العدالة المغربية على مفترق الطرق: تحذير من تراجع حقوق الإنسان في مشروع قانون المسطرة الجنائية

0
152

“نحن أمام مفترق طرق.. بل نسير إلى الوراء!” — بهذه الكلمات الصادمة، أطلق عبد الرحيم الجامعي، نقيب هيئة المحامين بالمغرب، صرخة تحذير من أن التعديلات المقترحة على قانون المسطرة الجنائية لا تمثل تقدُّمًا، بل “تراجعًا تاريخيًا” يهدد ضمانات المحاكمة العادلة. فهل يُعيدنا المشروع الجديد إلى عصور القضاء السري؟ أم أن هذه انتقادات مبالغ فيها؟

في تصريحه الأخير، وجه النقيب عبد الرحيم الجامعي تحذيرًا شديدًا من التغييرات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية، واصفًا إياها بأنها تمثل تراجعًا خطرًا في مسار العدالة في المغرب.

إذا كان هذا المشروع يمثل خطوة في إطار التحديث القانوني، فإن الجامعي يرى أنَّ بعض التعديلات تقوض المكاسب التي حققتها العدالة الجنائية في المملكة. فما هي الأبعاد الحقيقية لهذه التحذيرات؟ وما هي الأسئلة التي يجب طرحها بشأن المستقبل القضائي في المغرب؟

التراجع عن المكاسب القانونية: هل هي خطوة إلى الوراء؟

قال النقيب الجامعي إنَّ “العدالة مصير أمة”، مشيرًا إلى أنَّ التعديلات التي يتضمنها المشروع، رغم أنها تتضمن مستجدات قانونية، إلا أنَّ بعضها يمثل تراجعًا كبيرًا عن حقوق الإنسان، وعلى رأسها المادة 83 التي تلغي التحقيق الإلزامي في قضايا الجنايات. هذه النقطة، حسب رأي الجامعي، تعتبر تراجعًا عن إحدى مكاسب العدالة المغربية التي أقرها قانون 1959.

تطرح هذه النقطة سؤالًا جوهريًا: هل يجب أن نتراجع عن آليات كانت تعتبر ضمانات أساسية في تحقيق العدالة؟ وإذا كانت المادة 83 تلغي هذا المبدأ التاريخي، فما الذي سيحصل للمحاكمة العادلة في المغرب؟ هل هذه خطوة في الاتجاه الصحيح أم خطوة في الاتجاه المعاكس؟

إضعاف استقلالية القضاء: من المتحكم في التحقيقات؟

أثارت تصريحات الجامعي أيضًا قضية أخرى متعلقة بتقوية دور النيابة العامة، التي وفقًا لمشروع القانون، ستكون لها السلطة في إحالة قضايا التحقيق إلى المحكمة دون المرور عبر قاضي التحقيق. كما أنَّ المادة 91 تمنح الوكيل العام الحق في طلب سحب ملف التحقيق من المحكمة، مما يطرح تساؤلات حول استقلالية القضاء ودور النيابة العامة في مسار العدالة الجنائية.

هل سيؤدي هذا التعديل إلى تعميق هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية؟ وهل سيكون ذلك على حساب حقوق الدفاع واستقلالية المحاكم؟ إذا كانت النيابة العامة ستتمتع بهذه الصلاحيات، ماذا سيحدث لو كانت هناك تجاوزات أو ضغط سياسي في هذه القضايا؟

تصريح وهبي المثير للجدل: صراع السلطات أم أزمة ديمقراطية؟

تقليص دور الدفاع: هل يتعرض الحق في الدفاع للتهديد؟

من النقاط البارزة في تصريح الجامعي أيضًا هو اعتراضه على تقليص دور الدفاع في مراحل التحقيق الأولي، خاصة في وقت الحراسة النظرية. هل يمكن تصور أن المواطن في هذه الظروف لن يحتاج إلى مساعدة قانونية؟ أو أنَّ المحامي لا يجب أن يكون حاضرًا في مراحل التحقيق؟

هل يعتبر تقليص دور المحاماة في هذه المراحل تهديدًا للحق في الدفاع؟ هل هو خطوة نحو تهميش دور الدفاع في مسار المحاكمة برمته؟ وهل يمكن للمواطن أن يثق في نظام قانوني يحرم المتهمين من حقهم في تمثيل قانوني كامل؟

السرية في الإجراءات: هل هي ضمان أم قيد؟

واحدة من القضايا الحساسة التي تطرق إليها الجامعي تتعلق بمسألة سرية الإجراءات. على الرغم من أن سرية التحقيق تُعتبر جزءًا من الضمانات القانونية، إلا أن النقيب الجامعي أكد على ضرورة أن لا تكون هذه السرية غطاءً لإقصاء الدفاع.

هل سيتم احترام مبدأ الشفافية في سير التحقيقات؟ وهل يمكن أن يصبح إخفاء بعض جوانب التحقيقات ذريعة لممارسات قد تؤثر سلبًا على العدالة؟

هل نعيش أزمة ثقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية؟

اختتم الجامعي تصريحاته بانتقاد خاص حول تقليص دور البرلمان في تحديد السياسات الجنائية. فهل يواجه المغرب أزمة ثقة بين السلطات التشريعية والتنفيذية؟ وما هي التداعيات المترتبة على تهميش البرلمان في عملية سنّ القوانين؟ كيف يمكن للسلطات التشريعية استعادة سلطتها في تحديد السياسات الجنائية وضمان حقوق المواطنين؟

ماذا عن دور القضاة في هذا السياق؟

أخيرًا، دعا الجامعي إلى ضرورة الاستماع إلى صوت القضاة الذين يعتبرهم “فرسان المحاكم”. هل سيكون للقضاة دور أكبر في التأثير على مشروع قانون المسطرة الجنائية؟ أم أنهم سيتحولون إلى مجرد منفذين للتعليمات دون تأثير حقيقي؟

الختام: أين نحن من حماية حقوق الإنسان؟

في سياق عام، يظهر أن مشروع قانون المسطرة الجنائية، رغم توجهاته الحديثة، يعكس صراعًا عميقًا حول دور العدالة وحقوق الإنسان في المغرب. هل سيتراجع المغرب عن مكتسبات حقوقية في سبيل تحسين النظام القضائي؟ أم ستكون هناك إصلاحات حقيقية تعزز العدالة وتحمي حقوق المتهمين؟ الأجوبة على هذه الأسئلة ستحدد مدى جدية الإصلاحات القانونية في المملكة.