“أوكسفام” البطالة في تزايد “مقلق” وسوق الشغل بالمغرب غير متكافئ جذرياً ويهمش النساء والشباب !!؟

0
224

عرف المغرب في السنتين الأخيرتين، مجموعة من الحركات الاحتجاجية، أغلبها قادها شبان عاطلون عن العمل. من بين مطالب أخرى عديدة، كان الحصول على فرص شغل أهم المطالب. فالمعدلات التي تسجلها البطالة في المغرب، خصوصا في صفوف حملة الشواهد العليا، تعد وفق عدد من المراقبين “مقلقة”، وتنذر بزعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد.

في هذا الصدد ، كشفت دراسة حديثة لمنظمة “أوكسفام المغرب” أن سوق الشغل بالمغرب غير متكافئ جذريا، ويهمش النساء والشباب، كما أنه يتصف بهشاشة قوية ارتباطا مع هيمنة القطاع غير المنظم.

وأكدت الدراسة التي نشرت الأربعاء، أن الشباب المغربي يعاني من تفشي البطالة في صفوفه، خاصة في الوسط الحضري، وهي المعدلات التي تشهد ارتفاعا في السنوات الأخيرة، في ظل عدم كفاية المناصب المحدثة للأعداد المتزايدة.

كما سجلت ، أن معدل البطالة وسط الشباب الذين يتراوح عمرهم ما بين 15 و24 سنة، وصل إلى 24 ٪ خلال سنة 2019، ويسير في اتجاه تصاعدي، بل إن معدل البطالة وسط هذه الفئة من الشباب بالحواضر يفوق بنحو 3 إلى 4 مرات أضعاف نظيره بين سكان المغرب.

ولا يختلف الحال وسط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة، حيث تتميز هذه الفئة بمستوى بطالة أعلى من نظيره في صفوف بقية الفئات السكانية، بمعدل 15 ٪، وهو المعدل الذي يرتفع إلى 20 ٪ بالوسط الحضري.

ولفتت هبة الخمال، مسؤولة برنامج العدالة الاقتصادية والبيئية أن “التأثير الفوري لأزمة كوفيد 19 على سوق الشغل المغربي، فاقم نقاط ضعفه الموجودة سلفا. إن فقدان مناصب الشغل فضلا عن تلك التي لم تحدث أصلا، يسهم في الرفع من انعدام النشاط الواسع، وبالتالي من البطالة، ومن ثم فإن الأحوال المعيشية لعدد كبير من المغاربة، يفترض بذلك أن تكون قد تدهورت”.

وتوقفت أوكسفام في دراستها على كون مناصب الشغل التي يتم إحداثها، غير كافية لاستيعاب تزايد عدد السكان البالغين سن العمل، ما جعل أعداد العاطلين تتفاقم كل سنة خلال العقدين الماضيين.

وأوضحت الدراسة، أن استيعاب جميع السكان البالغين سن العمل وغير المتمدرسين، ما بين سنة 2000 و2020 كان يفترض إحداث حوالي 280 ألف منصب شغل كمتوسط سنوي، والحال أنه لم يتم إحداث سوى 900 ألف منصب فقط طوال عقدين.

وبخصوص ولوج النساء لسوق الشغل، فقد رصدت الدراسة أن المغربيات لا يزلن ممثلات بشكل مرتفع في القطاعات التي تعرف ظروف عمل هشة وصعبة، وعلى رأسها الفلاحة والعمل المنزلي والنسيج، والاقتصاد غير المنظم بصفة عامة، كما أن النساء في المجمل، ومهما كان مستواهن التعليمي، يجدن صعوبة أكبر من الرجال في الحصول على وظيفة بمستوى تعليمي مماثل.

وقال عبد الجليل لعروسي مسؤول الترافع والحملات بأوكسفام” في المغرب، انغلق نصف النافذة الديموغرافية ولم يحسن البلد الاستفادة من هذه الفرصة، فعلا، فأوجه القصور في سوق الشغل هامة للغاية، إلى حد أنه لا يمكنها أن تؤدي إلى نمو سريع ومستدام للناتج الداخلي الخام للفرد، لإدماج أشد فئات السكان ضعفا”،

وأكدت الدراسة على ضرورة اتخاذ تدابير قوية وعاجلة، تفرض نفسها للتصدي لأزمة عدم المساواة والحيف الاجتماعي.

وأوصت بحماية العمل، خاصة بالنسبة للمقاولات المتوسطة والصغرى والصغرى جدا، من خلال مخطط يستهدف أولا الشباب والنساء، عبر وضع مخطط لهيكلة النشاط الاقتصادي، ومرونة الإجراءات الإدارية، ومعاملات ضريبية تفضيلية للشركات التي تشغل الشباب بعقود غير محددة، وغيرها من التدابير.

ومقابل ترحيبها وتشجيعها لورش الحماية الاجتماعية، اعتبرت أوكسفام أن هذا الإصلاح يجب أن يكون وسيلة للحد من الفوارق بين النساء والرجال، مشيرة إلى أن فصل إمكانية الحصول على التغطية الاجتماعية عن العمل أن يساعد على تحسين الظروف المعيشية للمغربيات.

ودعت أوكسفام إلى الاستثمار في إمكانية توظيف الشباب من خلال الدفع بتدابير مثل تحسين نوعية التدريب بعد البكالوريا، بتقريبهم من حاجيات القطاع الخاص وبمضاعفة التداريب المؤدى عنها.

وسجلت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب إن معدل البطالة تراجع في الربع الثالث 2021 إلى 11.8% من 12.7% في الربع المناظر من العام الماضي 2020.

