صحيفة “لاراثون” الإسبانية : المغرب لم يتخلى عن استرجاع سبتة ومليلية المحتلين

0
117

نشرت صحيفة “لاراثون” الإسبانية، مقالا تعلق فيه أبرز النقط التي تضمنها خطاب العاهل المغربي ، الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب ،  واشادته بموقف الاسباني الداعم لمغربية الصحراء وجدية مقترح الحكم الذاتي الذي يعد الحل الواقعي للنزاع .

وأشارت إلى أن تجنب الملك المفدى محمد السادس حفظه الله لملف سبتة ومليلية المحتلتين في خطابه الأخير، لا يعني تخلي المغرب عن مطلبها التقليدي باسترجاع هاذين الثغرين المحتلين ،معتبرة أن الملك اختار،الحفاظ على مناخ التعاون الجيد في مختلف المجالات بين مدريد والرباط، خاصة في مجالات الهجرة غير الشرعية والطاقة ومكافحة الإرهاب.

يذكر أن  الاعلام الاسباني  اسهب في تناول خطاب العاهل المغربي ، إشادة وتحليلا وانتقادا ،خاصة على مستوى التيارات السياسية المؤيدة لجبهة البوليساريو والتي تعتبر أن إسبانيا تخلت عن مسؤوليتها بشأن الملف. 

قبل أكثر من عام وفي غمرة خلافهم مع الرباط، حاول الإسبان أن يصوروا احتلالهم للبلدتين الواقعتين شمال المغرب، على أنه قضية وجودية تعني أوروبا بأكملها، مقدمين أنفسهم حراسا شرعيين للبوابة الجنوبية للقارة العجوز، يصدون عنها كل الهجمات والاختراقات المحتملة التي قد تطالها من الضفة الأخرى للمتوسط. والآن ومع بدء التطبيع التدريجي لعلاقاتهم بجارتهم الجنوبية، هل سيكون ممكنا أن تنقلب الآية ليتحول احتلال سبتة ومليلية، وعلى الضد من ذلك تماما إلى قضية افريقية تعني تحرير واحدة من آخر أراضي القارة السمراء من الاستعمار؟

لقد عاد المغرب في 2017 إلى ما اعتبره جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ، في ذلك الوقت، بيته الافريقي، منهيا قطيعة دامت أكثر من ثلاثين عاما. واعترف العاهل المغربي في خطاب العودة، بأن الأمر لم يكن سهلا بالمرة، مشددا على أنه «وبمجرد استعادة المملكة المغربية لمكانها فعليا داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته فإن جهودها ستنصب على لم الشمل والدفع به إلى الأمام». لكن القضية الصحراوية ظلت تقف كل مرة عقبة أمام تطوير علاقة الرباط بالاتحاد الذي بقي لذلك السبب ولعدة أسباب أخرى أيضا بعيدا عن ملف سبتة ومليلية. 

لقد كان كلام مسؤول إسباني سابق قبل فترة واضحا جدا في ذلك الخصوص، ففي ممقابلة له في إبريل/ نيسان الماضي مع وكالة الأنباء الإسبانية قال خورخي دراكارا وهو رئيس المخابرات الإسبانية السابق، إن المغرب لن يتخلى في يوم من الأيام عن سبتة ومليلية، ولن يوقف طموحاته بشأن استرجاعهما من إسبانيا، وإنه سيعود للمطالبة بهما ولن يتخلى عنهما مهما كان. وربما سيقول البعض إن ذلك مجرد انطباع أو توقع أو حتى تحذير غير جدي أو مبالغ فيه، غايته التخويف فقط من خطر أو تهديد غير موجود قد يشكله المغرب على شبه الجزيرة الإيبيرية على المدى المتوسط والبعيد، وإن عدة أطراف وقوى سياسية إسبانية دأبت على إطلاق مثل تلك التحذيرات بين الحين والآخر لغايات حزبية معروفة.

