الشباب المغربي المهمل: ضحايا البطالة والتدهور الاجتماعي والرياضي في ظل التطبيقات المغلقة والهجرة السرية وتساؤلات حول ترحيل آلاف الشباب نحو المناطق النائية

0
224

في ظل تصاعد موجات التهميش والإقصاء، يجد آلاف الشباب المغربي أنفسهم بين مطرقة البطالة وسندان الأمل المفقود، مما يدفعهم إلى البحث عن مخرج بأي وسيلة، حتى لو كانت الهجرة غير الشرعية.

ومع ازدياد عمليات الاعتقال والترحيل إلى مناطق نائية، يبرز السؤال الحارق: هل يمكن للسياسات الأمنية وحدها أن توقف نزيف أحلام الشباب المغربي؟ أم أن الحل يكمن في معالجة جذور الأزمة التي دفعتهم إلى الهروب؟ بين اليأس والطموح المجهض، تتجلى صورة قاتمة لواقع الشباب المغربي الذي يعاني في صمت، باحثًا عن فرصة لحياة أفضل.

“تغريدة المحامي والحقوقي محمد الغلوسي، رئيس جمعية حماية المال العام، تسلط الضوء على الفساد المستشري…”

الأزمة الخفية: ما وراء ترحيل آلاف الشباب نحو المناطق النائية

في الآونة الأخيرة، شهد المغرب تصاعدًا في عمليات ترحيل واعتقال آلاف الشباب المغاربة إلى مناطق نائية مثل الرشيدية وورزازات، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء هذا الوضع المتأزم.

تشير الأرقام إلى أن ما يقرب من عشرة آلاف شاب قد تم اعتقالهم بسبب محاولاتهم المتكررة للهجرة غير الشرعية إلى مدينة سبتة المحتلة، مما يثير القلق حول فعالية الحلول الأمنية التي تعتمدها السلطات المغربية لمواجهة هذه الظاهرة.

“شبكات سرية تحرك الشباب نحو الهجرة: السياج الحدودي بين الفنيدق وسبتة في مهب العاصفة”

الشباب المغربي: ضحايا الإقصاء والتهميش في وطنهم

إن هذا العدد الكبير من الشباب الذين يحاولون الهجرة جماعيًا ليس مجرد مؤشر على رغبة الأفراد في البحث عن حياة أفضل، بل هو انعكاس لأزمة أعمق في المجتمع المغربي.

هؤلاء الشباب هم نتاج مجتمع يشعر بالتهميش والإقصاء من الفرص الاقتصادية والاجتماعية. ومع وجود تقارير تفيد باستخدام تطبيقات مغلقة لتنظيم محاولات الهجرة، يطرح التساؤل حول من يقف خلف هذه التنظيمات وكيفية تمويلها، خاصة أن الشباب يعاني من الفقر والبطالة.

بكل أسى وحزن، نجد أنفسنا اليوم أمام واقع مؤلم يدمي القلوب، واقع يكشف عن جروح عميقة تعاني منها شرائح واسعة من مجتمعنا. كما غرد طارق أحد الناشطين على منصة X قائلاً: “من خلال احتكاكي اليومي بالطبقة المسحوقة وبصفتي من الشعب، أقسم بالله أنه في حال ما فُتحت الحدود لن يبقى فيها أحد، الصغير سيهرب قبل الكبير. هذا هو الواقع الذي نسف الصورة الجميلة التي يروج لها الإعلام والمطبلون.”

بكل أسف وألم، نواجه اليوم واقعاً مريراً يفضح عمق الأزمات التي تعيشها فئات كبيرة من مجتمعنا. كما غردت الصحفية والناشطة هجر الريسوني على منصة X قائلة: “طفل في عمره 10 سنوات يريد ‘يحرك’، لم يحاول بعد، لم يفشل بعد، لم يراكم تجارب، لم ينضج، مازال في مرحلة النمو.. بالنسبة لي هذا أكبر مؤشر على الأزمة. كيف لطفل يريد الهجرة والمغامرة بحياته، والهرب من بلده.. هذشي خطير وتتحمل مسؤوليته الدولة، الأسرة، والمجتمع، الإعلام، والمجتمع المدني.”

