لم تكن المرة الأولى التي تحضر محاولات الجزائر للإساءة للمملكة المغربية الشريفة، فكررت المكرر، وأعادت المساعي الفاشلة، والهدف واحد: استعداء المملكة واستهدافها والتحريض ضدها، بتصريحات غير مسؤولة ومعتادة من نظام متهم أساساً بدعم العنف والإرهاب، ومحاولة تضليل مواطنيه قبل الآخرين، والتخفي خلف رداء ديمقراطية ثبت للعالم أنها زائفة، وانتهاكاتها أكثر من ممارساتها.
وفي أول تعليق جزائري على تعيين دي ميستورا مبعوثا جديدا للصحراء المغربية، قالت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها اليوم الخميس ، إن الجزائر تحيط علماً بإهتمامها بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين دي ميستورا، ضربة قاصمة جديدة لأحلام وحسابات الرئيس الجزائري وجماعته الانفصالية المسلحة (بوليساريو )”.
وأعلنت الجزائر من خلال المتحدث الرسمي باسم وزارة خارجيتها أنها “تسجل باهتمام” تعيين دي ميستورا، ودعت إلى انسحاب القوات التي نشرها المغرب نهاية 2020 في منطقة الكركرات العازلة في أقصى جنوب المملكة المغربية، بعدما قطعت مجموعة من مليشيات الانفصاليين “البوليساريو” المدعومة من النظام الجزائري الطريق الوحيد المؤدي إلى موريتانيا والمدخل الرئيسي لأفريقيا التي تنافس الجزائر المغرب عليها.
كما أكد المتحدث باسم الخارجية الجزائرية وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية أن “تجريد هذه المنطقة من السلاح… يشكل حجر الأساس في أي عملية سياسية ذات مصداقية تهدف إلى إيجاد حل سلمي للنزاع”، وأن الجزائر تدعم جهود الأمم المتحدة، معربا عن الأمل في أن تقود تسمية مبعوث جديد إلى “الاستئناف الفعلي والجاد للمفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع، المملكة المغربية وما يسمى بجبهة البوليساريو”.
خطوة النظام الجزائري غير مبررة وغير منطقية، وقال إن دعوة انسحاب القوات المغربية من الحدود الجنوبية للمملكة جاء على أساس “ذرائع زائفة بل وعبثية”.
وكان السفير المغربي في الأمم المتحدة، عمر هلال، قد دعا خلال اجتماع دول عدم الانحياز يومي 13 و14 يوليو الجاري، إلى “استقلال شعب القبائل” في الجزائر، وفق ما نقلت وسائل إعلام مغربية.
أثناء حضوره اجتماع مجموعة الـ24 لمنطقة الكاريبي على رأس الوفد المغربي، شدد سفير المملكة المغربية الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، على أنّ الجزائر “لم تكن أبداً مجرد مراقب في قضية الصحراء المغربية”، بل أنها “كانت منذ البداية طرفاً فاعلاً في هذا النزاع”.
قال ذلك مترافعاً باسم بلاده أمام المجموعة الإقليمية، حيث تساءل هلال بالقول: “هل هناك أيّ إقليم أو بلد مدعو إلى هذه الندوة لهما جار معادٍ يفرض عليهما نزاعاً مسلحاً منذ عقود ويهاجمهما من جماعة انفصالية مسلحة دخيلة؟ الجواب لا. وحدها الجزائر مسؤولة عن هذا الخلل الفريد والخطير للغاية في ما يتعلق بالمغرب وصحرائه”.
وأردف السفير المغربي بأنّ “الحقّ في تقرير المصير مبدأ عالمي ومبدأ أممي، ويجب أن يُوظّف دون انتقائية ويجب أن يستفيد منه جميع السكان، وخاصة أولئك الذين كانوا تحت احتلال منذ عقود”. مضيفاً في ذات السياق أنّ “الجزائر التي لا تفتأ تطالب بما تزعم أنه تطبيق حق تقرير المصير في الصحراء المغربية، تنسى أنّ هناك سكاناً على ترابها يطالبون بتمكينهم من الاستفادة من الحق في تقرير المصير”. في إشارة إلى الحركة الأمازيغية “الماك” المطالبة بتقرير مصير المنطقة المحتلة.
في المقابل ، يرى خبراء مغاربة أن حق تقرير المصير هو مبدأ لا يتجزأ و”رفض الجزائر للمذكرة الرسمية التي قدمها المغرب خلال المناقشة الوزارية العامة في اجتماع حركة عدم الانحياز هو تعبير واضح عن ازدواجية الخطاب التي تتعامل بها الجزائر، فهي داعمة لجبهة البوليساريو لكنها ترفض إبداء المغرب لموقفه الداعم لاستقلال منطقة القبايل”.
وكانت السلطات الجزائرية، صنفت قبل أشهر من الانتخابات، المنظمة الانفصالية “حركة استقلال منطقة القبائل”على قائمة “المنظمات الإرهابية” في إجراء أمني جديد.
