حرية الأسعار بين القانون والممارسة: هل يحمي قانون المنافسة المواطن المغربي من الاحتكار والغلاء؟
في ظل الارتفاع المستمر للأسعار وتآكل القدرة الشرائية، يجد المواطن المغربي نفسه في مواجهة سوق تبدو فيها المنافسة غير متكافئة. في هذا السياق، أثارت دعوة المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية لتشكيل لجنة برلمانية فرعية لتقييم القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة جدلًا واسعًا حول مدى فعالية هذا التشريع في تحقيق أهدافه المعلنة. فبعد مرور أكثر من عقد على صدوره، هل نجح هذا القانون في ضمان الشفافية والتنافسية العادلة، أم أن الممارسات الاحتكارية لا تزال تفرض نفسها على الأسواق؟
قانون حرية الأسعار: بين الطموح والواقع
صدر القانون رقم 104.12 عام 2014 كإطار تنظيمي يهدف إلى ضبط المنافسة ومنع الاحتكار، وذلك عبر:
-
تعزيز المنافسة: من خلال كبح التلاعب بالأسعار ومنع الاتفاقات السرية بين الفاعلين الاقتصاديين.
-
حماية المستهلك: عبر توفير أسعار عادلة وضمان جودة المنتجات والخدمات.
-
تحقيق الشفافية: بإلزام الشركات بالكشف عن سياساتها التسعيرية ومنع الغش التجاري.
لكن، هل استطاع القانون فعليًا الحد من هيمنة الشركات الكبرى وضمان حرية الأسعار وفق منطق السوق؟ أم أن الثغرات في تطبيقه سمحت ببروز ممارسات تضر بالمستهلك وتخل بتوازن السوق؟
التحديات التي تعرقل تطبيق القانون
رغم مرور أكثر من عشر سنوات على تطبيق القانون، لا تزال الأسواق المغربية تعاني من إشكاليات تعيق تحقيق المنافسة العادلة، أبرزها:
-
ضعف الرقابة على الشركات الكبرى
-
رغم وجود مجلس المنافسة، إلا أن تأثيره في ضبط الأسعار ظل محدودًا.
-
تقارير عدة تشير إلى استمرار التلاعب بالأسعار من قبل بعض الفاعلين الاقتصاديين، خصوصًا في قطاع المحروقات.
-
-
الاحتكار المقنع والممارسات غير التنافسية
-
بعض القطاعات الحيوية، مثل المواد الغذائية والطاقة، لا تزال تخضع لنفوذ شركات كبرى تحتكر السوق فعليًا.
-
استمرار التواطؤ بين الموردين والموزعين يؤدي إلى تضخم الأسعار دون مبررات منطقية.
-
-
ضعف العقوبات وعدم فعاليتها
-
رغم وجود نصوص قانونية تُجرِّم الاحتكار والتلاعب بالأسعار، إلا أن العقوبات غالبًا ما تكون غير رادعة.
-
الغرامات المفروضة على الشركات المخالفة تبقى محدودة مقارنة بالأرباح التي تحققها عبر الممارسات غير المشروعة.
-
بين حرية الأسعار وفوضى السوق: أين المواطن من كل هذا؟
المبدأ الأساسي لحرية الأسعار يقوم على التنافسية التي تؤدي إلى تحسين الجودة وخفض الأسعار، لكن في الواقع المغربي، يبدو أن هذه الحرية تحولت إلى أداة لرفع الأسعار بدلًا من تخفيضها. المواطن المغربي، الذي يفترض أن يكون المستفيد الأول من المنافسة، يجد نفسه رهينة أسعار غير مستقرة وممارسات تسعيرية لا تعكس التنافسية الحقيقية.
الحكومة تحت الضغط: هل يتحرك أخنوش لضبط السوق؟
رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي يواجه اتهامات بتضارب المصالح نظرًا لكونه رجل أعمال يملك استثمارات واسعة في قطاع المحروقات، بات مطالبًا أكثر من أي وقت مضى باتخاذ إجراءات ملموسة لضبط السوق.
لكن هل يستطيع فعليًا تطبيق إجراءات رقابية صارمة؟
-
هل ستمتلك الحكومة الإرادة السياسية لمواجهة الشركات الكبرى التي تفرض تسعيراتها على السوق؟
-
هل سيتم تعزيز دور مجلس المنافسة ليكون أكثر فعالية في ضبط المخالفات؟
-
هل ستُفرض إجراءات حمائية لضمان عدم استغلال حرية الأسعار للإثراء على حساب المستهلك؟