مبادرة “الوطن أولاً ودائماً” لعزيز رباح: رهان الإصلاح المستقل أم معركة النفس الطويل؟

0
1423

في زمن تعصف فيه التحولات بالمشهد السياسي المغربي، تطل مبادرة “الوطن أولاً ودائماً”، التي يقودها الوزير السابق عزيز رباح، كحركة إصلاحية تنموية واعدة، حاملةً معها رهانات ثقيلة وأسئلة مشروعة حول مستقبل الفعل السياسي البديل في المغرب.

رسالة مكاشفة في وجه “صنّاع الفتن”

رسالة رباح الأخيرة، الموسومة بنَفَس المصارحة والمكاشفة، جاءت كردٍّ مباشر على ما وصفهم بـ”صنّاع الفتن”، أولئك الذين يحاولون التشكيك في كل مبادرة إصلاحية مستقلة لا تخضع لمنطق الاصطفاف الحزبي الضيق أو الحسابات الفئوية العاجلة.
ومع هذه الرسالة، يُطرح تساؤل مشروع:

هل ينجح رباح في تثبيت معادلة جديدة للعمل الوطني القائم على الاستقلالية والاعتدال، أم أن التحديات الموضوعية أكبر من أن تُختزل في خطاب النوايا الطيبة؟

دينامية المبادرة: تطور ملحوظ

تعليق رباح الأخير يؤشر إلى أن المبادرة قد شهدت تطورًا في منهجيتها ونطاق عملها خلال الأشهر الأخيرة، سواء من حيث اتساع قاعدة المنتسبين والداعمين، أو من خلال تحصين خطابها السياسي برؤية أكثر توازنًا وواقعية.
هذا التطور يفرض على أي تحليل نزيه أن يعيد النظر في أحكامه المسبقة، وأن يتابع بأناة مآلات هذا “المشروع الإصلاحي المستقل”.

غير أن التساؤل الجوهري يظل قائمًا:

هل يكفي هذا التطور لضمان استمرارية المبادرة وسط مشهد سياسي يغلب عليه الاستقطاب الحاد وفقدان الثقة في التجارب الجديدة؟

بين صانعي الفتن ورواد الإصلاح

يراهن رباح على مقاربة تقوم على الصبر، النزاهة، والعمل التراكمي، بعيدًا عن منطق الرد على المهاترات.

لكنه في المقابل يواجه بيئة مشحونة بما وصفه بـ”الغيبة والنميمة والتفاهة”، أدوات هدم لكل جهد بناء.

وهنا يبرز السؤال:

هل تملك هذه المقاربة ما يكفي من القوة لمواجهة حملات التشكيك؟
وهل يستطيع الصادقون المضي قدمًا وسط هذا المناخ الملبد بالتوجسات؟

السياق العام: الحاجة إلى مبادرات مستقلة

لا يمكن إغفال أن المشهد السياسي المغربي اليوم يعاني من أزمة مصداقية حادة، وأن المبادرات الخارجة عن العباءات الحزبية التقليدية تملك فرصة حقيقية لسد هذا الفراغ.
ومع ذلك، تبقى التحديات جاثمة:

  • كيف تستقبل النخب الوطنية هذه المبادرة؟

  • وهل النخب مستعدة فعلًا للانخراط في مشروع إصلاحي جديد لا يخضع للولاءات المعتادة؟

  • كيف ستتفاعل الدولة مع هذه المبادرة في ظل التوجس القائم تجاه الحركات المستقلة والنخب الحزبية؟

تطرح أيضًا إشكالية إضافية:

لماذا تنظر بعض الأحزاب بعين الريبة إلى مثل هذه المبادرات، رغم أن الظرفية الحالية تتطلب أكثر من أي وقت مضى تجديد الفكر والعمل السياسي؟

رهان النفس الطويل

بلا شك، سيكون أمام عزيز رباح طريق طويل لإثبات مدى صدقية توجهه، وفرض مبادرته كحركة مستقلة وفاعلة في الحقل السياسي والاجتماعي.
الطريق ليس سهلاً، ولكن التعويل يبقى على النفس الطويل، وعلى قدرة المبادرة على التدرج في البناء والانفتاح دون الانجرار إلى الاستعراضات الإعلامية الفارغة.

خلاصة: الزمن هو الحكم

بين الحماس الواقعي والتحفظ الواجب، تبدو مبادرة “الوطن أولاً ودائماً” وكأنها تراهن على حكمة التدرج والصبر أكثر من رهانها على الاندفاعة العاطفية.
لكن الزمن وحده، والتفاعل الشعبي، كفيلان بالإجابة على السؤال الحاسم:

هل ستواصل القافلة السير حقًا، كما قال رباح، أم أن صانعي الفتن سينجحون في عرقلة طريقها؟