جبهة البوليساريو تراسل شركة “وورلي” للاحتجاج وتحاول عرقلة مشروع أنبوب الغاز من نيجيريا إلى أوروبا

0
261

بعد خيبة أمل من الموقف الإسباني والتأيدي الدولي للمقنرح المغربي في الأقاليم الصحراوية ، لجأت جبهة الانفصاليين ما يسمى بالبوليساريو، عبر ما تسميه بـ”الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن”، بمراسلة شركة “وورلي” التي حصلت على عقد لتوفير خدمات تصميم هندسية لمشروع خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي الذي يزمع مروره بالأقاليم الجنوبية، مؤكدة عن رفضها التام للمشروع ولمشاركة شركات أجنبية فيه.

وتأتي هذه الخطوة وسط استعداد المملكة المغربية الشريفة لإجراء دراسة حول مشروع خط أنبوب الغاز الذي من المنتظر ان يربطه بنيجيريا.

وكان بيان لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية، قد أفاد الجمعة الماضي، أن المغرب وصندوق (أوبك) للتنمية الدولية قاما بالتوقيع على الوثائق القانونية المتعلقة بتمويل جزء من الشطر الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لمشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، والذي من المتوقع أن يشكل حافزا للتنمية الاقتصادية بمنطقة شمال غرب إفريقيا.

أضاف البيان، أن “وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح قامت، من خلال تبادل مراسلات مع المدير العام لصندوق أوبك للتنمية الدولية عبد الحميد الخليفة والمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أمنية بنخضرة، بالتوقيع على وثيقة قانونية تتعلق بتمويل قيمته 14.3 مليون دولار، يمنحه صندوق أوبك للتنمية الدولية للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في إطار مساهمته في تمويل الشطر الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لمشروع خط أنبوب الغاز الذي يربط بين جمهورية نيجيريا الاتحادية والمملكة المغربية”.

وأشار البيان إلى أنه من خلال دعمه لهذا المشروع النموذجي للتعاون جنوب – جنوب يعزز صندوق “أوبك” للتنمية الدولية علاقات التعاون المالية مع المغرب ويساهم في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.

ويبدو أن الانتكاسات الدبلوماسية والسياسية التي عاشتها الجزائر مؤخرا في علاقاتها مع المملكة المغربية بخصوص ملف الصحراء، دفعتها لإعادة تحريك هذا المشروع المجمد منذ 2009 مع أبوجا الذي تعول عليه مرة أخرى بإنشاء خط أنابيب يبلغ طوله الإجمالي 4128 كيلومترا، عبر نيجيريا والنيجر والجزائر، وصولا إلى الأراضي الأوروبية عبر البحر المتوسط. 

ويرى مراقبون إن الدول الأوروبية وخاصة إسبانيا تفضل مرور الغاز النيجيري عبر الأراضي المغربية حتى لا تتكرر المشكلة الموجودة حاليا بين الجزائر وإسبانيا، مشيرين إلى أن المسؤولين على أعلى مستوى في نيجيريا يفضلون عدم المراهنة على الجزائر لتحقيق هذا المشروع خصوصا وأنه يحتاج إلى تمويلات كبيرة ويحظى بدعم دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، سيداو، كونه سيضمن الأمن الطاقي لـ13 دولة أفريقية وعائدات مالية كبيرة لحكومة أبوجا، إذ سيسمح بنقل 40 مليار متر مكعب  سنويا في حين لا تتجاوز سعة الخط النيجيري الجزائري 30 مليار متر مكعب سنويا.

ورغم مراهنة الجزائر على عرقلة أنبوب الغاز، إلا أن العلاقات بين الرباط وأبوجا تعرف تطورا كبيرا عززتها المباحثات الهاتفية التي جمعت الملك محمد السادس بالرئيس النيجيري محمد بوهاري قبل عام تناولت بشكل أساسي الإسراع في تفاصيل مشروع أنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب وإحداث مصنع للأسمدة في أبوجا، باعتبارهما مشروعين استراتيجيين للبلدين معا.

