“النهج الديمقراطي العمالي” يصف “مشروع قانون مالية 2024 يكرس الخوصصة والتفقير و الغلاء”

0
388

أكد حزب “النهج الديمقراطي العمالي” في المغرب أن مشروع قانون المالية للسنة القادمة تطغى عليه الهيمنة التقنية مقابل غياب الروح السياسية والجرأة، مشيرة إلى أن ميزانية 2024 تكرس الخوصصة والتفقير و الغلاء، ولا تحمل لا تحولا اقتصاديا ولا مواجهة للفساد، كما أنها لا يمكن أن تخرج فئات من الفقر والهشاشة بغياب إجراءات بإمكانها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

ويأتي ذلك في الوقت الذي دافعت فيه الأغلبية عن قانون المالية لسنة 2024، لأنه يحمل في طياته “إجراءات استثنائية وشجاعة وغير مسبوقة”.

وأوضح الحزب في بيان لمكتبه السياسي، أن القانون المالي يعكس استمرار وتعميق نفس التوجهات السياسية، التي تكرس الفوارق الطبقية والغلاء وضرب صندوق المقاصة، وتعمل على تصفية الحقوق والخدمات الاجتماعية العمومية (الماء والكهرباء الصحة والتعليم).

وثمن الحزب الحراك التعليمي الذي فرض إعادة ملف التعليم إلى طاولة المفاوضات، من أجل حقوق نساء ورجال التعليم ومن أجل المدرسة العمومية.

ودعا  إلى استمرار اليقظة من محاولات تفكيك وحدة الشغيلة التعليمية وكفاحها في الدفاع عن الوظيفة والمدرسة العموميتين، ومن أجل إلغاء التعاقد وحماية مجانية المدرسة ووحدتها وجودتها ورفض الخوصصة فيها.

وأدان الحزب أساليب القمع والترهيب من محاكمات للأساتذة، واقتطاعات للأجور وقطع الأرزاق والتجويع وتجنيد الغير العاملين في القطاع لتعويض المضربين كمحاولات ابتزازية للمضربين لمحاولة كسر معركتهم.

وناشد القوى التقدمية والديمقراطية المناضلة إلى بلورة رؤية موحدة لمقاومة ما يستهدف المدرسة العمومية من مخططات.

وعلى صعيد آخر، أكد الحزب أن القضية الفلسطينية قضية تحرر وطني ضد الاستعمار والتحالف الصهيوني الامبريالي الرجعي، لافتا إلى أن المقاومة الفلسطينية الموحدة، عرت بعد عملية طوفان الأقصى، من جديد الطبيعة الاستعمارية للكيان الصهيوني وخلفية وأهداف الاحتلال وأساليب التطهير العرقي، والتواطؤ الامبريالي الرجعي لتصفية القضية الفلسطينية عبر التطبيع.

وانتقد الحزب استمرار المغرب في الحفاظ على علاقته مع الكيان الغاصب رغم ما يجري من جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، داعيا إلى المزيد من الضغط الشعبي والنضال الوحدوي لإلغاء التطبيع بشكل رسمي وتجريم كافة أشكاله وتجفيف مخططات الصهينة بكافة أشكالها ببلادنا.

أكتوبر الماضي، خلال المناقشة العامة لمشروع القانون بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أكد رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية عبدالرحيم شهيد أن الإجراءات التي جاءت بها الحكومة في مختلف قوانين المالية ليست كافية ولا محدثة للأثر على المالية العمومية سواء في الجانب المتعلق بالتحكم في العجز المزدوج للميزانية والميزان التجاري، أو في ما يتعلق بالمديونية أو في الرفع من نسب النمو أو في التحكم في البطالة.

وأكد شهيد أن “الإجراءات التي جاءت بها الحكومة في مختلف قوانين المالية ليست كافية وتكرس الإيقاع البطيء لتعاطي الحكومة مع القضايا الإستراتيجية، كما أن مقتضيات المشروع تنقصها الجرأة والعمق اللازمين لتنزيل الإصلاحات الهيكلية التي تحتاجها بلادنا: إصلاح المنظومة الجبائية، محاربة الإثراء غير المشروع، وغيرها”.

وفي الوقت الذي نوهت فيه الحكومة بتوسيع قاعدة المستفيدين من البرنامج ليشمل بعض الفئات الأخرى التي هي في حاجة إلى مساعدة، مع رصد 4.3 مليار درهم للدعم المباشر للنساء الأرامل، اتهمت المعارضة الحكومة بـ”توظيف الأرقام للإيهام بالزيادة في ميزانيات القطاعات الاجتماعية”، موضحة أنه “من أجل قياس مدى اهتمام الحكومة بقطاعٍ ما وجعله أولوية، لا يكفي أن نقارن ميزانيته لهذه السنة مع السنة السابقة، بل يتعين أيضاً استحضار نسبة ومبلغ الزيادة العامة لميزانية الدولة من حيث الموارد والنفقات”.

