وزير التجهيز والماء “عاجزا” أمام أزمة العطش التي تستبد بملايين المغاربة..تبخر 821 مليون متر مكعب من الماء بسبب درجات الحرارة

0
477

كان من باب أولى أن تعمل ،سيدي الوزير المحترم، على تفادي هدر ما بين 500 إلى 800 مليون متر مكعب من المياه تصب في البحر من دون الاستفادة منها، والعمل على استثمارها في المناطق الأكثر حاجة إلى ماء الشرب أو الزراعة.

وسط تفاقم العجز المائي بفعل توالي سنوات الجفاف، ما يهدد بقطع الماء الصالح للشرب عن مدن مغربية، يقف وزير التجهيز والماء “عاجزا” أمام أزمة العطش التي تستبد بملايين المغاربة، حيث تكاد تكون حصيلة الوزير الاستقلالي “صفرية” على هذا المستوى، اللهم إذا استثنينا مشروع إنجاز الشطر الاستعجالي من مشروع الربط البيني بين أحواض سبو وأبي رقراق، الذي تم بإشراف مباشر من رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

 جدّد نزار بركة وزير التجهيز والماء التأكيد  نفس كلاتمه مرة أخرى ، بأن المغرب يعرف وضعية مائية صعبة، مشيرا أن التغيرات المناخية أصحبت واقعا معاشا.

كلام نسمعه منذ صيف العام الماضي ما العمل سعادة الوزير؟؟!

وأضاف بركة في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، أن المغرب من بين الدول التي ستعاني أكثر من التغيرات المناخية، ذلك أنه في السنتين الأخيرتين، عرف مستوى درجات الحرارة ارتفاعا بدرجتين، وهي نسبة عالية مقارنة بالمعدل الدولي.

وأشار أن معدل تبخر مياه السدود بلغ مليون و 500 ألف متر مكعب في اليوم، إضافة إلى تراجع الواردات المائية السنوية، التي كانت تصل إلى 11.5 مليار ما بين 1945 و 2023، والذي تراجع إلى 7 مليار درهم ما بين العشر سنوات الأخيرة، ووصل انخفاضه ما بين 2017 إلى 2023 إلى 5 مليار و 200 مليون متر مكعب.

” القادم أسوأ!”.. تحذيرات من الملياردير “أخنوش” رئيس الحكومة فماذا سيحدث؟..خبراء “800 مليون متر مكعب من المياه تصب في البحر”؟!

وتابع ” في الثلاث سنوات الأخيرة معدل الواردات المائية لن يتجاوز 3 مليار متر مكعب، والأدهى من ذلك أنه منذ شهر شتنبر إلى اليوم لم تتجاوز الواردات المائية 500 مليون متر مكعب، بتراجع يصل إلى 67 في المائة”.

وأكد بركة أن هذا التراجع هم كل الأحواض المائية، فالبنسبة لحوض اللوكوس لم تتجاوز واراداته المائية 23 مليون متر مكعب، وحوض سبو لم تدخله كواردات مائية سوى 90 مليون متر مكعب مقارنة ب 700 مليون متر مكعب التي كانت في الماضي.

وأبرز أن سد الوحدة وهو من أكبر الخزانات المائية في المغرب فكانت واراداته المائية تصل في هذه الفترة بالعادة 400 مليون متر مكعب، دخلته فقط 11 مليون متر مكعب، في تراجع يتراوح ما بين 60 إلى 90 في المائة.

ولفت بركة إلى أن نسبة ملء السدود تراجعت من31.5 في المائة إلى 23.3 في المائة، مشددا في ذات الوقت أن إشكالية الماء مطروحة بشدة لأن هوامش التدخل تراجعت.

وأوضح أن الفرشة المائية أيضا تراجعت، فعل سبيل المثال الفرشة المائية بتادلة تراجعت بخمسة أمتار، وفي سوس بأربعة أمتار، برشيد بثلاثة أمتار، وفي اشتوكة بمتر ونصف، وسبب هذا التراجع يعود إلى الاستغلال المكثف.

