“عبد النبي عيدودي: حين يُولد الأمل من الهامش.. هل نحن أمام زعامة محلية تُعيد تشكيل المشهد السياسي بسيدي قاسم؟”

0
280

في زمن انحسرت فيه الثقة في الطبقة السياسية، يبرز اسم الدكتور عبد النبي عيدودي كإعصار سياسي يهدد باجتثاث الواقع القديم في إقليم سيدي قاسم. بينما يلقبه أنصاره بـ”عراب التغيير” و”هشة كشة” (الرجل الذي لا يهدأ)، يرى خصومه فيه تهديداً لنظام المحسوبيات القائم. فهل نحن أمام ظاهرة سياسية حقيقية أم مجرد بريق عابر؟

فهل نحن أمام تحول حقيقي تقوده إرادة محلية متجددة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرّد ومضة في مشهد سياسي يهيمن عليه الفتور والتجاذب؟

عبد النبي عيدودي، الملقب بـ”فارس سيدي قاسم” أو “عراب التغيير”، لا يظهر اليوم كسياسي قادم من خارج السياق، بل كابن الدار، نشأ في دار الكداري، بلدة منكوبة ضمن بلديات الإقليم التي تعاني منذ عقود من تهميش مزمن. فهل يمثل عودته القوية للساحة السياسية لحظة مفصلية في المسار التنموي للإقليم؟

ما يُميّز الرجل هو ارتباطه العضوي بهموم الساكنة: من غياب البنية التحتية، إلى تدهور المرافق العمومية، وصولاً إلى شعور جمعي بالإقصاء واللاجدوى. فهل يمكن لنموذج عيدودي أن يكسر هذا المسار؟

صعود نابع من الميدان لا من الصفقات في عالم السياسة المغربية، قلّما يصعد اسم دون دعم حزبي قوي أو توافقات مركزية، لكن عيدودي شكل الاستثناء. فبخلفيته الأكاديمية — دكتوراه في العلوم السياسية وأخرى في الدراسات الإسلامية — ومشاركته الواسعة في الحياة الفكرية والثقافية، صنع لنفسه مسارًا خاصًا، يُزاوج فيه بين الخطاب القريب من الناس والفعل الميداني.

فهل يملك عبد النبي عيدودي أدوات التأثير الحقيقي داخل مؤسسات القرار؟ وهل سيكون بمقدوره مواجهة لوبيات المصالح التي عطلت التنمية بالإقليم لعقود؟

سيرة نضالية بدأت بكلمة منذ 2013، حين خاض الانتخابات التشريعية الجزئية وحيدًا، بالكاد يمتلك سوى الكلمة ونيّة التغيير، حصل على ما يقرب من 3700 صوت، وهو رقم لم يكن يُنتظر آنذاك، لكنه كان مؤشرًا على بداية تحوّل عميق في وعي الناخبين.

تلك التجربة، وإن لم توصله للبرلمان حينها، شكّلت أول لبنة لمشروع سياسي متماسك يقوم على القرب من المواطن والعمل الميداني لا على التحالفات الهشة.

التحليل العام: هل يعيد عيدودي صياغة العلاقة بين المواطن والسياسة؟ ما يجعل تجربة عبد النبي عيدودي جديرة بالاهتمام، هو أنها تحاول إعادة تعريف السياسة في مجالس محلية كثيرًا ما تحولت إلى مواقع لتبادل المصالح.

فهل يمكن لهذه التجربة أن تفتح الباب أمام تجديد النخب بالإقليم؟ وهل تمثل عودته القوية اليوم بداية تحول في ميزان القوى داخل سيدي قاسم؟

ثمّة مؤشرات كثيرة على أن عيدودي لا يخوض مغامرة فردية، بل يقود دينامية محلية تتجاوز شخصه نحو مشروع جماعي للتغيير.

الخاتمة: نحو أي أفق؟ في زمن العزوف الانتخابي، والانفصال المتزايد بين المواطن والسياسة، يطرح مشروع عبد النبي عيدودي أسئلة جوهرية: هل يكفي حسن النية لخلق الفرق؟ أم أن التحول يحتاج أيضًا إلى هندسة سياسية ذكية؟

وهل سنرى في سيدي قاسم تجربة محلية تُلهم مناطق أخرى؟ أم أن قوى الجمود ستلتف مجددًا على حلم التغيير؟

يبقى السؤال مفتوحًا، لكن المؤكد أن المشهد لم يعد كما كان، وأن صوت الهامش بدأ يسمع بقوة، ولعل في قصة عيدودي دليل حي على ذلك.