العثماني ضغوط تمارس و حرب مستمرة وتضيق الخناق على العدالة والتنمية مع اقتراب الانتخابات

0
284

على بعد أسبوعين  من الانتخابات التشريعية في المغرب، تتكثف أنشطة أحزاب ويتصاعد منع أخرى، وكأن ملامح وجه الحكومة المقبلة تتشكل قبل أوانها بعد أن استمر حكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي ثماني سنوات في ولايتين تنتهي ثانيتهما عام 2021.

الرباط – اتهم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي، الخميس، “أطرافا سياسية، لم يسمها، بالتضييق الذي يتعرض لها أعضاء الحزب واستعمال المال بشكل فظيع، مضيفا ” بالضغط” على عدد من أعضاءه لثنيهم عن الترشح باسم الحزب في الانتخابات المقبلة.

جاء ذلك في كلمة للعثماني، أمين عام “العدالة والتنمية” (إسلامي)، خلال المهرجان لانطلاق الحملة الانتخابية للحزب ، مساء اليوم الخميس، على أن حزب  “العدالة والتنمية” بصم على حصيلة حكومية وجماعية مشرفة يعتز بها مع شركائه، ولا يقول إنه لوحده من أنجز، لكن له بصمته التي جاءت من برنامجه الانتخابي.

وأضاف “تعرض عدد مقدر من مناضلي حزب العدالة والتنمية ومرشحيه بالعديد من العمالات والأقاليم (محافظات) لضغوطات من طرف بعض الأطراف السياسية لثنيهم عن الترشح باسم الحزب”.

كما سجل العثماني “الاستعمال المفرط للمال في استمالة المرشحين، وانخراط بعض أعوان السلطة في هذه الممارسات”.

واعتبر أن هذه الممارسات تشكل “إخلالا جسيما بقواعد التنافس الشريف والممارسة الديمقراطية وبالقواعد المنظمة للانتخابات”.

وشدد العثماني على أن حكومته اجتماعية بامتياز على عكس ما يروج الكثيرون الذين يروجون للأخبار الزائفة، مضيفا ” كل ما طبقناه من دعم للأرامل وغير من البرامج تنبع من قناعاتنا”.

وأضاف ” هناك أناس عارضوا البرامج الاجتماعية واليوم يبشرون بها وهذا هو العجب، وإن كانوا صادقين فمند أكثر من عشرين عاما وهم في الحكومة، كلهم كانوا قبل العدالة والتنمية فلماذا لم يبدعوا هذه البرامج”.

وأبرز العثماني أن “البيجيدي” له بصمة اجتماعية ليس فقط على مستوى الحكومة بل أيضا على مستوى الجماعات الترابية، لأنه يؤمن بها.

وأضاف ” أبناء العدالة والتنمية أتوا من عمق المجتمع ويشعرون بألم ومعاناة المواطنين، وليسوا مثل من أتوا من عالم آخر من نوع آخر حتى لو كان مغربيا”.

وأشار  العثماني أن حزب “العدالة والتنيمة يخوض الانتخابات بمرشحين ذوي كفاءات ومستويات عالية ومن أبناء وبنات الحزب، وجاء ليتعاون مع المواطنين والمواطنات حتى تكون السياسية نقية ووفق المعقول والنزاهة وليس “الزواق”.

وزاد ” حزب العدالة والتنمية لا يشتري الإشهارات ويغرق بها المواقع والفايس بوك وفي الأخير مكاين والوا”.

وتابع ” حزب العدالة والتنمية بمرشحاته ومرشحيه دائما مع المواطنين والمواطنين ويقدم الحساب، لذلك كم واحد تساءل لما يترشح الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية”، والجواب هو “أننا لا نخاف من أن نتواجه مع المواطنات والمواطنين”.

