تحليل شامل لمقال الدكتور عيدودي حول تعديلات مدونة الأسرة: قراءة جديدة لموقع “المغرب الآن”

0
205

في سياق النقاش الوطني حول تعديلات مدونة الأسرة، نشر الدكتور عيدودي، النائب البرلماني عن حزب الحركة الشعبية المعارض، مقالًا شاملًا يُفصّل فيه آراء المجلس العلمي الأعلى بشأن 17 مسألة شرعية متعلقة بمواد المدونة. يسلط هذا المقال الضوء على توجهات المجلس العلمي والإجابات التي قدمها حول قضايا جدلية تشغل الرأي العام المغربي.

موقع “المغرب الآن”، من خلال سياسته الجديدة في التحليل الصحفي، يُقدم قراءة معمقة لمضمون المقال ويطرح أسئلة محورية لفهم خلفياته وتداعياته.

ما الذي قدمه مقال عيدودي؟

يشير الدكتور عيدودي في مقاله إلى أن المجلس العلمي الأعلى، كهيئة دستورية ذات طابع ديني، قدم ملاحظاته على 17 مسألة شرعية مرتبطة بمدونة الأسرة. جاءت الإجابات مقسمة إلى:

  • عشر مسائل تم الموافقة عليها.

  • ثلاث مسائل قُدمت فيها حلول بديلة.

  • مسألتان قُدمت فيهما حلول مع اشتراط موافقة ولي الأمر.

  • مسألتان تُرك القرار فيهما لولي الأمر.

تحليل “المغرب الآن”: قراءة في الرسائل والمضامين

أولًا: العشر مسائل التي أجازها العلماء

  1. سن الزواج: رفع السن إلى 18 عامًا مع استثناء محدود عند 17 عامًا، بدلًا من 16 عامًا كما كان معمولًا به منذ 2004. السؤال هنا: هل ستُقلل هذه التعديلات من حالات زواج القاصرات فعلًا أم أن الثغرات القانونية ستظل قائمة؟

  2. شهادة الشاهدين المسلمين في عقود الزواج: أقر المجلس بإمكانية عقد الزواج للأجانب والمغاربة المقيمين بالخارج في حالة تعذر وجود شاهدين مسلمين، دون إلغاء شرط الشهود. لكن لماذا أُثير الجدل حول “إلغاء” الشهادة؟ ومن المستفيد من تسويق هذه المغالطات؟

  3. النيابة الشرعية المشتركة: الموافقة على منح المرأة الحق في النيابة الشرعية. خطوة تقدمية تعزز دور المرأة، لكن كيف سيتم تطبيقها عمليًا دون تعارض مع الأعراف المجتمعية؟

  4. احتساب العمل المنزلي في تنمية الثروة الزوجية: وافق المجلس على احتساب مساهمة المرأة في ثروة الرجل خلال فترة الزواج، دون إدراج الممتلكات السابقة للزواج. لكن من ينشر المغالطات بأن “الثروة ستُقسم” بشكل مطلق؟

  5. نفقة الزوجة بالعقد: تأكيد بدء النفقة من لحظة العقد وليس الخطوبة. هل سيؤدي هذا إلى تقليص المشكلات الناتجة عن التكاليف المادية للزواج؟

  6. إيقاف السكن بدل العمرى الإجبارية: طرح المجلس مفهوم “وقف السكن” لحماية حقوق الزوج أو الزوجة الباقية على قيد الحياة. هنا يبرز سؤال: لماذا لا يُدرج حق الأبوين في السكن ضمن هذا الوقف؟

  7. ديون الزوجين: أُجيزت مشاركة الزوجين في ديون مرتبطة بأموال مكتسبة خلال فترة الزواج. هل ستُحدث هذه القاعدة توازنًا بين الحقوق والواجبات؟

  8. حضانة المطلقة بعد الزواج: تأكيد أن الحضانة للأم طالما كانت الظروف مناسبة، مع تصحيح المغالطات المتداولة.

ثانياً: الرسائل الضمنية في المقال

عيدودي لم يكتفِ بسرد المسائل الشرعية، بل طرح نقاطًا تستدعي نقاشًا مجتمعيًا:

  • من ينشر المغالطات حول مواقف العلماء؟ وما أهداف هذه الحملات؟

  • كيف يمكن تحقيق التوازن بين تحديث التشريعات واحترام المرجعية الدينية؟

  • هل يُمكن اعتبار مقترحات المجلس خطوة نحو تحديث مدونة الأسرة أم أنها مجرد تعديلات شكلية؟

ثالثاً: أبعاد سياسية واجتماعية

مقال عيدودي يُشير ضمنيًا إلى أن المؤسسة الدينية أصبحت أكثر انفتاحًا على القضايا المعاصرة، مما قد يُفسر على أنه استجابة لضغوط المجتمع المدني. ولكن، هل يعني هذا تقليص تأثير القوى المحافظة؟

كما أن تفويض المجلس العلمي بعض القرارات لولي الأمر يعكس حساسية بعض القضايا الشرعية التي تتطلب توازنًا بين الاجتهاد الديني والسياسي.

سياسة “المغرب الآن”:

اعتماد موقع “المغرب الآن” على أسلوب صحافة النظر يُتيح للقارئ فهمًا أعمق للقضايا الوطنية. التحليل المعتمد على طرح الأسئلة وتفكيك المضامين يجعل المقالات أكثر شمولية ويساهم في تعزيز النقاش العام.

الخاتمة

مقال الدكتور عيدودي يُعد مساهمة قيمة في النقاش حول مدونة الأسرة، لكن التحليل الصحفي يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر حول تنفيذ هذه التعديلات وتداعياتها الاجتماعية والسياسية. يبقى السؤال الأهم: هل ستُشكل هذه التعديلات بداية حقيقية لتحديث المدونة أم أنها خطوة أخرى في مسار طويل من الإصلاحات التدريجية؟