هذا وتراجع حجم العاطلين عن العمل بـ 35 ألف شخص ما بين الفصل الثالث من 2020، ونفس الفصل من 2021، حيث انتقل عددهم من 1.482 مليون عاطل عن العمل إلى 1.447 مليون، وهو ما يعادل انخفاض بـ %2.

ويترقب صندوق النقد أن يصل معدل البطالة في العام الحالي إلى 10.5 في المائة، بعدما بلغ 11.9 في المائة في العام الماضي، حيث كان الاقتصاد تحت تأثير تداعيات الجائحة والجفاف، وتم فقد 432 ألف فرص عمل، ما رفع عدد العاطلين إلى 1.43 مليون عاطل.

وارتفع عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية بمقدار 128 ألفا، ليبلغ إجمالي عددهم على المستوى الوطني إلى مليون و605 آلاف.

وبحسب البيان، زاد معدل البطالة في الوسط الحضري من 15.6 بالمئة في الربع الثاني 2020، إلى 18.2 بالمئة خلال الربع الماضي.

بينما تراجعت بطالة الأرياف إلى 4.8 بالمئة نزولا من 7.2 بالمئة على أساس سنوي؛ كما بلغت بطالة الشباب في سن 15 – 24 عاما إلى 30.8 بالمئة.

وفقدت سوق العمل المغربية 589 ألف فرصة عمل خلال 2020، بعدما استحدث 64 ألف فرصة عمل سنويا، خلال الأعوام الثلاثة التي سبقت انتشار الجائحة.

وجاء هذا الانخفاض نتيجة تراجع عدد العاطلين عن العمل بـ 60 شخص بالوسط القروي وتزايده بـ 25 ألف شخص بالوسط الحضري.

ويُفترض تشجيع مشاريع البنيات التحتية، وإعطاء الأولوية للشركات التي توفر فرص عمل، بالموازاة مع إعادة النظر في تمويل المشاريع، وفق تصور خبراء.

ويشدد خبراء على أنه يتوجب من أجل تمويل المشاريع إضفاء نوع من الشفافية على تدخلات المصارف، بالموازاة مع حملها على التقليص من الشروط والضمانات التي تطلبها من المستثمرين من أجل منح القروض. وقرر المغرب توسيع مجال الاستفادة من نظام الأفضلية الوطنية، حيث تم إلزام أصحاب المشاريع بمنح الأفضلية للعروض المقدمة من قبل الشركات الوطنية والتعاونيات واتحاد التعاونيات والمقاول الذاتي، ما من شأنه يساعد في الحفاظ على فرص عمل وإحداث أخرى.

ويتصور خبراء أن تدارك عدد فرص العمل المفتقدة في العام الماضي، يبقى رهينا بانتعاش القطاعات التي عانت من الجائحة مثل السياحة والمهن المرتبطة بها والأنشطة التي ترتبط بتنقل السكان، بالإضافة إلى فتح الحدود ونتائج عملية التلقيح.

وكان المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، ذهب إلى أن عدد فرص العمل المفتقدة في العام الماضي، لا يمكن تداركه سوى بعد عامين أو ثلاثة أعوام، علما أن سوق العمل يعرف حلول 300 ألف باحث عن الشغل سنويا.

ويبقى خلق فرص العمل رهينا بتفعيل التدابير التي جاءت في إطار خطة التعافي التي قدرت بـ13 مليار دولار، حيث تم تأسيس صندوق استثمار يعمد إلى ضمان قروض الشركات، زيادة على عقود البرامج التي أبرمت مع بعض القطاعات من أجل مواكبتها ودعم العاملين في تلك التي مازالت تعاني من تداعيات الجائحة مثل السياحة.

هذا وكانت المغرب قد توقع في مسودة موازنة العام 2022 زيادة قدرها 9% في إجمالي الإنفاق إلى 57 مليار دولار.

لاحظ التقرير، أن التحول الهيكلي بطيء في المغرب، وفقد قطاع الزراعة فرص عمل، في حين أن الصناعة لا تستوعب العمال، بالإضافة إلى عدم ارتفاع حصة الخدمات بسرعة في سوق العمل. ويفيد البنك الدولي بأن سوق العمل يعرف إقصاء الشباب والنساء، فحوالي ثلث الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، لا يعملون ولا يدرسون ولا يخضعون لتدريب فني، ما يعني أن هناك عددا كبيرا من غير النشيطين أمسكوا عن البحث عن شغل.

وساهمت الجائحة في تعميق هذه الوضعية، حيث تراجع الطلب وأقفلت شركات، ما أفضى إلى حذف فرص عمل أو تهديدها، فقد كفّت 60 في المائة منذ إبريل/نيسان من العام الماضي عن ممارسة نشاطها مؤقتا أو بصفة دائمة، قبل أن يعود جزء منها بعد رفع تدابير الحجر الصحي، حسب تقارير رسمية.

وإذا كان الاتحاد العام لمقاولات المغرب يعتبر أن الظرفية الحالية مواتية لاتخاذ تدابير لإدماج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي، فإن المندوب السامي في التخطيط، يعتبر أن الأزمة الحالية لا تفرض معالجة المشاكل الهيكلية للاقتصاد الوطني، بل هي لحظة للإنقاذ.

ويتجلى وزن القطاع غير الرسمي بالنظر لفرص العمل التي يوفرها، حسب ما تشير إليه بيانات المندوبية السامية للتخطيط، عن أن العاملين في القطاع يمثلون 37 في المائة من العمالة النشيطة غير الزراعية.