الرباط تحت المطرقة: صراع نزع الملكية بين الحاجة إلى التنمية والاتهامات بالانتخابات المبكرة

0
180

في شوارع الرباط، لا يعلو سوى صوت الجرافات، ولا حديث إلا عن عمليات الهدم التي أثارت موجة من الجدل بين الأغلبية والمعارضة داخل مجلس الجماعة. قرارات نزع الملكية، التي يفترض أن تخدم المصلحة العامة، تحولت إلى ساحة مواجهة سياسية مفتوحة، تتداخل فيها الحسابات الانتخابية مع معاناة السكان الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة والسندان.

جدل متصاعد: من المسؤول؟

تتهم المعارضة المجلس الجماعي بشن “تسخينات انتخابية مبكرة”، مستغلاً عمليات نزع الملكية لإعادة رسم الخارطة السياسية للرباط قبل أوانها. في المقابل، تصر العمدة فتيحة المودني على أن ما يجري هو مجرد “مغالطات سياسية”، مؤكدة أن عمليات الإخلاء والبيع تمت وفق القانون وبتراضي الأطراف المعنية. لكن هل القصة بهذه البساطة؟

شهادات متضاربة.. أي رواية نصدق؟

في الندوة الصحفية الأخيرة، ظهرت العمدة محاطة بسكان يفترض أنهم موافقون على عمليات الهدم، مؤكدة أن أوضاع المكترين قد سُويت، وأن التعويضات تمت بشكل عادل. لكن المعارضة ترد بسرعة: “إنها مسرحية على المقاس”، متهمة المجلس الجماعي بتقديم صورة غير واقعية عن معاناة السكان، حيث تم منع بعض المتضررين من الإدلاء بشهاداتهم خلال الندوة.

عبد الصمد أبو زاهير، الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية، أعلن بوضوح أن حزبه لم يصوت على أي قرار يتضمن عمليات للهدم، مؤكداً أن السلطات قدمت تطمينات سابقة بعدم تنفيذ أي إخلاء قسري. لكن الواقع على الأرض يقول عكس ذلك: الجرافات لم تتوقف، والاحتجاجات تتزايد. فهل كان هناك اتفاق سري لم تفِ به السلطات؟

العدالة والتنمية يحذر: هل تحول الإفراغ والهدم إلى عملية إعادة توزيع خفية للعقارات؟

تداخل المصالح أم قرارات تنموية؟

في الخلفية، يبرز سؤال أكثر تعقيدًا: ماذا سيحدث بالأراضي المنزوعة؟ المعارضة تشكك في نوايا المجلس، متسائلة إن كان الهدف الحقيقي هو مشاريع تنموية لصالح الساكنة، أم أنها مجرد لعبة سياسية لإعادة توجيه العقارات نحو مستثمرين مقربين.

ومع استمرار الهدم وارتفاع منسوب الاحتقان، يبدو أن الملف مرشح للمزيد من التصعيد، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. فهل ستنجح المعارضة في قلب الطاولة على المجلس الجماعي؟ أم أن العمدة ستتمكن من إقناع الرأي العام بأن ما يجري هو خطوة ضرورية نحو “رباط أكثر حداثة”؟

أسئلة بلا إجابات.. ولكن إلى متى؟

في النهاية، يبقى المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة. بينما يتصارع السياسيون على الروايات والمصالح، هناك عائلات تفقد منازلها دون أن تعرف إلى أين تذهب. هناك أطفال بدأوا رمضان في بيتهم، لكنهم سينهونه تحت سقف مجهول.

الرباط تتغير، لكن هل هو التغيير الذي تريده ساكنتها؟