البحرية المغربية تعترض 190 مهاجرا عند السواحل بين طانطان والداخلة..أكثر من 80 % من المغاربة يرغبون في الهجرة

0
472

قرى ومدن في المغرب هجرها شبابها ولم يبق سوى عجائزها وأطفالها وبناتها، مناطق في الداخل أصبحت منفرة للشباب الذين اختاروا المجازفة بأرواحهم وبأرزاق عائلاتهم والهروب أو كما يقال في تونس “الحركة” براً وبحراً وجواً إلى القارة الأوروبية بحثاً عن “الجنة الموعودة”.

من بين أسباب رغبة فئة كبيرة من المغاربة في الهجرة، يعود إلى كون “النموذج التنموي” المغربي وصل إلى حده الأقصى ولم يعد في مقدوره الانعكاس إيجاباً على التنمية بالمجتمع.

أوقفت البحرية المغربية، الثلاثاء، 190 مهاجرا غير نظامي عند السواحل الجنوبية للمحيط الأطلسي بين طانطان والداخلة (الصحراء المغربية)، كانوا يحاولون الوصول في قوارب إلى جزر الكناري الإسبانية، وفق ما أفاد مصدر عسكري.

ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن الأخير قوله إن “وحدات للبحرية الملكية وعناصر مكلفة بمراقبة الساحل اعترضت، اليوم الثلاثاء، في المياه الإقليمية جنوب المملكة ما بين طانطان والداخلة قوارب كانت تقل ما مجموعه 190 مرشحا للهجرة غير الشرعية”.

وأوضح أنهم يتحدرون جميعا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن من بينهم 11 امرأة.

وأكد المصدر أن جميع الموقوفين “تلقوا الإسعافات الضرورية وتم نقلهم سالمين إلى الموانئ الوطنية القريبة، قبل تسليمهم للدرك الملكي للقيام بالإجراءات الإدارية الجاري بها العمل”.

وتشمل هذه الإجراءات غالبا تحديد هويات الموقوفين، فيما أعلن مؤخرا عن ترحيل مهاجرين سنغاليين بالتنسيق مع السلطات المغربية.

وتعلن الأخيرة بانتظام في الفترة الأخيرة اعتراض قوارب مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء وصلوا إلى السواحل المغربية، فاق عددهم 500 شخص منذ الثامن من أغسطس، وفق معطيات رسمية.

ومنذ بداية الصيف، شهد طريق الهجرة الى جزر الكناري، بوابة أوروبا في المحيط الأطلسي، زيادة ملحوظة في محاولات العبور من سواحل شمال غرب إفريقيا.

لكنه يظل طريقا خطيرا بسبب التيارات المائية القوية. وتبلغ منظمات غير حكومية بانتظام عن غرق مراكب مهاجرين بالمياه المغربية والإسبانية أو الدولية في هذا الطريق.

ووفق الدراسة التي أعدها “المرصد المغربي للتنمية البشرية” بالشراكة مع برنامج “الأمم المتحدة الإنمائي”، فإن 7 من أصل 10 شبان مغاربة تُغريهم الهجرة إلى الخارج، وأن 83 في المئة منهم غير راضين عن حياتهم.

الدراسة التي حملت عنوان “أن تكون شاباً في المغرب خلال الوقت الحالي”، كشفت أن 73 في المئة من الشباب الذين شمِلتهم الدراسة يُفكرون في الهجرة لأسباب اقتصادية، فيما توقع 68 في المئة منهم سعادة أكبر إن هُم هاجروا بلادهم.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعدّاه إلى هجرة شباب مُكونين على مستوى رفيع في مجموعة من القطاعات كالأطباء والمهندسين والتقنيين.

وكشف وزير التعليم العالي المغربي، عبد اللطيف ميراوي، عن أن عدد الأطباء الذين يتخرجون سنوياً في المغرب يصل إلى 1400 طبيب، “نِصفهم يهاجر إلى أوروبا”، مبرزاً أن “الدول الأوروبية ترحب باستقدام الأطباء المغاربة المتخرجين، بدليل أن ألمانيا علقت منح التأشيرة لجميع الوافدين خلال الجائحة باستثناء الطلبة الأطباء المغاربة”.

وكشفت أرقام وُصفت بالصادمة، تضمنها تقرير “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” (مؤسسة رسمية)، أنه مقابل 23 ألف طبيب مغربي يمارسون مهنتهم في البلاد، يوجد ما بين عشرة آلاف و14 ألف طبيب مغربي يمارسونها في الخارج، بخاصة في الدول الأوروبية.

من وجهة نظر الخبير الاقتصادي المغربي علي الغنبوري، فإن أسباب رغبة فئة كبيرة من المغاربة في الهجرة، يعود إلى كون “النموذج التنموي” المغربي وصل إلى حده الأقصى ولم يعد في مقدوره الانعكاس إيجاباً على التنمية بالمجتمع، وبالتالي لم يعد يسمح للمغرب أن يكون تنافسياً في مجموعة من القطاعات وعلى رأسها الموارد البشرية؛ لافتاً إلى أن المغرب يعيش على وقع هجرة شبابه من جميع المجالات، أطباء ومهندسين وتقنيين ومنتمين إلى مجموعة من القطاعات الاستراتيجية بالمغرب، ذلك أن الموارد البشرية المغربية لم تعد تتوقع أنها ستقوم بتحقيق طموحاتها في بلادها.

وأبرز الغنبوري في تصريحات إعلامية، أن المؤسسة الملكية في المغرب، كان لها من الوعي الكافي ما جعلها تسير نحو تغيير “النموذج التنموي” القديم وجعله أكثر قدرة على الإبقاء على الكفاءات المغربية في أرض الوطن والانفتاح على كفاءات مغاربة الخارج لإدماجهم والمساهمة في إنجاح المسلسل التنموي في بلادهم. وهو ما تم فعلاً حين جرى اعتماد نموذج تنموي جديد وبلورة إصلاحات استراتيجية في مجموعة من القطاعات كورش الحماية الاجتماعية وإصلاح المنظومة الصحية الذي لا يهتم بإصلاح البنايات وتطوير كل ما يتعلق بالعرض الصحي فقط، ولكنه يهدف إلى تطوير ما يتعلق بالموارد البشرية وهو أهم إصلاح، وجعل القطاع الصحي في المغرب يستقطب الكفاءات ويبقي عليها في بلادها، بل واستقطاب الكفاءات خلال السنوات القليلة القادمة، مشيراً إلى أن تعزيز تنافسية القطاع الصحي سيجعل الموارد البشرية قادرة على تحقيق طموحاتها والعمل في بيئة سليمة.

وخلُص الخبير المغربي إلى أن سبب هجرة الكفاءات والطاقات المغربية المنتمية إلى مجموعة من القطاعات الاستراتيجية في المغرب، يعود إلى “النموذج التنموي” السابق الذي وصل إلى أقصى ما يمكن أن يحققه، وكان من الضروري تغييره وهو ما حصل فعلاً لتنطلق مجموعة من الأوراش التي عملت وستعمل على تسريع التنمية وخلق اقتصاد صاعد سينعكس إيجاباً على الوضعية الاجتماعية للمغاربة وعلى الموارد البشرية للمغرب ويجعل من المملكة بلد استقطاب للكفاءات وليس تصديرها.