وتتخذ الحركة من باريس مقرا لها، علما أن نشاطها محظور تماما في الجزائر. وتأسست في أعقاب ما يعرف بـ”الربيع الأمازيغي” سنة 2001، وتتهمها السلطة الجزائرية بأنها “حركة انفصالية” وعنصرية ضد العرب.
ويرى المحلل المغربي و أستاذ العلوم السياسية، رشيد لزرق، أن “المغرب اليوم سيتعامل بالمثل مع العسكر وليس من باب المناورة بل من باب ولى زمن التسامح وحان زمن المعاملة بالمثل”.
وكانت العلاقات بين الجارتين مشحونة منذ عقود، لا سيما فيما يتعلق بمسألة إفتعال وخلق منظمة إرهابية “الانفصالية البوليساريو” حيث تدعم الجزائر ما يسمى بجبهة البوليساريو التي تسعى لاستقلال الصحراء المغربية عن المغرب.
والأربعاء، عينت الأمم المتحدة السويدي-الإيطالي المخضرم في المنظمة ستافان دي ميستورا (74 عاما) مبعوثا جديدا للصحراء المغربية، بعدما فشلت الأمم المتحدة في تعيين خليفة للألماني هورست كوهلر منذ استقالته في أبريل 2019، لأسباب قال إنها تتعلق “بوضعه الصحي”.
وخلال الفترة الأخيرة، تدهورت العلاقات بين الجزائر وجارتها الغربية أساسا بسبب قضية الصحراء الغربية. والعلاقات بين البلدين معقدة أصلا تقليديا. و في 24 أغسطس/آب قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، ثم أعلنت بعد ذلك بشهر إغلاق المجال الجوي أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث الرسمي باسم غوتيريش، في مؤتمر صحفي عقده بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك: “سيخلف دي مستورا، هورست كوهلر (الرئيس الألماني الأسبق)، الذي أنهى مهمته في 22 مايو 2019، والذي أعرب له الأمين العام عن الامتنان لجهوده الحثيثة والمكثفة التي أرست الأساس لزخم جديد في العملية السياسية بإقليم الصحراء”.
وتابع دوجاريك: “سيبذل المبعوث الشخصي الجديد مساعيه الحميدة نيابة عن الأمين العام، وسيعمل مع جميع المحاورين المعنيين، بما في ذلك الأطراف والبلدان المجاورة وأصحاب المصلحة الآخرين، مسترشدا بقرار مجلس الأمن 2548 (2020) والقرارات الأخرى ذات الصلة”.
وكان سفير المغرب في الأمم المتحدة وجّه رسالة إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي قبل أيام متهما الجزائر والبوليساريو بمواصلة “عرقلة العملية السياسية للأمم المتحدة”، بعد أن رفضتا في أقل من ثلاثة أشهر اقتراحين بتعيين المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء. ودعا قرار مجلس الأمن رقم 2548 إلى تعيين مبعوث شخصي جديد في أقرب الآجال.
وقال هلال في حواره مع الوكالة المغربية الرسمية “لقد تلكأت الأطراف الأخرى منذ فترة طويلة، واستخدمت، على مدى عامين ونصف العام، المراوغات الواهية لرفض العديد من المرشحين المؤهلين تأهيلا عاليا والذين تم اقتراحهم من طرف الأمين العام”.
وأضاف أن “الجزائر وجماعتها الانفصالية المسلحة (بوليساريو ) رفضتا ترشيح رئيس الوزراء الروماني السابق بيتر رومان، وبعد بضعة أشهر، رفضت ترشيح وزير الخارجية البرتغالي السابق لويس أمادو. وبالتالي، ومن أجل احتواء عرقلتهم لأي مرشح من دولة ثالثة، كان على غوتيريش البحث عن هذا الترشيح الأخير داخل أروقة الأمم المتحدة”.
ودي ميستورا دبلوماسي متمرس شغل مناصب رفيعة في الأمم المتحدة. وقد كان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا (2014-2018) والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق (2007-2009) وأفغانستان (2010-2011).
وأكد عمر هلال أنه “بمجرد تعيينه، كما نأمل ذلك، يمكن لدي ميستورا أن يعوّل على تعاون المغرب ودعمه الثابت في تنفيذ مهمته لتيسير التوصل إلى تسوية لهذا النزاع الإقليمي”.
وطُرح اسم دي ميستورا في الربيع الماضي لاستبدال كوهلر وإعادة إطلاق الحوار السياسي. لكن الوضع سيكون مختلفا عن سلفه حيث تغيرت الصورة بعد سيطرة القوات المسلحة المغربية على معبر الكركرات واعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي.
وفي رده على سؤال حول انتظارات المغرب من العملية السياسية في أفق تعيين دي مستورا، قال هلال إن بلاده، بغض النظر عن الشخصية التي تشغل منصب المبعوث الشخصي، تظل متشبثة بحزم بالمسلسل الأممي الحصري من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وتوافقي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك طبقا لقرارات مجلس الأمن منذ عام 2007 التي تعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا جديا وذا مصداقية لقضية الصحراء المغربية.
الملك المفدى يعيّن حكومة جديدة من 24 وزيراً وفصل ” الرياضة “مع بقاء الوزارات السيادية على حالها