الفساد الرياضي في المغرب: نموذج محمد أوزال وأزمة ممتدة منذ عقود

0
104

الرياضة المغربية تقف اليوم أمام اختبار تاريخي يعكس مدى قدرة المؤسسات الرياضية والقضائية على مواجهة أزمات متجذرة منذ عقود. قضية محمد أوزال، الرئيس الأسبق لنادي الرجاء البيضاوي وشخصية رياضية بارزة في المغرب، تعيد إلى الواجهة إشكالية الفساد الذي طالما أثر على القطاع الرياضي.

منذ توليه مناصب قيادية رياضية في نهاية التسعينيات، شكل أوزال نموذجًا لشخصيات هيمنت على المشهد الرياضي، لكن مع مرور الوقت، أثيرت حوله وحول آخرين تساؤلات حول دورهم في تفشي مظاهر الفساد وسوء الإدارة داخل الرياضة المغربية.

قضية محمد أوزال: الفساد يخرج إلى العلن

في 26 نوفمبر 2024، مثل محمد أوزال أمام وكيل الملك في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتهم تتعلق بخيانة الأمانة وإصدار شيكات بدون رصيد. التحقيقات الأولية أسفرت عن أمر بوضعه رهن الحبس الاحتياطي، فيما صدرت أوامر بإلقاء القبض على نجله خالد أوزال بتهم ثقيلة.

هذه القضية لم تكن مفاجئة بالكامل. عائلة أوزال كانت تواجه مشاكل قانونية منذ سنوات، إذ وُضعت شركتهم العاملة في مجال استشارات التأمين تحت التصفية الإجبارية في مايو 2023.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: كيف يمكن لشخصيات رمزية بهذا الحجم أن تصل إلى هذا الوضع؟
هذه القضية تمثل صورة مكبرة عن الاختلالات التي تعانيها المؤسسات الرياضية المغربية منذ سنوات طويلة.

الرياضة المغربية بين الإدارة والفساد

محمد أوزال لم يكن فقط رئيسًا لنادي الرجاء البيضاوي، بل شغل أيضًا مناصب بارزة، منها:

  • رئيس المجموعة الوطنية لكرة القدم (GNF) بين 1998 و2010.

  • نائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (FRMF) بين 1998 و2009.

  • رئيس الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى بين 2000 و2006.

ورغم نجاحات رياضية مثل فوز الرجاء بكأس إفريقيا للأندية البطلة عام 1989، إلا أن فترته القيادية كانت مليئة بالاتهامات المتعلقة بسوء الإدارة والفساد.

هل يمكن القول إن بقاء نفس الأسماء في المشهد الرياضي لعقود ساهم في تعميق الفساد؟
تكرار تولي نفس المسؤولين للمناصب الرياضية يثير تساؤلات حول معايير التعيين ودور المحسوبية في استمرار الوضع الراهن.

الفساد في الرياضة: قضية مستمرة منذ 1998

منذ أواخر التسعينيات، بدأ يظهر نمط من التداخل بين المصالح الشخصية والمسؤوليات الرياضية في المغرب. شخصيات مثل محمد أوزال أصبحت نموذجًا لإشكالية الجمع بين الأدوار القيادية والقرارات التي غالبًا ما تخدم مصالح فردية.

القضية ليست محصورة في أوزال فقط؛ بل تعكس نظامًا أوسع يتسم بغياب الرقابة الفعالة وسوء استغلال السلطة.

إلى أي مدى يمكن اعتبار قضية أوزال بداية لمرحلة جديدة من المساءلة؟
محاربة الفساد تتطلب إرادة سياسية ومجتمعية قادرة على إعادة بناء الثقة في المؤسسات الرياضية.

إصلاح القطاع الرياضي: خطوة لا تقبل التأجيل

الفساد في الرياضة المغربية ليس وليد اليوم، لكنه بات أكثر وضوحًا بفضل قضايا مثل قضية أوزال. الحل يكمن في:

  • إعادة هيكلة المؤسسات الرياضية لضمان الشفافية والمساءلة.

  • إبعاد الشخصيات التي تواجه اتهامات بالفساد عن المشهد الرياضي.

  • تفعيل الرقابة المالية والقانونية على الأندية والاتحادات الرياضية.

  • تعزيز دور القضاء في متابعة القضايا المرتبطة بالفساد الرياضي.

مستقبل الرياضة المغربية على المحك

إذا كانت قضية أوزال درسًا، فهل سيتحول هذا الدرس إلى نقطة انطلاق للإصلاح؟ أم أن الرياضة المغربية ستظل رهينة للمصالح الشخصية والمحسوبية؟

المغرب أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء منظومة رياضية تستند إلى الكفاءة والنزاهة، بعيدًا عن رموز الفساد التي شوهت هذا المجال لسنوات. هل ستكون الإرادة السياسية كافية لتحقيق ذلك؟