مقدمة: سؤال الحرية في ظل نظام الوصاية
عندما جدد فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب مطلب “تحرير الجماعات الترابية من سلطة الوصاية”، أعاد إلى الواجهة سؤالًا مؤرقًا لطالما ظل حاضرًا في النقاش السياسي المغربي: هل يمكن الحديث عن ديمقراطية محلية حقيقية في ظل استمرار رقابة وزارة الداخلية على القرارات الكبرى للجماعات الترابية؟ وهل تُمارس الجهوية المتقدمة بصيغتها الدستورية، أم أننا لا زلنا نحيا في ظل مركزية صارمة تُفرغ الانتخابات المحلية من محتواها؟
الجدل أُثير من جديد خلال اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس النواب، أثناء مناقشة مشروع القانون رقم 14.25 المتعلق بتعديل قانون الجبايات المحلية، حيث اعتبر النائب رشيد حموني أن الوقت قد حان لإلغاء نظام الوصاية، مؤكدًا أن “من حق الجماعات أن تتصرف في مواردها، وأن تضعها في الأبناك أو في أي مكان آخر دون وصاية”، مضيفًا: “إذا منحنا للجماعة استقلالية التسيير، فيجب أن ترافقها استقلالية حقيقية في القرار”.
لكن، ما الذي يعنيه فعلًا نظام الوصاية؟ وما أبعاده التاريخية والدستورية؟ وهل يمكن الحديث عن إصلاح جبائي دون إصلاح سياسي يحرر الجماعات من “الوصي المركزي”؟
أولًا: الوصاية – إرث إداري أم أداة تحكم؟
وفق القانون 47.06، تمارس وزارة الداخلية وصايتها على الجماعات عبر:
-
وصاية إدارية: من خلال تعيين العمال والولاة، والمصادقة على المداولات، وحل المجالس المنتخبة.
-
وصاية مالية: بتقييد الإنفاق المحلي، وفرض شروط على الاقتراض، والإشراف على تحصيل الضرائب وتوزيعها.