محاربة الرشوة: المغرب يعزّز ترسانته القانونيّة ضدّ الرشوة والفساد وتطهير مؤسسات الدولة منها

0
386

اعتمد المغرب اليوم إطارا قانونيّا يسمح له ولأوّل مرّة بتطبيق قانون جديد من شأنه التصدي بشكل أكبر للرشوة والفساد، وتطهير مؤسسات الدولة منها.

الرباط  –  صادق مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان الثلاثاء بالإجماع، على مشروع قانون رقم 46.19 يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية في إطار قراءة ثانية.

في تغريذة لرئيس الحكومة ، سعد الدين العثماني على موقع “تويتر” ، كتب :”المغرب صادق مجلس_النواب بالجلسة العمومية اليوم الثلاثاء 23 مارس 2021 على مشروع قانون رقم 46.19 يتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، المدرج ضمن جدول أعمال الدورة الاستثنائية في إطار قراءة ثانية.”

ويأتي مشروع هذا القانون في إطار تطبيق أحكام الدستور وخاصة الفصل 167 منه، وذلك من خلال تعزيز موقع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، باعتبارها مؤسسة وطنية، والتي تضطلع بمهامها، في إطار من التعاون والتكامل والتنسيق المؤسسي والوظيفي، مع السلطات والمؤسسات والهيئات الأخرى المعتبرة ضمن المنظومة الوطنية المعنية بمكافحة الفساد.

كما يندرج في سياق تأهيل الهيئة للنهوض بالمهام الملقاة على عاتقها، سواء في نشر قيم النزاهة والشفافية والوقاية من الرشوة، أو في مجال الإسهام في مكافحة الفساد.

وتتلخص أهداف المشروع في توسيع مفهوم الفساد، وذلك عبر إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد مفهوم الفساد والتمييز بين نوعين من أفعال الفساد المحددة لمجال تدخل الهيئة.

ومن المجالات المتاح للهيئة التدخل فيها، بحسب نص القانون، تلك الأفعال التي تشكل جرائم بطبيعتها، تحيلها الهيئة إلى النيابة العامة المختصة، ثم الأفعال التي تشكل مخالفات إدارية ومالية تكتسي طابعا خاصا دون أن ترقى إلى درجة تكييفها جرائم قائمة بذاتها.

ويُمكن القانون المُصادق عليه، الهيئة من إجراء أبحاث وتحريات وإعداد تقارير تحيلها على السلطات والهيئات المختصة، بتحريك المتابعة التأديبية أو الجنائية حسب الحالة.

كما تتمثل أهداف القانون المصادق عليه اليوم  في توسيع نطاق مهام الهيئة ومجالات تدخلها، وذلك عبر مراجعة مهام الهيئة في ضوء أحكام الدستور، والتي تقوم على ثلاثة أبعاد أساسية تتمثل في البعدين التخليقي والوقائي للهيئة، من خلال النص على صلاحية الهيئة لاقتراح التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته والآليات والتدابير والإجراءات الكفيلة بتنفيذها على الوجه الأمثل.

كما تتمثل صلاحيات الهيئة في السهر على استراتيجية وطنية متكاملة للتنشئة التربوية والاجتماعية على قيم النزاهة، ولاسيما في مجالي التربية والتكوين؛ والبعد التدخلي من خلال الإسهام في مكافحة الفساد، عبر منح الهيئة مجموعة من الصلاحيات الجديدة، نتيجة توسيع مفهوم الفساد.

ورغم تحسن تنقيط المغرب في مؤشر الرشوة العالمي، فإنه “ما زال يصنف ضمن البلدان التي تعرف استفحال هذه الآفة”، بل إنه لم يصل بعد إلى المستوى الذي يسمح بانتشاله من خانة الدول التي ما زالت مجهوداتها في مكافحة الفساد “غير كافية وغير فعالة”.

ويشير التقرير إلى أن جرائم الارتشاء والاختلاس واستغلال النفوذ، المعروضة على المحاكم، “تتصدر قائمة القضايا المعروضة على القضاء”، وأن مكانة جرائم الفساد، بالنظر لعدد القضايا والمتابعين، “تبقى جد مرتفعة في مجموع الجرائم المرتكبة، وتوجد في تطور مستمر، وبوثيرة جد مرتفعة خلال العشر سنوات الأخيرة”.

