رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه ويحبط محاولة اليمين المتطرف الـ”مهووس”بالعداء تُجاه المغرب

0
326

أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الاثنين، أنه قرر البقاء على رأس الحكومة رغم “حملة التشهير” التي يتهم المعارضة اليمينية بشنّها، وكان آخر فصولها برأيه، فتح تحقيق قضائي بحق زوجته.

وقال رئيس الوزراء الاشتراكي الذي يتولى السلطة منذ العام 2018: “سأستمر” على رأس الحكومة.

وكان سانشيز، البالغ 52 عاماً، لزم الصمت منذ الإعلان، الأربعاء، عن فتح تحقيق قضائي في حق زوجته بشبهة “الفساد” و”استغلال النفوذ”، لكنه أكد، الإثنين، أنّه لن يستسلم رغم “حملة التشهير” التي يتهم المعارضة اليمينية بالوقوف ورائها.

والتقى سانشيز الملك فيليبي السادس، الاثنين، وهي خطوة ضرورية إذا قرر الاستقالة، لكنه أعلن في خطاب متلفز أنه أبلغ الملك بقراره الاستمرار. وقال إن الدعم واسع النطاق الذي لاقاه خلال مطلع الاسبوع شجعه على البقاء.

وقال في بث على التلفزيون الوطني: “لقد قررت الاستمرار رئيساً للوزراء، وبقوة أكبر إن أمكن. هذا ليس عملاً كالمعتاد، الأمور ستكون مختلفة”.

وقال: “بعد هذه الأيام من التفكير، أصبحت لدي أفكار واضحة”، متعهّداً مواصلة تحرّكه “بمزيد من القوة”. وأضاف: “سنُظهر للعالم كيف ندافع عن الديموقراطية”.

وفيما نفى الزعيم الاشتراكي، الذي يتولى السلطة منذ العام 2018 أيّ “حسابات سياسية”، فقد دافع مجدّداً عن زوجته التي قال إنّها تعرّضت لهجوم لأسباب سياسية فقط، وشدّد على أنّه “يجب أن نقول كفى.. وإلّا فإنّ تدهور الحياة العامّة سيديننا كدولة”.

وفاجأ رئيس الوزراء المنتمي ليسار الوسط خصومه وحلفائه على حد سواء عندما قال إنه سيعلق واجباته العامة “لبضعة أيام” ليقرر ما إذا كان يريد الاستمرار في رئاسة الحكومة.

صدم “سانشيز” إسبانيا، الأربعاء الماضي، بنشر رسالة أعلن فيها تعليق مهامه العامة 5 أيام، لدراسة إمكان استقالته من منصبه الذي استمر فيه منذ 2018، مضيفًا أنه سيكشف عن قراره اليوم الاثنين، بسبب ما كان يصفه بـ”عملية مضايقة وترهيب” يتعرض لها هو وزوجته من قبل خصومه السياسيين والإعلاميين، بحسب ما تشير صحيفة “الجارديان” البريطانية، ويأتي هذا التلويح في وقت حرج للغاية، إذ يسبق انتخابات إقليمية في كتالونيا بأسابيع قليلة، فضلًا عن الانتخابات البرلمانية الأوروبية، المقررة يونيو المقبل.

ولطالما كانت هذه الاستحقاقات الانتخابية محط تركيز كبير بالنسبة لسانشيز وحزبه الاشتراكي، إذ تُمثل اختبارًا حاسمًا لشعبيته وقدرته على الحفاظ على تحالفه الحكومي مع أحزاب اليسار الأخرى، في ظل استمرار الهجمات الضارية من قبل أحزاب اليمين المتشدد.

ووصف التحقيق الذي أجرته المحكمة مع زوجته بيجونا جوميز بتهمة استغلال النفوذ والفساد التجاري بأنه مدبر من قبل خصومه.

وتسبب إعلانه عن احتمال استقالته في مزيد من الاضطراب السياسي في إسبانيا التي شهدت معاناة البرلمان المنقسم لتشكيل حكومات ائتلافية بعد انتخابات ذات نتائج متقاربة.

وإذا اقتضت الحاجة إجراء انتخابات جديدة، فستكون رابع انتخابات تشهدها إسبانيا خلال خمس سنوات.

الأسبوع الماضي ، جدد وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، انتقاده للحزب الشعبي” بي.بي” المعارض بسبب استمراره في اتهام حكومة بيدرو سانشيز بالرضوخ لما يسميه بـ”تعسف المغرب”، في استمرار لسياسة اليمين المتطرف باستخدام هذه الورقة للمزايدة السياسية بعد فشله في تحقيق طموحاته في الانتخابات الأخيرة والتي أثبتت أن المزاج العام في أسبانيا يتواءم مع السياسية الخارجية للتقارب مع الرباط.

وقال ألباريس بأن الحزب الشعبي “مهووس” بالعداء تُجاه المغرب، وذلك خلال رده في البرلمان الإسباني على المتحدث باسم العلاقات الخارجية للحزب الشعبي، كرلوس فلوريانو، الذي اتهم الحكومة الإسبانية بالاستسلام وعدم اتخاذ أي تدابير تُجاه المغرب الذي يُمارس “التعسف” على مدينتي سبتة ومليلية بطرق مختلفة، من بينها رفض الرباط فتح الجمارك التجارية بالمعبرين الحدوديين.