والسؤال المطروح  “ اليوم هو لماذا يحاربون هذا الحزب؟ ولماذا هناك حرب مستمرة ضد الحزب اشتدت مع الانتخابات؟، حزب جربوا معه كل شيء وأول ما قاموا به هو تغيير القوانين”.

وأضاف ” لقد أتعبناهم باستقامتنا وعملنا لأننا لا نجمع الأموال ونبني الفيلات ولا الضيعات، بل نحن أطر متوسطة أتت من عمق المواطنين والمواطنات وتعيش بينهم، وأنا كرئيس حكومة سأعود لمهنتي وعيادتي بعد أن أنهي مهامي، وهذا ينطبق على جميع أعضاء حزبنا”.

لكل هذه الأسباب  ” أتعبناهم وعمدوا لتغيير القوانين واجتمعت كل الأحزاب على القاسم الانتخابي وإلغاء العتبة في الجماعات”، مضيفا “حشومة نضرو بلادنا ونشتتوا الجماعات علما أن عشرين سنة والمغرب يناضل من أجل جماعات بأغلبيات منسجمة وقوية، وفي الأخير كل شيء ضرب في الصفر نتيجة رغبة محاصرة حزب العدالة والتنمية”، مؤكدا أن السحر سينقلب على الساحر”.

ولفت العثماني إلى أنه بعد تغيير القاسم الانتخابي ظهر معطى جديد هو التشطيب على قيادات الحزب من اللوائح الانتخابية، فبغير وجه حق تم التشطيب على رئيس جهة وغيره الكثير. 

وينص القانون الذي تبنته سبعة أحزاب، أربعة منها تشارك في الحكومة التي يترأسها الحزب، على احتساب نتائج الانتخابات وتوزيع المقاعد استنادا إلى عدد كل المسجلين في اللوائح الانتخابية، حتى لو لم يدلوا بأصواتهم. 

في حين لم تكن تحتسب سوى أصوات الناخبين الذين يشاركون في عملية الاقتراع، منذ بدء تنظيم الانتخابات في المغرب قبل ستة عقود.

وذكر العثماني المضايقات التي يتعرض لها حزبه واستعمال المال بشكل فظيع، مضيفا ” هناك ضغوط رهيبة على أبناء وبنات حزب “العدالة والتنمية” كي لا يتشرحوا للانتخابات.

وأضاف ” ولفنا هادشي منذ 2003 وفي محطات أخرى كسنة 2009 التي عشنا فيها لحظات صعبة جدا، وجلدنا قاسح وصحيح لدينا الكبدة على بلادنا ولا نريدها أن تضرر، ومسعانا هو التقدم بها ديمقراطيا، لذلك خطابنا واحد وواضح جدا لجميع المواطنات والمواطنين”.

وشدد العثماني على أن كل الأساليب التي ذكرها هي لفرلمة حزب “العدالة والتنمية”، لكن الحزب لديه الثقة في المواطنات والمواطنين وأنهم واعون وأذكياء بكل ما يقع من حولهم.

ويرى المحلل السياسي مصطفى السحيمي أن الرهان الأساسي للقانون الجديد “يكمن في رئاسة الحكومة وتشكيل أغلبية. وبما أن حزب العدالة والتنمية هو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، فإنه الخاسر الأكبر”.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن الحزب مهدد بفقدان 30 إلى 40 مقعدا باعتماد القاسم الجديد، ولو حافظ على عدد الأصوات ذاته الذي منحه 125 مقعدا نيابيا (من أصل 395) في انتخابات 2016. 

ويستعد المغرب لإجراء انتخابات تشريعية ومحلية بشكل متزامن  مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، حيث يجري التحضير لها في ظروف استثنائية وسط تفشي جائحة كورونا.

وقبل خمس سنوات، واجه الحزب صعوبات كبيرة في تشكيل أغلبية حكومية. 

وأعفي زعيمه السابق عبد الإله بنكيران، الذي قاد الحزب، إلى هذا الفوز الثاني، من رئاسة الحكومة بسبب خلاف دام أشهرا مع تكتل قاده رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش الذي يُعرف بأنه مقرب من القصر.

