“العدالة المفقودة: كيف يُهدَر حق الضحايا في قضايا الاغتصاب؟ تحقيق أريج يكشف التحديات القانونية والاجتماعية”

0
226

في تقرير موسّع، سلطت منظمة “أريج” الضوء على واقع مؤلم لضحايا الاغتصاب في المغرب، حيث كشفت عن تباين خطير في الأحكام القضائية لقضايا هتك عرض قاصرات. التقرير، الذي استند إلى تحليل أكثر من 25 ألف حكم صادر عن المحاكم المغربية، يعكس صورة قاسية عن تطبيق النصوص القانونية في جرائم الاغتصاب وهتك العرض، ويثير تساؤلات حيوية حول العدالة الاجتماعية وقدرة النظام القضائي على ردع الجناة.

الفقرة الأولى: التحقيق يكشف التباين الكبير في الأحكام القضائية من خلال فحص 25,000 حكم صادر عن محاكم مغربية، كشفت أريج عن تباين كبير في العقوبات، ما يثير القلق بشأن فعالية القوانين المغربية في حماية القاصرات. ففي قضايا هتك عرض قاصرات، تضمنت الأحكام العقوبات المخففة بشكل لافت، مثل الحكم بالسجن لمدة سنة واحدة في قضية اغتصاب طفلة قاصرة تعاني من إعاقات عقلية. هذا التفاوت في الأحكام لا يعكس حجم الجريمة، ما يثير تساؤلات جدية حول آليات العدالة ومدى تشدد القضاة في تطبيق القوانين المنصوص عليها لحماية ضحايا الاغتصاب.

الفقرة الثانية: محاكمة قاصرة و”الظروف المخففة” في تقرير أريج، تم الإشارة إلى أنه في العديد من القضايا التي شملت اغتصاب أو هتك عرض قاصرات، صدرت أحكام مخففة تتعارض مع النصوص القانونية التي تحدد العقوبات بالسجن من سنتين إلى ثلاثين سنة. في بعض الحالات، تم تطبيق ظروف التخفيف مثل تنازل المطالبين بالحق المدني، ما أدى إلى إصدار أحكام موقوفة التنفيذ. كان من بين الأمثلة قضية الأب الذي اغتصب طفلته القاصرة، والتي تعاني من إعاقات عقلية، حيث تم الحكم عليه بالسجن لمدة سنة واحدة فقط، رغم أن القانون يفرض عقوبات أشد في مثل هذه الحالات. هذه الأحكام تثير القلق بشأن أولويات حماية الضحايا، خصوصاً عندما يلاحظ أن الجاني كان من أقارب الضحية.

الفقرة الثالثة: حدود التفسير القانوني و”الظروف الاجتماعية” تأثير “الظروف الاجتماعية” على الأحكام القضائية يعد من أبرز العوامل التي تساهم في صدور أحكام مخففة، حيث يتم منح القضاة مساحة واسعة لتحديد العقوبة بناءً على تقديرهم للظروف المحيطة بالمتهم، مثل حالته الاجتماعية أو كونه رب أسرة أو طالبًا. من جانبه، أكد المحامون والقضاة الذين تم التحدث إليهم في التحقيق أن هذه المساحة من التقدير مرتبطة بالقانون الجنائي الذي يتيح للقاضي تخفيف العقوبة بناءً على ملابسات القضية. ورغم وجود تبريرات قانونية لهذا التفسير، يرى بعض المحامين أن هذا التخفيف قد يكون على حساب حق الضحية في العدالة، مشيرين إلى ضرورة إعادة النظر في الممارسات القضائية لضمان تنفيذ الأحكام بشكل يتناسب مع الجريمة المرتكبة.




الفقرة الرابعة: الأثر الاجتماعي والنفسي على الضحايا يستعرض التحقيق كذلك الآثار النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها الضحايا، خصوصًا في القرى والمناطق الريفية حيث يعاني الكثير من الضحايا من محدودية الموارد المالية للدفاع عن حقوقهم. ويُسجل التحقيق أن غياب الدعم القانوني الجيد للضحايا، خصوصًا الأطفال أو ذوي الإعاقة، يعمق من معاناتهم. ما يزيد الطين بلة هو إحجام بعض الضحايا عن التقدم بالشكوى بسبب الشعور بالوصمة الاجتماعية التي ترافق القضايا من هذا النوع، مما يخلق حلقة مفرغة من الظلم المتواصل.

الفقرة الخامسة: ضرورة الإصلاح القضائي والقانوني يحمل التحقيق رسالة واضحة بضرورة إصلاحات جوهرية في النظام القضائي المغربي لتشديد العقوبات وتفعيل القوانين بطريقة عادلة، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا الاعتداءات الجنسية ضد القاصرات. أبرز الخبراء القانونيون الذين شاركوا في التحقيق دعوا إلى ضرورة تفعيل مواد قانونية مثل المادة 82 لحماية الضحايا في القضايا الجنائية، بالإضافة إلى تعزيز دور المحاميين المتطوعين لدعم الضحايا الذين يعجزون عن تحمل تكاليف المحاماة. كما طالبوا بإعادة النظر في قوانين “الظروف المخففة”، لضمان عدم إضاعة حقوق الضحايا على حساب المجرمين.

الخاتمة: العدالة الحقيقية هي احترام حقوق الضحايا تحقيق “أريج” يفتح النقاش حول كيفية تحقيق العدالة الحقيقية في قضايا الاغتصاب في المغرب. فالعدالة ليست مجرد تطبيق نصوص قانونية باردة، بل هي أيضًا احترام لحقوق الضحايا ومراعاة للضرر النفسي والاجتماعي الذي يواجهونه. ينبغي أن تركز الإصلاحات القانونية على ضمان تطبيق عقوبات رادعة وأحكام عادلة، مع تقديم الدعم الكامل للضحايا. لا يمكن الحديث عن عدالة حقيقية إذا كانت الجريمة تعاقب بحكم يخفف من وطأتها أو إذا كانت الضحايا يضطرون إلى مواجهة المجرمين في محاكم لا توفر لهم الحماية الكافية. من الضروري أن تتضافر الجهود بين المجتمع المدني والنظام القضائي لتغيير هذا الواقع المؤلم.