مجلس المنافس..تسع شركات للمحروقات ترتكب مخالفات منافية لقواعد المنافسة في أسواق التموين والتخزين وتوزيع البنزين والغازوال

0
350

خبير اقتصادي : “ملف في الأصل سياسي أكثر منه اقتصادي، نظرا للحساسية السياسية المرتبطة بارتفاع التضخم وأسعار المحروقات”

الرباط – خلص مجلس المنافسة إلي ارتكاب تسع شركات عاملة في سوق المحروقات لمخالفات منافية لقواعد المنافسة في أسواق التموين والتخزين وتوزيع البنزين والغازوال.

وأشار المقرر العام للمجلس في بلاغ له اليوم الخميس الثالث من غشت، إلى أنه تطبيقا لأحكام المادة التاسعة التي تهم قانون حرية الأسعار والمنافسة، تم تبليغ مؤاخذات متعلقة بممارسات منافية للمنافسة إلي تسع شركات تنشط في الأسواق الوطنية للتموين والتخزين وتوزيع البنزين والغازوال، وكذا إلي جمعيتهم المهنية.

وأوضح أنه تبعا للعناصر والاستنتاجات التي توصلت إليها مصالح التحقيق التابعة للمجلس، إلي وجود حجج وقرائن تفيد ارتكاب تلك الشركات لأفعال منافية لقواعد المنافسة في تلك الأسواق، وهو ما يعتبر مخالفة صريحة لمقتضيات المادة السادسة من قانون حرية الأسعار والمنافسة”.

وتنص تلك المادة على أنه ” تحضر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها و أيا كان سببها، عندما يكون الغرض منها أو يمكن أن تترتب عليها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما “.

ويحدد ذلك القانون الحالات التي تكون فيها مخالفة لتلك المادة من القانون في أولا، الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشآت أخرى، و ثانيا، عرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها، و ثالثا حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني، و رابعا، تقسيم الأسواق أو مصادر التموين أو الصفقات العمومية.

ويأتي قرار المجلس في خضم ارتفاع في أسعار المحروقات منذ أشهر انعكس على أسعار العديد من المواد الأساسية الأخرى، وهو ما أثار ولا يزال جدلا ومطالب بتدخل الحكومة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

وأذكي ارتفاع أسعار المحروقات، خاصة السولار والبنزين في الثلاثة أعوام الأخيرة، مطالب عبّر أصحابها عن تطلعهم إلى أن يصدر مجلس المنافسة رأيه حول مدى امتثال شركات توزيع الوقود لقواعد المنافسة، وعدم لجوئها إلى اتفاقات منافية لقانون حرية الأسعار والمنافسة.

كانت لجنة برلمانية قد أنجزت مهمة استطلاعية حول وضعية سوق الوقود بعد التحرير، حيث جرى التأكيد عبر عدة تصريحات أن الأرباح التي حققتها تلك الشركات وصلت إلى 1.8 مليار دولار، وهي أرباح وصفت بـ”غير الأخلاقية”.

وفشلت حكومة رجل الأعمال في حل الأزمات المتعددة التي يتخبط فيها المواطن، وهو ما دفع بالأخير الى فقدان ثقته بها، إذ كشفت الارقام التي قدمتها المندوبية السامية المغربية للتخطيط في مذكرتها الأخيرة أن مؤشر ثقة الأسر تابع، خلال الفصل الرابع من سنة 2022، منحاه التنازلي ليصل لأدنى مستوى له منذ بداية البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر سنة 2008.

وكما تمت الإشارة إليه أعلاه، فإن حكومة أخانوش ومن وراءها همهم الأول والأخير الإغتناء أكثر وأكثر والإستمرار في جمع الأموال على حساب المواطن المغربي، دون ادنى مبالاة للقوانين والتشريعات التي تسير كل الدول في العالم، فكيف تنتظر من حكومة على رأسها أحد أكبر محتكري المحروقات ومشتقاته ورجالات جمع الأموال.

ويعيد التحقيق ملف المحروقات إلى الواجهة خاصة بعد أن أمر الملك محمد السادس، في أواخر يوليو 2020، بتشكيل لجنة للتحقيق في قرار لمجلس المنافسة يهم “التواطؤات المحتملة لشركات المحروقات وتجمع النفطيين بالمغرب”، على إثر توصله بمذكرتين من رئيس المجلس بشأن هذا القرار، ثم بورقة صادرة عن العديد من الأعضاء يبرزون من خلالها أن “تدبير هذا الملف اتسم بتجاوزات مسطرية وممارسات من طرف الرئيس مست جودة ونزاهة القرار”.

