في شوارع الرباط وسلا، تتصاعد أصوات الجرافات وهي تلتهم جدران المنازل، بينما يقف المواطنون عاجزين أمام عمليات الإفراغ والهدم التي تُنفذ بوتيرة سريعة. ولكن، ما الذي يحدث حقًا؟ هل هذه مجرد عمليات تطوير حضري، أم أنها جزء من لعبة سياسية أكبر تُدار خلف الكواليس؟ الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية” تُطلق صفارة إنذار: “هناك تجاوزات وخروقات قانونية، وتساؤلات خطيرة حول مصير العقارات المحصلة من المباني المهدمة.”
صراع السلطة أم حماية المصلحة العامة؟
تثير هذه القضية تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء قرارات الهدم والإفراغ. فبينما تصر السلطات على أن العمليات تتم وفق القانون، يؤكد “البيجيدي” أن هناك خروقات وتجاوزات، مشدداً على ضرورة احترام المساطر القانونية والشفافية في تدبير العقارات المحصلة. لكن الغموض الذي يلف مصير هذه العقارات، وغياب تفسيرات رسمية واضحة، يزيد من الشكوك حول وجود مصالح خفية.
هدم المنازل.. سياسة أم تدبير؟
يتساءل كثيرون: هل يتعلق الأمر بسياسة ممنهجة تهدف إلى إعادة هيكلة المشهد العمراني للمدن الكبرى، أم أن هناك خلفيات سياسية واقتصادية تحكم القرارات؟ حزب “العدالة والتنمية” لم يكتفِ بانتقاد عمليات الهدم، بل وسع دائرة الهجوم ليشمل ما وصفه بمحاولات الحزب الأغلبي “للتمكين السياسي” عبر استغلال إمكانات الدولة والجماعات الترابية لخدمة أجندته الانتخابية. هذا الاتهام يعيد إلى الواجهة جدل تضارب المصالح واستغلال النفوذ، الذي طالما شكل نقطة خلافية في المشهد السياسي المغربي.
التنافس الانتخابي في قلب العاصفة
لم يكن انتقاد “البيجيدي” للحكومة مقتصراً على ملف الهدم فقط، بل اتهمها أيضاً بالانخراط في سباق انتخابي مبكر، واستغلال الموارد العمومية لتحقيق مكاسب سياسية. هذه المعركة السياسية المبكرة، التي تتجلى في توظيف الإمكانات المالية والبشرية للدولة لصالح أجندة انتخابية، تضع مستقبل التنافس السياسي في المغرب تحت المجهر.
الأسئلة التي لم يُجب عليها بعد
مع استمرار هذه التوترات، تظل أسئلة حاسمة مطروحة: من المستفيد الحقيقي من عمليات الهدم هذه؟ وهل تشكل جزءاً من مخطط تنموي حقيقي، أم أنها مجرد غطاء لتصفية حسابات سياسية واقتصادية؟ والأهم، كيف ستؤثر هذه المعركة على المشهد السياسي في المرحلة القادمة؟
في غياب إجابات واضحة من الحكومة، يبقى المواطن المغربي عالقاً بين خطابين متناقضين: الأول يدافع عن “المصلحة العامة” والثاني يحذر من “تحويل الدولة إلى أداة في يد حزب واحد”. ومع اشتداد المواجهة السياسية، يبدو أن الجدل حول هذه القضية لن ينتهي قريباً.