تخلّفنا في فسادنا .. بقلم الدكتور أسامة آل تركي

0
349
بقلم الدكتور أسامة آل تركي‎

 سألني شاب من الطلاب الحاضرين في أحد محاضراتي سؤالا حير الجميع وكان أفضل سؤال يطرح علي، لماذا نحن في عالمنا العربي متخلفين وغير متقدمين رغم وجود ثروات في بلادنا العربية، وأكثر من ثمانون في المائة من ثروات العالم لدينا من المعادن والطاقة والآثار العالمية والسياحة والموقع الجغرافي الذي يتحكم في تجارة العالم، ونحن أمة سبقت كل الأمم ومن عِلْمنا أصبحت الدول المتقدمة فيما هي الآن.

نعم سؤال وجيه وجوابه بسيط، سبب تخلّفنا وتأخّرنا هو الفساد، فإذا أردنا تدمير أي حضارة، نطلق الفساد فيها ليعُمّ جميع مجالاتها، ونغض الطرف عن محاسبة الكبير قبل الصغير، دعونا نلقي نظرة على كل ماهو حولنا وسوف نعلم لماذا وصلنا إلى هذا المستوى، فالتعليم الذي لا أساس له بالواقع العملي وغياب البحث العلمي الذي من خلاله ترتقي الدول، والصحة وما يشهده هذا القطاع المهمل الذي لا قيمة للإنسان فيه ولا توجد فيه أدنى مستويات الآدمية لرعاية المرضى، كذلك تعيين الأشخاص الغير المؤهلين في المناصب الهامة بالدولة لأسباب الولاء والحزبية والمحسوبية والرشوة وتغييب الكفاءة، والقضاء وما أدراك ما القضاء، ذلك النظام الذي لا حسيب له ولا رقيب، يفعل المسؤول فيه مايريد دون خوف من المحاسبة، فتجد الأحكام الصادرة مجحفة في حق المحكوم عليهم ولو نظير عوزهم وعدم قدرتهم على دفع تكاليف ملفاتهم.

أنظر إلى السجون العربية التي لا علاقه لها بحقوق الإنسان وأكثرهم أبرياء لجهلهم بحقوقهم الدستورية أو بسبب تسلط القوي علي الضعيف، والإعلام الذي فقد أسُسَه ومبادئه، فدمر كل القيم والمثل الإسلامية وأصبح العُري هو الأساس في أي إنتاج، وإلغاء الرقيب وإخراج أسوأ وأقبح الأمور في مجتمعاتنا، فبعد كل هذا ماذا نتوقع أن تكون المخرجات، إذا كان أساس منظومة الدولة ينخره الفساد من كل الجهات، فهل يعقل بأن تتطور .

الدولة بكل أجهزتها السياسية وقطاعاتها لا تردع كل شخص تسبب في أي نوع من أنواع الفساد بالضرب بيد من حديد لتلك الشرذمة فهل يعقل أن تتقدم، الدولة تحمي الخونة الذين لا هدف لهم غير إعاقة دورة التقدم والإزدهار والنّمو الذي يجعلنا في الصفوف الأولى مثل باقي دول العالم المتقدم، فهل يعقل أن نلحق بهم. 

وا أسفاه على أمجاد أمة قَوامها رِجالات أفنوا حياتهم في تحصيل العلم وورّثُوه لأقوام وارته التراب. 

وخير ما نختم به قوله جل وعلا  “كنتم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ”.