وفي مارس 2021، استقبل جلالة ملك محمد السادس أحمد رحو وعينه رئيسا لمجلس المنافسة، وأشار بلاغ للديوان الملكي حينها إلى أن هذا التعيين يأتي “بعد رفع تقرير اللجنة الخاصة المكلفة من قبل جلالة الملك بإجراء التحريات اللازمة، لتوضيح وضعية الارتباك الناجمة عن القرارات المتضاربة لمجلس المنافسة، بشأن مسألة وجود توافقات محتملة في قطاع المحروقات، الواردة في المذكرات المتباينة” التي رُفعت إلى الملك.

وشكل صدور المقتضيات القانونية الجديدة للمجلس إعادة فتح التحقيق والنظر مرة أخرى في ملف المحروقات بعد جدل منذ سنين خلت حول “غياب المنافسة والاحتكار”، مما يثير التساؤلات حول تداعيات هذا القرار وأهميته في حسم هذا الملف.

لعنة المصالح

وتعليقا على الموضوع، يرى الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز بالمغرب، الحسين اليماني، أن الإطار القانوني الجديد لمجلس المنافسة “يأتي بعد تغيير رئيسه لكن أمام أعضاء قدامى، رغم مطلب النقابة بأن تشمل التغييرات الأعضاء أيضا للمزيد من الحيادية والاستقلالية”.

ويتابع اليماني حديثه لـ”أصوات مغاربية” موضحا أن هذا الملف به “لعنة تضارب المصالح مع الحكومة ورئيسها بالدرجة الأولى”، متسائلا عن “كيفية بت أعضاء المجلس المعينين من الحكومة في ملف له علاقة بتضارب المصالح مع رئيس الحكومة باعتباره الفاعل الأول في قطاع المحروقات”.

وفي هذا الصدد، يدعو المسؤول النقابي إلى “تعجيل البت” في هذا الملف الذي يرجع تاريخ الشكاية التي أثارته إلى 2016 من طرف النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي و”عدم هدر المزيد من الوقت”، لافتا إلى أن “شبهة التفاهم حول أسعار المحروقات هي التي أدت إلى غلائها وأضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين”.

وينبه المتحدث ذاته إلى أن “التحقيق مهما كانت نتائجه ستكون له تداعيات على مصداقية مجلس المنافسة ومحاولة تنظيم السوق والقطع مع معاقل الاحتكار والتحكم في الأسعار”، مشيرا إلى أن المؤسسة “لديها دور تقريري لإصدار عقوبات على الشركات المخالفة للقانون بتغريمها بنسبة من رقم معاملاتها”.

بين السياسي والاقتصادي

ويعتقد الخبير الاقتصادي، محمد الشرقي، في تصريح صحفي سابق، أن التحقيق في توزيع المحروقات هو “ملف في الأصل سياسي أكثر منه اقتصادي، نظرا للحساسية السياسية المرتبطة بارتفاع التضخم وأسعار المحروقات”.

ويوضح الشرقي في هذا السياق أن ملف المحروقات بالمغرب “عرف خطأ بيع مصفاة سامير (المنشأة الوحيدة في البلاد لتكرير البترول) التي كانت لديها مراقبة مباشرة للإنتاج، والخطأ الثاني هو تحرير أسعار المحروقات في غياب إجراءات لحماية المستهلكين”.

ويبرز الخبير المغربي أن أزمة الحرب الروسية زادت من مشاكل القطاع لا سيما بعد توريد محروقات روسية إلى البلاد، قائلا إن ذلك “يصعب على الدولة وأي مؤسسة رسمية مراقبة قطاع المحروقات ومعرفة حيثياته في ظل وجود لوبيات ومصالح جهات مختلفة”.

ويستبعد الشرقي أن يصل التحقيق إلى نتائج تعكس واقع سوق المحروقات في المغرب بسبب تعدد شبكة الوسطاء والمضاربين بشكل واسع لدرجة قد تنعدم فيها سبل ترابطها، مستدركا “إلا أن التحقيق يبقى في النهاية مفيدا كدرس لاتخاذ إجراءات أخرى مستقبلا حتى لا يستمر هذا الوضع في القطاع”.