“مراجعة مدونة الأسرة: هل تواكب التغييرات الاجتماعية أم تقيدها؟”
في خطوة مثيرة للجدل، قدم وزير العدل عبد اللطيف وهبي أمام مجلس الحكومة عرضًا مفصلًا حول تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة، في سياق يتسم بالتحديات الاجتماعية والحقوقية المتزايدة. يأتي هذا العرض في إطار التوجيهات الملكية التي أشار إليها الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي اليوم الخميس، حيث تم تسليط الضوء على أهمية هذا المشروع الذي يعتبره البعض خطوة تاريخية بينما يراه آخرون مجرد تجميل للواقع.
هل مراجعة المدونة تواكب التغيرات الاجتماعية؟
منذ تأسيس مدونة الأسرة في 2004، شهد المغرب تحولات جذرية على مستوى الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. هذه التحولات تستدعي إعادة النظر في بعض النصوص التي قد تكون أصبحت متقادمة أو غير متوافقة مع التحديات الجديدة. فهل تعكس هذه التعديلات تلك التغيرات العميقة التي عاشتها المجتمعات المغربية في العقدين الأخيرين؟ وهل هي خطوة نحو منح المرأة المزيد من الحقوق والفرص أم أن هناك جوانب مغفلة أو مجمدة في هذا التحديث؟
من أبرز النقاط التي طرحت في جلسة العمل التي ترأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في 23 دجنبر 2024، هو تحديث بنود المدونة لتواكب المعايير الدولية لحقوق الإنسان مع المحافظة على الخصوصيات الثقافية والدينية للمغرب. لكن، هل تفعيل هذه التعديلات سيحقق توازنًا بين التحديث المطلوب والتمسك بالتقاليد الاجتماعية؟
تفعيل التوجيهات الملكية: كيف تُترجم على الأرض؟
أشار مصطفى بايتاس إلى أن التعديلات المقترحة تأتي استجابة لتوجيهات الملك، والتي تهدف إلى تحسين وضعية الأسرة المغربية وتعزيز مكانة المرأة. فهل هذه التوجيهات كافية لتحقيق تغيير حقيقي في القوانين؟ وكيف يمكن ترجمة هذه المبادرات إلى أرض الواقع لضمان تطبيقها بشكل فعّال يلامس حياة الناس بشكل مباشر؟
في هذا السياق، تطرح العديد من الأسئلة: كيف سيؤثر تحديث المدونة على القضاء المغربي في التعامل مع قضايا الطلاق والنفقة والميراث؟ وهل ستكون هناك ضمانات فعّالة لمكافحة الممارسات التمييزية ضد المرأة في بعض المناطق؟ وكيف ستؤثر هذه التعديلات على الأسر ذات التقاليد القوية التي ترفض التغيير؟
ماذا عن قضايا المساواة؟
من بين أبرز القضايا المطروحة في جلسات المناقشة هو تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في المدونة. في حين أن البعض يرى أن التعديلات التي أُدخلت على المدونة في 2004 شكلت انطلاقة لمرحلة جديدة من المساواة، يعتقد آخرون أن هناك الكثير من النقاط التي لم تتم معالجتها بشكل كافٍ، خاصة في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة.
هل ستعزز التعديلات الجديدة، التي سيتبناها مجلس الحكومة، من موقف المرأة في الأسرة، أم أنها ستظل حبيسة العادات والتقاليد التي تحد من تمتعها بحقوقها كاملة؟ وهل ستسهم هذه التعديلات في خلق توازن حقيقي في العلاقات الأسرية أم أن هناك تهديدًا لأسس الاستقرار الأسري؟
الخلاصة
إن مراجعة مدونة الأسرة ليست مجرد خطوة قانونية أو تشريعية، بل هي اختبار حقيقي للمجتمع المغربي في قدرته على المواءمة بين الحداثة والتقاليد. وفي هذا السياق، يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح هذه المراجعة في منح المرأة المزيد من الحقوق دون الإخلال بالاستقرار الأسري؟ وهل ستكون هذه التعديلات بداية لحوار مجتمعي أوسع حول دور الأسرة في المجتمع المغربي المعاصر؟