وعلى الفور، كلف الملك محمد السادس الرجل الثاني في الحزب سعد العثماني بتشكيل حكومة، فوافق على شروط التكتل التي رفضها سلفه، وشكل الحكومة الحالية.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أحمد بوز أن “الهدف الأساسي لاعتماد القاسم الانتخابي الجديد، يكمن في الحيلولة دون استمرار العدالة والتنمية على رأس الحكومة”.

ويضيف “المشكلة أن هذا الأمر يناقض كل النظريات التي ندرسها للطلاب، وغير موجود في أي دولة في العالم ديمقراطية أو ديكتاتورية”.

ووصل حزب العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة بعد سنوات في المعارضة، بعد تظاهرات حركة 20 فبراير عام 2011، وهي النسخة المغربية للربيع العربي التي دفعت الى إجراء إصلاحات دستورية. 

لكن رغم تبني دستور جديد يمنح سلطات واسعة للحكومة، احتفظ الملك بدور مركزي.

وعرف بنكيران سابقا بحضور إعلامي لافت أثناء رئاسته الحكومة، مدينا باستمرار ما كان يسميه “التحكم”، في إشارة إلى “الدولة العميقة”، وبتمسكه بـ”دور حزبه في تهدئة الشارع”.

ويقول مصطفى السحيمي: “اليوم بات الحزب معزولا، وفقد عمليا أغلبيته السياسية”. 

في المقابل، تؤكد الأحزاب المؤيدة للقانون الانتخابي الجديد على أهميته “لأن الديمقراطية هي إعطاء الكلمة للأحزاب والأقليات الصغرى”، وفق ما قال النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) محمد حجيرة، خلال التصويت عليه منتصف مارس إثر جلسة صاخبة لمجلس النواب. 

ويرى الصحافي والمحلل السياسي مصطفى الفن تدوينة جاء فيها: أن تكلفة هذا الاختيار «باهظة» وتتمثل ـ باعتقاده ـ في «إفراغ الدستور ومعه كل المؤسسات الدستورية المنتخبة من أي مضمون ديمقراطي». وأعاد التذكير بأن أول حزب سياسي طرح سيرة هذه «البدعة» غير الحسنة المتعلقة بالقاسم الانتخابي هو «حزب القوات الشعبية: الاتحاد الاشتراكي» وأضاف قائلًا: «لكنني لم ولن أفهم أن «تنخرط» حتى الأحزاب الكبرى في الدفاع عن اعتماد القاسم الانتخابي على الرغم من أنها ستفقد مع هذا الإجراء بضعة مقاعد برلمانية قد تكون حاسمة في تشكيل الحكومة».

وفسر ذلك بالإشارة إلى أن طموح أي حزب سياسي هو أن يتصدر المشهد السياسي، وأن يكتسح الانتخابات، وأن يشكل حكومة منسجمة بأقل عدد من الأحزاب.

وتساءل: «لكن ماذا يعني أن نرى في المغرب كيف أن أحزابًا كبرى تدافع بـ»روح قتالية عالية» عن الأحزاب الصغرى، عوض أن تدافع عن نفسها وعن تحصين عدد مقاعدها البرلمانية؟ ليجيب: هذا له معنى واحد لا ثاني له، وهو أننا نبعث برسالة سلبية عنوانها العريض هو أن بعض الأحزاب، سواء كبرى أو صغرى، مازالت ربما غير قادرة على صناعة قراراتها في القضايا الحساسة بدون نزول «الوحي».

وتعاني كل الأحزاب السياسية عموما من صعوبات في تعبئة الناخبين. فقد أظهر استطلاعان للرأي مؤخرا أن 60 في المئة من المستجوبين “لا يثقون فيها”، بينما لا ينوي 64 في المئة منهم التوجه إلى صناديق الاقتراع.