وأشار رشيد حموني رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية إلى أن “الحكومة تقوم بعدة إجراءات إيجابية”، لافتا إلى أن “الإجراءات الحكومية إما معزولة عن بعضها ولا تندرجُ ضمن مخطط ورؤية شمولية، أو لا يتم التواصل الكافي مع المجتمع لتفسيرها، أو أنها إجراءاتٌ يُصاحبها كلامٌ كثير دون أثر”.

وتساءل حموني “أين الحكومة من مفهوم الدولة الاجتماعية الحقيقية؟”، معددا أنه “لا يوجد تحوّل اقتصادي، ولا اتجاه نحو المهن الجديدة للمستقبل، ولا جديد في معركة تأهيل العنصر البشري ولا يوجد إصلاح ضريبي ولا إصلاح لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، ولا إدماج للقطاع غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي، ولا إصلاح للتقاعد، ولا مناصب شغل قارة، ولا دعم للمقاولة، ولا مواجهة للفساد والريع، ولا إخراج فئات من الفقر والهشاشة”.

وفي معرض دفاعه عن توجه الحكومة أكد رئيس الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار محمد غيات أن “مشروع قانون المالية الحالي ليس مشروعا عاديا وليس إجراءات مالية وتدبيرية روتينية، وأن العناوين الكبرى للاختيارات الاجتماعية الواضحة فيه تعلن دون الكثير من الشرح أن كل المغاربة صار لهم نفس الحق في العيش الكريم في وطنهم، المتمثل في الحق في الصحة والحق في السكن اللائق، والحق في العمل الضامن للكرامة”.

فيما حذّرت المعارضة من أن الزيادات التي جاءت في المشروع ستجهز على القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة وللمستفيدين أنفسهم

لكن المعارضة حذرت من أن الزيادات التي جاءت في المشروع ستجهز على القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة وللمستفيدين أنفسهم، مقترحة في المقابل تخصيص منحة للأمهات ربات البيوت عبر تقدير العمل المنزلي في إطار الدعم الاجتماعي “مع تمكين الشباب الباحثين عن الشغل (المعطلين) من الدعم المباشر، ولنا مقترح قانون في هذا الصدد”.

وأكد رئيس فريق حزب الحركة الشعبية بمجلس النواب إدريس السنتيسي أن هناك من عاب على المعارضة أنها تمارس “القمار السياسي” وأنها لا تقدم البدائل، مضيفا أن “هذا خطأ وقصور في التقدير والتقييم، فكل مبادراتنا في المعارضة هي بمثابة بدائل حقيقية لمجموعة من القضايا والملفات، لا تقتصر على التشخيص بل تقدم البدائل أيضا”، لافتا إلى أن “التعديلات نفسها التي تتقدم بها المعارضة هي بدائل والمبادرات الرقابية تدخل بدورها في مجال البدائل”.

وقالت المعارضة إن المشروع لم يحمل إجراءات بإمكانها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، علما أن تقارير مؤسسات وطنية كالمندوبية السامية للتخطيط تفيد بأن وضعية 81 في المئة من الأسر المغربية تدهورت بشكل كبير جراء ارتفاع الأسعار، متسائلة عن “السر في تغييب الحكومة لحلول إستراتيجية ومنصفة وشاملة من قبيل مراجعة منظومة الأجور، وإصلاح النظام الضريبي وفق معايير مجالية واجتماعية”.

في المقابل اعتبرت فرق الأغلبية أن الحكومة يحسب لها أنها تضمن استقرار الطبقة الوسطى باعتبارها الضمان الإستراتيجي للتماسك الاجتماعي، وستحرص في التعديلات على ألا تتضرر أي فئة من فئات المجتمع حفاظا على التوازن.

وقال نورالدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب (حزب الأغلبية) “إننا نعيش لحظة تاريخية في طريق ترسيخ الدولة الاجتماعية كما أرادها الملك، وإن الإجراءات التي يحملها هذا المشروع في طياته استثنائية وشجاعة، وتنقلنا اليوم من مرحلة التشخيص وتحديد الأولويات التي طالت عقودا من الزمن إلى مرحلة الجرأة والتنفيذ والوفاء بالتعهدات”.