وتحدث بركة أيضا عن إشكالية توحل السدود، مشيرا أن تشكل هي الأخرى إكراها حقيقيا، لأن التوحل يصل إلى ما بين 17 إلى 15 مترا في السنة.

وشدد على أن هذه الوضعية هي التي دفعت إلى التركيز على المياه غير الاعتيادية، وبالتالي التركيز على تحلية مياه البحر وعلى إعادة استعمال المياه العادمة، وإيقاف التبذير وتحسين مردودية المياه، والربط بين الأحواض المائية.

ورغم مرور سنة على الخطاب الملكي في افتتاح السنة التشريعية 2023 – 2022، الذي دعا فيه الملك محمد السادس إلى أخذ إشكالية الماء بالجدية اللازمة عبر القطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، إلا أن بركة آثر أن يُدخل عددا من المشاريع المائية إلى قاعة الانتظار، معلقا فشله في إخراجها على “شماعة” الحكومات السابقة.

وإلى جانب إشكالات في صفقات تحلية المياه، وإضافة إلى برنامج معالجة المياه العادمة من أجل تعبئة إمكانيات أخرى في مجال المياه، هناك بطء كبير في وتيرة إنجاز السدود الكبيرة،  علاوة على تأخر “غير مفهوم” في وضع برنامج للاقتصاد في الماء والنجاعة المائية من خلال تحسين المردودية والتوجه الكلي نحو التنقيط بالنسبة للزراعة والفلاحة، وأيضا في وضع برنامج للحفاظ على المياه الجوفية.

وباعتراف وزير التجهيز والماء، يدخل المغرب أزمة غير مسبوقة في ندرة المياه بفعل الهدر الكبير لإمكاناته والاستغلال المفرط للفرشة المائية، وما يفاقم الوضع هو ما تتعرض له القنوات المائية من عمليات السرقة والضياع، وهو ما يضع المملكة في “وضعية مقلقة” بخصوص ندرة المياه حيث لم تتعد نسبة ملء السدود هذه السنة 23 بالمئة.

وكان التقرير الصادر عن الأكاديمية العالمية التابعة للرابطة الدولية لمعينات الملاحة البحرية، التي يدرس علماؤها العلاقة بين الظواهر المناخية المتطرّفة وتغيّر المناخ، قد أكّد أنّ درجة الحرارة غير العادية في المغرب “لم تكن لتحصل لولا تغيّر المناخ الناتج من الأنشطة البشرية”، مشيرة إلى أنّه خلال موجة الحر المبكرة الاستثنائية سجّلت “درجات حرارة محلية أعلى من المعتاد بمقدار 20 درجة مئوية، وكسرت المعدلات القياسية بما يصل إلى 6 درجات”، وهي درجات شبه مستحيلة من دون التغيّر المناخي الذي تنتجه الأنشطة البشرية.

وسجّلت المملكة درجات حرارة قياسية مع أكثر من 49 درجة مئوية في بعض المناطق في شهر آب (أغسطس) الماضي، ليكرّس ذلك حقيقة أنّ المغرب يمر في أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود، والوضع مرشح للأسوأ تدريجياً في أفق العام 2050، بفعل تراجع الأمطار (-11 في المئة) وارتفاع سنوي للحرارة (+1,3 درجات)، وفق تقديرات وزارة الفلاحة المغربية.

يمكن استخدام الخزانات أمام السدود لتخزين أكثر من 50% من المياه اللازمة للري

وأكّد الخبير البيئي ورئيس “جمعية مغرب أصدقاء البيئة” محمد بنعبو، أنّ واقع ندرة المياه والإجهاد المائي، والجفاف المستمر منذ ستّة أعوام، فضلاً عن الارتفاع غير المسبوق لدرجة الحرارة في المغرب، أثّرت بوضوح على كل مناحي الحياة في البلد، خصوصاً في القطاعات الأساسية التي يقوم عليها اقتصاد المغرب، وعلى رأسها القطاع الزراعي الذي يستنزف حوالى 87 في المئة من المياه، ما أثّر بشكل مباشر على محاصيل عدد من المزروعات.