لكن ألم يعكس حرص الإسبان في يونيو/حزيران 2021 على انتزاع قرار رمزي من البرلمان الأوروبي باعتبار المدينتين المحتلتين حدودا خارجية للاتحاد الاوروبي، مقدار توجسهم وصدمتهم مما حصل في ذلك الوقت في سبتة، حين تدفق نحو ثمانية آلاف مهاجر في غضون يومين فقط إلى داخل الجيب المحتل؟ ثم ألم يكن أحد أهم أسباب تعطل مسار التطبيع التدريجي لعلاقاتهم مع المغرب هو سعيهم إلى تكريس بعض المظاهر التي تثبت سيادتهم على المدينتين المحتلتين مثل، إلغاء الامتياز الذي كان يقضي بدخول المغاربة القاطنين بالبلدات المتاخمة لهما من دون تأشيرات؟ الثابت أن الطرفين يعلمان جيدا أن المصالحة المغربية الإسبانية الأخيرة، لم تغلق ملف الثغور والبلدات والجزر المغربية المحتلة بشكل نهائي، لكن هل يعني ذلك أن المغرب يتعجل الحسم فيه ويرغب في تحويله إلى قضية إقليمية وافريقية؟

من الواضح أن الرباط تنظر للموضوع من اكثر من زواية وتأخذ بالاعتبار عدة معطيات، ولأجل ذلك فهي لا تتحمس اليوم لتلك العملية، لكن هل سيشكل موقف رئيس الاتحاد الافريقي الاخير من مأساة مليلية انتكاسة للتقارب المغربي مع الاتحاد؟ حتى الان لا يزال المغاربة حريصين على أن لا يهدموا بيتهم الافريقي، أو يهجروه، رغم كل ما ظهر فيه من تصدعات وتشققات منذ عودتهم إليه.

وسيطرت إسبانيا على “صخرة الحسيمة”، التي تقع على بعد 300 متر فقط عن ساحل مدينة الحسيمة المغربية، عام 1559، وبعدها احتلت جزيرة “قميرة” الواقعة على بعد 30 كيلومتراً عن مدينة الحسيمة، عام 1564.

ويعتبر المغرب أن هذه الجزر جزءاً من أراضيه، ويطالب منذ 60 عاماً، بالسيادة عليها وعلى جيبي سبتة ومليلية، الخاضعين للسيطرة الإسبانية منذ قرون.

وسيطرت إسبانيا على سبتة في عام 1688، بموجب معاهدة لشبونة. وأثارت حدود سبتة حرباً بين إسبانيا والمغرب، بين عامي 1859 و1860، كما احتلتها قوات الجنرال فرنسيسكو فرانكو، وانطلقت منها إلى إسبانيا، بعد تمردها على الحكومة اليسارية، مؤذنة باندلاع الحرب الأهلية (1936-1939).

كذلك سيطرت إسبانيا على جيب مليلية، في عام 1497، علماً أن مدريد منحت سبتة ومليلية حكماً ذاتياً، في عام 1995.

وتجددت مطالب استرجاع هذه الأراضي خلال الأشهر الأخيرة، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين الرباط ومدريد، بسبب استقبال السلطات الإسبانية زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وفي يونيو الماضي، دعا “حزب الاستقلال” المغربي إلى استرجاع مدينتي سبتة ومليلية والجزر الخاضعة للسيطرة الإسبانية، مؤكداً أن الوقت حان لإثارة هذا الموضوع.

وقال نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لـ”حزب الاستقلال”، في ندوة افتراضية، نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني: “الوقت حان لاسترجاع سبتة ومليلية المحتلتين، والجزر الجعفرية والجزر المرتبطة بهما”.

وأضاف: “لا بد من إثارة مجموعة من الملفات مع إسبانيا، والمغرب انتهج أسلوبا متزناً، ولكنه شرس في الوقت ذاته”.

وقبل التوتر الأخير، بلغت العلاقات بين إسبانيا والمغرب “أدنى مستوى”، بعد الاحتكاك في جزيرة ليلى (بيريخيل بالإسبانية) غير المأهولة، في يوليو 2002، والتي تبعد 250 متراً عن المغرب، و8 كيلومترات عن سبتة، و13.5 كيلومتر عن البرّ الإسباني. وأخرج آنذاك الجيش الإسباني عسكريين مغاربة تمركزوا في الجزيرة.