقالية، محرومين من الاستفادة الفعلية من خدمات المؤسسات الصحية العمومية، بل وحتى من حق الولوج إلى التسجيل ضمن فئة غير القادرين على أداء الاشتراك.

وأكد أن من بين هؤلاء من تَوَقَّفَ علاجُهُ من أمراض خطيرة أو مزمنة لهذا السبب، كما وجد مواطنون آخرون أنفسهم مًطالَبين بأداء “ديون” إلى صندوق الضمان الاجتماعي، بسبب تسجيلهم وفق معايير لا عِلم لهم بها، ضمن الفئة القادرة على أداء الاشتراك.

وساءل الفريق وزير الصحة حول ماهية المعايير، بالضبط، المعتمدة في تحديد عتبة وجوب أداء الاشتراك من عدمه، و حول عدد المواطنات والمواطنين الجُدد الذين تم تسجيلهم لحد الآن في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بما في ذلك عدد المفروض عليهم أداء الاشتراك والمعفيون منه.

وخلص السؤال إلى التأكيد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة من أجل ضمان الحق في الولوج إلى الصحة بالنسبة للفئات المستضعفة التي كانت مستفيدةً من راميد سابقاً، والتي حُرمت حاليا وعمليا من حقها في الصحة.

المغرب ثالث أكبر مصدر للطماطم في العالم 2022 المبني على “إغتناء الطغمة المقربة” مقابل تجويع باقي الشعب

وقال وزير الصحة المغربي خالد آيت الطالب لوسائل الإعلام في وقت سابق إن “سد هذا العجز على وجه السرعة صعب في ضوء تخرج 1200 طبيب سنويا”.

كما أعلنت الحكومة المغربية أيضا عن نيتها زيادة أجور العاملين في قطاع الصحة وجلب‭‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬‬العمالة من الخارج لمواجهة النقص في هذا المجال.

* تحديات كبيرة

أعلنت الحكومة أن كلفة تعميم الحماية الاجتماعية تصل إلى حوالي 51 مليار درهم (نحو 510 ملايين دولار) تمول هذه التكلفة في جزء منها من الاشتراكات بالنسبة للفئات المهنية الذين لهم القدرة على المساهمة في تمويل التغطية الاجتماعية، أما بالنسبة لغير القادرين على المساهمة، فتلجأ الدولة إلى عائدات أخرى كالضرائب والمخصصات المالية من ميزانيتها.

وتهدف هذه التغطية أن تعمم الاستفادة على الفئات المعوزة والمهنيين وأصحاب المهن الحرة.

وأعلنت الحكومة مع نهاية 2022 عن دمج نحو 11 مليون مستفيد في هذه التغطية، وذلك بعد دمج هؤلاء على مراحل بدءا من الربع الأول من 2021.

وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أمام البرلمان المغربي الشهر الجاري إن الحكومة الحالية “نجحت بشكل غير مسبوق في إرساء لبنات تضامن مؤسسي إجباري سيساهم في توفير الحماية للجميع وصيانة حقوقهم، فضلا عن تيسير سبل الولوج إلى خدمات الرعاية الصحية في ظروف لائقة، بشكل يتضمن المساواة بين جميع المغاربة كيفما كانت وضعياتهم المادية والمهنية”.

وأضاف أن “الحكومة نجحت… وقبل انقضاء 2022، في تعميم وتوسيع خدمات التأمين الإجباري عن المرض لتمكين كل المغاربة على قدم المساواة من الاستفادة من خدمات تغطية صحية موحدة بغض النظر عن فئاتهم الاجتماعية أو المهنية”.

هل سيفتح فكرات الرئيس الجديد للقرض الفلاحي ملف القروض الكبرى التي استفاد منها أشخاص وشركات مقربة من مسؤولين نافذين؟

وقال إنه في عام واحد “انتقل العدد الإجمالي للمؤمنين من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من 7.8 مليون فرد إلى أزيد من 23.2 مليون”.

ويرى المحلل الاقتصادي رشيد أوراز أنه من السابق لأوانه التكهن بتأثير مشروع التغطية الصحية على الاقتصاد ككل في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية حاليا كما أن المشروع في بدايته.

وقال “للأسف الوضعية الاقتصادية صعبة، حتى قبل كوفيد، أما الآن بسبب كوفيد والحرب الروسية على أوكرانيا والجفاف وضعف النمو الاقتصادي، هذا كله أدى إلى تراجع أداء الاقتصاد، وبالتالي موارد الدولة”.

وارتفع معدل التضخم في 2022 إلى 6.6 بالمئة حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط من 3.2 بالمئة في عام 2021.

وتتوقع المندوبية نمو الاقتصاد 3.3 في المئة في 2023، من 1.3 بالمئة في 2022.

واعتبر أوراز أن “رداءة البنية التحتية ونقص الأطقم الطبية ستعيق إكمال هذا المشروع في الآجال المحددة”.

وأضاف” النجاح ليس مضمونا، لأن أغلب المشاريع الاجتماعية عادة ما تكون معرضة لمشاكل الفساد وسوء الحوكمة، حتى في البلدان الديمقراطية”.

واحتل المغرب المركز 87 عالميا من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2021 متراجعا بمرتبة واحدة عن عام 2020.

وقال أوراز “لا شك أن الوضع المؤسساتي الحالي سيعيق نجاح المشروع… هذه كلها تحديات كبيرة لمشروع الحماية الاجتماعية في المغرب”.

وبدا الخبير الاقتصادي محمد الشيكر أكثر تفاؤلا وقال لرويترز” حتى لو استفاد من التغطية الصحية شخص واحد فهذا مكسب مهم”.

وأضاف “الأمر يتعلق بالإنسان، كيفما كان العدد المستفيد من الحماية فهذا جيد، فالإنسان يجب أن يكون هو الهدف وليس الوسيلة”.

وقال إن “الدولة عبرت عن إرادتها”، لكن “المهم أن تصل الخدمات إلى جميع مناطق المغرب، فلا نتحدث هنا عن المدن الكبرى والرئيسية، بل يجب الوصول إلى المناطق النائية وأحزمة الفقر”.

يشار إلى أن مشروع القانون ينص على “معاقبة كل مؤمن له لم يقم خلال الآجال القانونية بأداء مبالغ الاشتراك للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بغرامة من 200 إلى 2000 درهم عن كل اشتراك لم يقم بدفعه”.