وأوضح الخبير البيئي في تصريح صحفي سابق، أنّ موجات الحر القياسية الأخيرة التي شهدتها المملكة، وفي مقدّمها جهة سوس وسط البلاد وأكبر منطقة زراعية بتسجيلها 50 درجة حرارة، إلى الرباط ومنطقة الغرب والنواصر، حيث فاقت الحرارة 47 درجة مئوية، أثّرت سلباً على محاصيل هذه المناطق، سواء الموجّهة إلى التصدير أو تلك الموجّهة إلى السوق الوطنية.

توجيه ملكي وخطط حكومية طارئة

وفي ظلّ موجة الجفاف الحاد التي ضربت المغرب، حضّ الملك محمد السادس الحكومة المغربية مراراً، على ضرورة التعامل بجدّية في مواجهة “الإجهاد المائي الهيكلي” الذي تعانيه المملكة، و”أخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدّية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول”.

وعلى إثر ذلك، أعلنت الحكومة إطلاق خطة وطنية للتخفيف من آثار تأخّر المتساقطات المطرية، والحدّ من تأثير ذلك على النشاط الفلاحي، وتقديم المساعدة للفلاحين ومربي الماشية المعنيين، من خلال تخصيص 10 مليارات درهم (حوالى مليار دولار) لتمويل برنامج استثنائي للتخفيف من آثار تأخّر تساقط الأمطار وندرة المياه.

وتهدف هذه الخطة إلى مواجهة آثار الجفاف، من خلال حماية رأس المال الحيواني والنباتي وإدارة نقص المياه، وتخفيف الأعباء المالية على المزارعين، وضمان التأمين الزراعي، وكذلك تمويل تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية، إلى جانب تمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال السقي.

ووضعت وزارة التجهيز والماء، من جانبها، خطة من أجل تجاوز تداعيات الجفاف ومشكلة ندرة المياه بشكل عام، من خلال تسريع أعمال تزويد المراكز القروية انطلاقاً من منظومات مائية مستدامة، في إطار المخطط الوطني للتزويد بمياه الشرب والسقي (2020-2027)، وتقوية عمليات استكشاف موارد مائية إضافية، خصوصاً عبر إنجاز أثقاب لاستغلال المياه الجوفية، إلى جانب الاقتصاد في استعمال الماء والحدّ من الهدر، خصوصاً بقنوات الجرّ والتوزيع.

ووفق الخطة المذكورة، ستعمل الوزارة الوصية على مباشرة حملات توعية واسعة النطاق لإقرار التعامل العقلاني مع الموارد المائية، وتزويد المراكز و”الدواوير” التي تعاني من شح الموارد المائية والبعيدة عن المنظومات المائية المهيكلة عن طريق شاحنات صهريجية، وإيقاف سقي المساحات الخضراء بواسطة مياه الشرب، واللجوء إلى استعمال المياه العادمة المعالجة حال توفّرها، إذ خصّصت موازنة تقدّر بـ 1153 مليون درهم (حوالى 120 مليون دولار)، من أجل تمويل برنامج استعجالي تكميلي، يهمّ بإنجاز سدود كبيرة وسدود صغرى، وتأجير وشراء شاحنات صهريجية، وتثبيت محطّات متنقلة لتحلية مياه البحر والمياه العادمة.

ويضاف ذلك كله إلى برنامج الغيث، الذي يهدف إلى رفع نسبة الأمطار أو الثلوج، باستعمال تقنية تلقيح السحب، وباستعمال مواد كيميائية غير ضارّة بالبيئة مثل “يودير الفضة” بالنسبة للسحب الباردة (-5 درجات) “وملح كلورير الصوديوم” بالنسبة للسحب الدافئة.