وأكد الوزير الأسباني بأن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تسير في مستوى جيد، منتقدا “الهوس العدائي” الذي يكنه الحزب الشعبي في خرجاته المستمرة ضد المغرب، من أجل انتقاد الحكومة الإسبانية وتبخيس انجازاتها السياسية.

الانتخابات الأخيرة أظهرت أن موقف الإسبان من قضية الصحراء قد تغير بشكل كبير وأن حكومة سانشيز لم تكن معزولة شعبيا بقرارها الاستراتيجي

وكانت العلاقات المغربية – الإسبانية موضوعا رئيسا في الانتخابات المحلية، التي أعطت المرتبة الأولى للحزب الشعبي اليميني المعارض. فحسابات الأحزاب السياسية الإسبانية المعارضة أرادت إظهار حكومة بيدرو سانشيز عديمة المسؤولية عندما قررت دعم سيادة المغرب على صحرائه.

ولاحظ مراقبون أن الحزب الشعبي الإسباني الذي كان في السابق يركز على ضرورة بناء علاقات جيدة مع المغرب، أصبح في الفترة الأخيرة، وخاصة بعد فشله في تولي الحكومة أمام حزب العمال الاشتراكي بعد انتخابات 23 يوليو/تموز الماضي، ينهج سياسة عدائية تُجاه المغرب، يفوق فيها أحيانا العداء “المنهجي” الذي يمارسه حزب “فوكس” المنتمي لليمين المتطرف.

ودأب حزب “فوكس” على توظيف ورقة المغرب مع بداية كل استحقاق انتخابي للعزف على وتر معاداة المهاجرين وتحقيق مكاسب انتخابية، لكنه فشل في تحقيق مآربه بخسارة مدوية.

وعلى الرغم من النجاح الانتخابي الذي حققه الحزب الشعبي، إلا أنه كان على حساب حليفه الحزب اليميني المتطرف فوكس الذي خسر 19 مقعدا وأحزاب أخرى لا تمت بصلة إلى تحالف الأحزاب اليسارية، وهو ما دفع الكثير من المحللين الإسبان للحديث عن انتصار انتخابي لليمين المحافظ في طعم هزيمة سياسية، واستقرار انتخابي لتحالف سانشيز وتحقيق مكسب سياسي ثمين تمثل في إفشال طموحات المعارضة في تغيير وجهة إسبانيا وسياساتها الخارجية.

وأبرزت مخرجات الانتخابات الأخيرة 23 يوليو 2023، أن الحاسم الأكبر هو موضوع المغرب، أو إدارة العلاقة مع المغرب، والمقاربة التي ينبغي على مدريد تبنيها في إدارة سياستها الخارجية مع المغرب.

وأظهرت هذه الانتخابات، أن موقف الإسبان من قضية الصحراء قد تغير بشكل كبير، وأن حكومة بيدرو سانشيز لم تكن معزولة شعبيا بقرارها الاستراتيجي، وأن إسبانيا، أصبحت ترى نفسها، بل وترى مصالحها الاستراتيجية، في ظل الاستمرارية أكثر منها في ظل القطيعة، وأن ما يؤكد ذلك أن الأحزاب المتطرفة، في جهة اليسار لينت مواقفها فلم تتأثر مقاعدها، وفي جهة اليمين، تأثرت مقاعدها بشكل كبير بسبب الحساسية الشعبية التي أثارها عداؤها المفرط للمغرب.

وكان وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس، قد انتقد الحزب الشعبي في مارس/آذار الماضي، بأنه “مهووس بالعداء للمغرب”، وذلك في معرض جوابه على نائبة برلمانية تنتمي للحزب المذكور، في جلسة بالبرلمان نوقشت فيها العلاقات المغربية الإسبانية.

وحسب الصحافة الإسبانية أنذاك، فإن النائبة البرلمانية عن الحزب الشعبي، بيلار روخو، كانت قد وجهت سؤالا لألباريس، طالبت فيه معرفة تطورات خارطة الطريق الجديدة بين الرباط ومدريد، وجددت السؤال عما إذا كان المغرب اخترق هاتف رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، مما دفع ألباريس إلى اتهام الحزب الشعبي بأنه حزب أصبح مهووسا بالعداء للمملكة المغربية.

وأضاف ألباريس بأن الحزب الشعبي الإسباني “أدار ظهره” للمغرب تحت قيادة ألبيرتو نونييز فييخو، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه العلاقات مع بلد مثل المغرب جيدة، خاصة في ظل الروابط والشراكات العديدة التي تجمع بين البلدين.

وأوضح ألباريس، بأن قيمة العلاقات التجارية بين المغرب وإسبانيا تتجاوز 20 مليار يورو، كما أن المملكة المغربية تُعتبر ثالث شريك لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التعاون الثنائي الذي يجمع البلدين في قضايا مثل الهجرة ومكافحة الإرهاب.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية الإسباني، كان قد وجه في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي انتقادات حادة لأحزاب اليمين، بسبب استمرارها في الادلاء بتصريحات وخرجات معادية للمغرب، واستغلالها لبعض القضايا التي لم يتم حلها بعد بين مدريد والرباط، مثل قضية الجمارك التجارية بسبتة ومليلية، حيث اعتبر بشكل غير مباشر أن ذلك مزايدات سياسية.