وتعاكس الظروف الجيوسياسية التي تمر بها أوروبا والعالم نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية كل محاولة جزائرية لكسب خط سير أنبوب الغاز لصالحها، خصوصا بعد قرار الرئيس عبدالمجيد تبون في أكتوبر 2021 عدم تجديد عقد العمل بخط الغاز المغاربي – الأوروبي المار من الأراضي المغربية، والذي تضررت منه إسبانيا والبرتغال باعتبارهما المستفيدين الأولين من هذا الخط، والذي خفض ثقة الأوروبيين في الجزائر التي من المتوقع أن تنتهج نفس الأسلوب الابتزازي في المستقبل.

وكان وزير البترول النيجيري الصغير تيميبري سيلفا أعلن في تصريحات صحافية أن بلاده تبني الشق الخاص بها وتأمل في أن يمتد إلى السنغال وما بعدها إلى المغرب ودول شمال أفريقيا أخرى، مشددا على أن “المغرب له حدود مشتركة مع أوروبا، لذا بمجرد وصول خط أنبوب الغاز إلى المغرب، يمكننا أن نربط نظام خطوط الأنابيب الخاص بهم وننقل غازنا مباشرة إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب”، مضيفا أن “الرئيس محمد بخاري والملك محمد السادس ملتزمان جدا به ونعتقد أننا سننتقل بمشروع أنبوب الغاز إلى مرحلة متقدمة”. 

وتم إطلاق المشروع الضخم في أبوجا سنة 2016 برئاسة الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمدو بوخاري، وسيربط موارد الغاز في نيجيريا وتلك الموجودة في العديد من بلدان غرب أفريقيا والمغرب، وسيعزز بالتالي الاندماج الاقتصادي الإقليمي، عكس ضبابية المشروع الجزائري وعدم جديته وجدواه الاقتصادية، حسب عدد من المتتبعين.

يشار إلى أن جبهة البوليساريو، كانت قد خسرت رهان عرقلة اتفاق الصيد البحري بين المغرب، والاتحاد الأوربي، والذي دخل حيز التنفيذ، وخسرت ورقة الضغط بحقوق الإنسان، لتحاول الضغط بورقة الموارد الطبيعية، بمحاولات التشويش على عمليات تصدير الفوسفاط المغربي، وعرقلة المشاريع الأجنبية في الأقاليم الجنوبية، بمراسلة الشركات الاجنبية لمحاولة ثنيها عن استثماراتها في الصحراء.

تعكس هذه الخطوات والتحريضات قبل كل شيء الفوضى الحالية للنظام الجزائري واندفاعه الخطير المتهور، فمنذ عام 2014، كان على الاقتصاد الجزائري أن يتعامل مع انخفاض أسعار المحروقات.

ومع ذلك، فإن دخلها يأتي بشكل أساسي من صادراتها (94.5% من الصادرات)، و لا تزال الجزائر تعاني من نظام شبه سوفييتي. في عام 2019 ، بلغ عجز الموازنة 9% من الناتج المحلي الإجمالي، بنمو نسبته 0.7%.

بالإضافة إلى الصعوبات الاقتصادية، قد فقد المجلس العسكري الحاكم كل مصداقية في أعين المواطنين الجزائريين، ولا يزال صدى الملايين من أصوات الحراك يندد بالنظام المتصلب ، بعد 60 عامًا من استقلال الجزائر.

وبلا شك أن الجزائر تسعى إلى إخفاء الهزيمة الدبلوماسية اللاذعة ضد المغرب، لأنه منذ الاعتراف الأمريكي، ورمال الصحراء تتدفق بلا هوادة بين أصابع القادة الجزائريين.

وفي الوقت الذي يمول فيه النظام الجزائري جبهة البوليساريو لأكثر من نصف قرن، يواصل المغرب بخيار الحكم الذاتي الذي اقترحه، يجذب المزيد والمزيد من المجتمع الدولي.

عندما يختار العالم العربي، من عمان إلى القاهرة، ومن أبو ظبي إلى المنامة، القرب من إسرائيل دون التخلي عن الأخ الفلسطيني، فهذا يعني أن على الجزائر، بطلة القومية العربية، أن تراجع برامجها.

بلا شك أن الجزائر من خلال مضاعفة الاستفزازات، تحضّر رأيها العام لمواجهة عسكرية مع المغرب، ولهذا يجب على المجتمع الدولي أن يخرج بشكل مطلق من سباته لمطالبة الجزائر بوقف التصعيد، احتمال حدوث انفجار بين أكبر مستوردين للأسلحة في القارة الأفريقية مدعاة للقلق.