فاطمة العبوس: الوالي ملزم بالنزول لحي المحيط وتوضيح مصير السكان المشردين

0
180

في قلب الرباط، حيث تلتهم الجرافات منازل المواطنين، تطفو على السطح قصة إنسانية مؤلمة. حي المحيط، الذي كان يومًا ما ملجأ لأسر عاشت فيه لعقود، تحول إلى ساحة لهدم واسع دون سابق إنذار أو حلول بديلة. فاطمة العبوس، الحقوقية والمهندسة والمراقبة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، وقفت في وجه هذه المأساة، مطالبة والي جهة الرباط سلا القنيطرة بالنزول إلى الميدان والاستماع إلى أصوات المتضررين.

وبينما يهلل البعض ويصفقون لوالي الجهة بعد زيارته الميدانية، يراهنون على أن هذه الزيارة كفيلة بتخفيف المعاناة، تأتي العبوس لتحمل المسؤولية كاملة على عاتقه. “أنت من أعطى الضوء الأخضر لهذه العمليات، فلا يمكن أن تتهرب من تحمل تبعات تشريد آلاف الأسر وتدمير حياتهم”، تقول العبوس. الزيارة ليست سوى محاولة لتهدئة الرأي العام، في وقت يحتاج فيه المواطنون إلى حلول حقيقية، لا مجرد جولات إعلامية تستعرض صورًا فارغة من المحتوى.

الهدم دون حلول: تشريد أم إصلاح؟

“قبل أن تهدموا، ابحثوا عن سكن للناس!” هكذا بدأت فاطمة العبوس حديثها، وهي تصف حالة الرعب التي يعيشها سكان حي المحيط. “الناس لا تعرف كيف ستقضي رمضان هذا العام”، قالت العبوس، مشيرة إلى أن عمليات الهدم تمت دون توفير حلول سكنية للمتضررين. السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن تبرير تشريد الأسر في الشارع باسم الإصلاح؟

وأضافت: “ليس مقبولًا أن يتم تشريد الناس في الشارع. يجب أن يتم تعويض الجميع، سواء كانوا ملاكًا أو مكترين أو أصحاب محلات تجارية”. لكن الواقع يشير إلى أن بعض الأسر فقط هي التي تم الاتصال بها لتقديم حلول سكنية، بينما بقي الآخرون في حالة من الغموض والقلق.

غياب الشفافية: من المستفيد الحقيقي؟

العبوس لم تكتفِ بانتقاد عمليات الهدم، بل دعت إلى كشف الجهات المستفيدة من هذه العمليات. هل المشروع عمومي أم خصوصي؟ هل هو مغربي أم أجنبي؟ هذه الأسئلة بقيت دون إجابة، مما يزيد من حدة الشكوك حول نزاهة هذه العمليات.

“في الدول المتقدمة، مثل هذه الأمور تتم بالإخبار والإشراك والنقاش والتفاوض”، قالت العبوس، مشيرة إلى أن غياب الشفافية يضعف ثقة المواطنين في المؤسسات المسؤولة.

نداء للإنصاف: ماذا عن الكرامة الإنسانية؟

العبوس شددت على ضرورة حفظ كرامة الساكنة المتضررة، قائلة: “الهدف هو إنصاف الساكنة وضمان أن تعيش في ظروف لائقة”. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن تحقيق الإنصاف في ظل غياب الشفافية وعدم وجود حلول بديلة؟

وأشارت إلى أن عدد الأسر المتضررة ليس هائلًا، وبالتالي يمكن إيجاد حلول لجميع الفئات. لكنها حذرت من أن عدم التحرك السريع قد يؤدي إلى توسع هذه المشكلة لأحياء أخرى، مما سيزيد من حدة الأزمة.

مطالبة بمشاركة الشركات في التعويضات

العبوس اقترحت أن تشارك الشركات المعنية بالمشروع في التعويضات، خاصة إذا كانت هذه الشركات ستستفيد بشكل كبير من المشروع. “إذا كانت الشركات رابحة، فينبغي أن تشارك في التعويضات”، قالت العبوس، مشيرة إلى أن هذا النموذج تم تطبيقه في مشاريع سابقة، مثل هيكلة مدن الصفيح.

أسئلة تبحث عن إجابات

هذه القصة تطرح أسئلة محرجة:

  1. لماذا يتم الهدم قبل إيجاد حلول بديلة؟
    هل يمكن تبرير تشريد الأسر في الشارع باسم الإصلاح؟

  2. من المستفيد الحقيقي من هذه العمليات؟
    هل يتم تفضيل مصالح الشركات على حساب حقوق المواطنين؟

  3. هل هناك رقابة حقيقية على هذه العمليات؟
    غياب الشفافية يضعف ثقة المواطنين في المؤسسات المسؤولة.

  4. ماذا عن الكرامة الإنسانية؟
    كيف يمكن ضمان عيش المواطنين في ظروف لائقة بعد تشريدهم من منازلهم؟

الخاتمة: عندما تصبح الإصلاحات ضد المواطنين

القصة هنا ليست مجرد قصة عن هدم منازل، بل هي قصة عن إهمال حقوق المواطنين وغياب الشفافية. فاطمة العبوس قدمت صورة قاتمة لواقع يعيشه المواطنون، لكن كلماتها كانت أيضًا نداءً للإنصاف والشفافية.

في النهاية، السؤال الأكبر هو: هل ستستجيب الجهات المسؤولة لمطالب الإنصاف؟ أم أن عمليات الهدم ستستمر دون مراعاة لحقوق المواطنين وكرامتهم؟ هذه القصة تذكرنا بأن الإصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ باحترام حقوق الإنسان، وليس بتشريده.