أما بخصوص عمل مأموري الهيئة في مجال إجراء الأبحاث والتحريات، فأكد المشروع أن الأمر يتعلق بتمكين الهيئة من آليات تستجيب لمتطلبات المهام المنوطة بها، وعلى الخصوص منها الوضع القانوني لمأموريها وصلاحياتهم، والنص على أدائهم اليمين القانونية أمام محكمة الاستئناف بالرباط، مع تكليفهم بعمليات البحث والتحري من قبل رئيس الهيئة وتحت سلطته، وتحرير محاضر بالعمليات المنجزة من قبلهم، وهي محاضر ذات قيمة قانونية، يوثق بها إلى أن يثبت ما يخالفها.

كما نص المشروع على تطبيق عقوبات تأديبية وجنائية في حق الأشخاص الذين يقومون بعرقلة عمل الهيئة، بامتناعهم عن الاستجابة لطلباتها دون مبرر قانوني.

ويرمي مشروع القانون أيضا إلى تخويل رئيس الهيئة إعداد كل الآليات اللازمة لتمكين الهيئة من ممارسة اختصاصاتها، كما هو الشأن بالنسبة لصلاحيات إعداد جميع مشاريع القرارات المزمع عرضها على مجلس الهيئة وإعداد مشاريع النظام الداخلي للهيئة والنظام الخاص بالصفقات والنظام الأساسي الخاص بالموارد البشرية العاملة بالهيئة وتقريرها السنوي، وغيرها من النصوص، شريطة أن تعرض هذه النصوص على مصادقة مجلس الهيئة للتداول في شأنها.

وقالت ترانسبرانسي المغرب في تعليق لها على هذا الترتيب، إنه طوال السنوات الأربع الماضية، نشهد نزوعا نحو تفاقم الوضع، وهو ما تؤكده نتائج بحوث استقصائية أخرى مثل مقياس الباروميتر العالمي، وهو ما يدل على المستوى الحاد للرشوة بالمغرب.

 وأضافت أنه ما عدا الخطاب المناهض للفساد والذي فقد المصداقية تماما، فلا وجود لإشارة إيجابية عن إرادة حقيقية لمكافحة الرشوة بشكل فعال.

احتل المغرب المرتبة 86 ضمن مؤشر إدراك الرشوة لسنة 2020، حيث حصل على 40 نقطة، وتراجع بذلك بنقطة واحدة وستة مراتب مقارنة بسنة 2019، وهو ما جعل منظمة “ترانسبرانسي المغرب” تضعه في خانة “منطقة فساد مزمن»”.

وشددت ترانسبرانسي المغرب، على ضرورة تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، واستكمال قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعدم إفراغه من جوهره ومرتكزاته الأساسية ومن استقلالية الهيئة، وكذا سن قانون متعلق بتضارب المصالح، وتنفيذه بهدف وضع حد لحالات تضارب المصالح التي يتم رصدها بشكل يومي، لاسيما في الصفقات العمومية، ثم مراجعة قانون ضمان حماية فعالة للشهود والمبلغين عن الفساد، زيادة على تجريم الإثراء غير المشروع في إطار المبادئ الأساسية التي ينص عليها القانون، فضلا عن تعديل القوانين المتعلقة بالتصريح بالممتلكات وتنفيذها.

 واستند مؤشر إدراك الرشوة برسم سنة 2020، إلى مختلف البحوث والدراسات الاستقصائية التي أجرتها وكالات دولية بهدف تحديد النقط التي حصلت عليها البلدان، وكذا ترتيبها، على مقياس الفساد. كما ركزت هذه الدراسات والبحوث على وضعية الفساد في القطاع العام، والتي يتم إنجازها كل سنة حول مؤشر إدراك الفساد.

 وخلال سنة 2020، اعتمد هذا المؤشر على 13 دراسة استقصائية وتقييمات أجراها خبراء بهدف قياس الفساد في 180 بلدا.