في مقطع مؤثر، يظهر شاب يروي تفاصيل حياته اليومية، موضحاً الظروف الصعبة التي دفعته للتفكير في الهجرة. في حديثه، يصف محاولاته المتكررة، بما في ذلك محاولة السباحة إلى الضفة الأخرى بعد أن تم إعادته عدة مرات. يؤكد الشاب أنه سيواصل المحاولة حتى يحقق حلمه بالهجرة إلى أوروبا. كلمات الشاب تعكس واقعاً مؤلماً يعيشه العديد من الشباب في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مما يجعله يسعى للهروب بحثاً عن فرصة أفضل لحياة أكثر استقراراً.

وفقًا لتقري المجلس الاقتصادي الاجتماعي، فإن معدلات البطالة بين الشباب تتجاوز أربعة ملايين ونصف ، ومعظمهم من فئة “النيت”، الذين لا يعملون ولا يدرسون ولا يتريضون ولا يتلقون تدريبًا. هذا الواقع الصعب يجعلهم يشعرون بأنه لا أمل في المستقبل، مما يدفعهم للبحث عن أي وسيلة للهروب، بما في ذلك الهجرة غير الشرعية.

“اللامبالاة بين الشباب المعتقلين: قراءة في أسباب التصعيد واحتمالات العنف مع السلطات المغربية”

ورغم الجهود الأمنية المستمرة، فإن الحلول الأمنية وحدها لا تكفي لمعالجة هذا الوضع. الحاجة ماسة إلى سياسات تنموية شاملة، تشمل تحسين نظام التعليم وتوفير فرص العمل وإعادة توجيه الاستثمار نحو القطاعات التي يمكن أن تستوعب هذا العدد الكبير من الشباب. بدون هذه السياسات، سيبقى الشباب المغربي ضحية لنظام اقتصادي واجتماعي غير قادر على تلبية طموحاتهم.

الرياضة المفقودة: كيف أُغلقت أبواب الملاعب في وجه الطموح الرياضي؟

إلى جانب الأزمات الاقتصادية، تأتي مشكلة تهميش الشباب في المجال الرياضي. من المؤسف أن الرياضة، التي من المفترض أن تكون وسيلة لرفع معنويات الشباب وتحفيزهم على تحقيق أحلامهم، أصبحت مسيطرة عليها من قبل لوبيات تسعى لإقصاء المواهب الحقيقية. في الرياضات القتالية وألعاب الدفاع عن النفس ما يسمى بالألعاب الفردية، توجد اتحادات رياضية تدار من قبل مجموعات تتحكم في الفرص وتحد من وصول الشباب إلى الساحات الرياضية الشعبية.

حتى الرياضة الشعبية مثل كرة القدم لم تعد متاحة للجميع، حيث أصبحت الملاعب التي كانت مجانية في السابق، مدفوعة الأجر، بمبالغ قد تكون باهظة بالنسبة للكثيرين. الشباب الذين لا يملكون المال ولا العمل يجدون أنفسهم بعيدين عن الرياضة، مما يزيد من شعورهم بالإقصاء واليأس.

هذا التهميش في مجال الرياضة يعكس بوضوح حجم التمييز الذي يعاني منه الشباب المغربي في مختلف جوانب الحياة، ويزيد من احتمالات اتجاههم نحو طرق خطيرة وغير مشروعة. إن الحل يكمن في توفير الفرص الرياضية والتعليمية بشكل متساوٍ، وإعادة الرياضة الشعبية إلى ما كانت عليه كوسيلة للتواصل والتحدي وتحقيق الأحلام.

في نهاية المطاف، لا يمكن النظر إلى هؤلاء الشباب على أنهم مجرد “مخالفين” أو “مهاجرين غير شرعيين”، بل هم ضحايا لسياسات اقتصادية واجتماعية فشلت في تحقيق التنمية المنشودة لهم. إنهم يبحثون عن مخرج من واقع مرير، ومع كل محاولة للهروب يتجدد التساؤل عن مدى جدية السلطات في إيجاد حلول شاملة تعالج جذور الأزمة.