“مدونة الأسرة الجديدة: هل هي خطوة نحو العدالة أم عبء إضافي على الشباب؟ الشارع يرفض التعديل!”

0
150

مدونة الأسرة الجديدة: هل تُضاعف العزوف عن الزواج بين الشباب المغربي؟

تُعد التعديلات المقترحة على مدونة الأسرة المغربية أحد أكثر المواضيع المثيرة للجدل في الأوساط القانونية والاجتماعية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمستقبل العلاقات الأسرية في المغرب. هذه التعديلات، التي أعلن عنها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أثارت العديد من المخاوف لدى فئات كبيرة من المجتمع، وبالأخص فئة الشباب الذين يرون أنها قد تضاف عبئًا جديدًا على حياتهم المستقبلية.

فما هي تداعيات هذه التعديلات على الشباب المغربي؟ وهل يمكن أن تكون سببًا إضافيًا للعزوف عن الزواج وتفاقم أزمة العنوسة؟

الشباب بين القلق من المستقبل والتعديلات القانونية

بات من الواضح أن الشباب المغربي أصبحوا أكثر ترددًا بشأن اتخاذ خطوة الزواج، وهو ما يعكسه تنامي عدد العازفين عن الزواج في السنوات الأخيرة. التقارير الرسمية تشير إلى أن نسبة العازفين عن الزواج بين الشباب في الفئة العمرية 25-34 عامًا تجاوزت 35%، بينما يظل معدل العنوسة لدى النساء في حدود 50% وفقًا لبعض الدراسات الحديثة.

يعكس هذا التوجه قلقًا كبيرًا لدى العديد من الشباب الذين أصبحوا يعتبرون أن تكاليف الحياة الزوجية في ظل الظروف الحالية، بما في ذلك التعديلات القانونية الأخيرة، قد تكون عبئًا ثقيلًا يصعب تحمله.

محمد شاب مغربي من طنجة، عبر عن قلقه في تصريحات له عبر فيديو لموقع  “عبِّر” قائل:

“القانون الجديد يجعل الشباب متخوفين من الزواج، إذ يمكن أن يتحمل الرجل كافة المسؤوليات والنفقات بعد الطلاق، بينما تظل المرأة في البيت وتنتقل المسؤولية إلى رجل آخر.”

محمد ليس الوحيد في هذا الرأي، بل يتشاركه العديد من الشباب الذين يشعرون بأن التعديلات الجديدة قد تساهم في تحميل الرجل عبئًا أكبر من المسؤوليات، ما يزيد من مخاوفهم تجاه فكرة الزواج.




القصص الحية من الشباب: مخاوف وواقع مرير

من خلال العديد من القصص الحية التي شاركها الشباب عبر تقرير لموقع “عبِّر”، يبدو أن هناك هواجس متزايدة بشأن المستقبل الأسري في ظل التعديلات الجديدة على المدونة. شخص آخر، شاب في العشرينات من العمر، عبر عن قلقه قائلًا:

“كنت أفكر في الزواج هذا العام، لكن بعد سماعنا عن هذا القانون الجديد، أصبح لدي شكوك كبيرة. كيف لي أن أتزوج وأنا لا أستطيع ضمان استقرار حياتي الاقتصادية؟ إذا وقع الطلاق، سأكون ملزمًا بدفع النفقة والمسكن، وهذه أعباء لا أستطيع تحملها.”

تُظهر هذه القصص الحية واقعًا مريرًا يعيشه العديد من الشباب الذين أصبحوا يخشون من تبعات الزواج في ظل القوانين الجديدة التي يرونها تزيد من الأعباء عليهم. الخوف من الطلاق ومسؤولياته الاقتصادية أصبح يشكل عائقًا كبيرًا أمام فكرة الزواج.

إحصائيات تؤكد القلق المتزايد

في دراسة حديثة أجراها مركز الدراسات الاجتماعية، تبين أن الشباب المغربي يعاني من عزوف متزايد عن الزواج بسبب الأوضاع الاقتصادية، حيث وصل معدل العزوف عن الزواج في فئة الشباب من 25-34 عامًا إلى أكثر من 35% في السنوات الأخيرة. كما أن نسبة العنوسة بين النساء، خاصة في المناطق الحضرية، اقتربت من 50%، وهو ما يُعد مؤشرًا على فقدان الثقة بين الجنسين في إمكانية تحقيق الاستقرار الأسري في ظل الظروف الحالية.

بين وهبي ونهاري: تعديلات مدونة الأسرة… هل تهدد استقرار الأسرة المغربية وتفتح باب الفوضى الاجتماعية؟

رسالة الشباب إلى وزير العدل: أعباء إضافية لا يمكن تحملها

بجانب المخاوف من التعديلات القانونية، يبدو أن هناك فقدانًا كبيرًا للثقة بين الشباب وبين منظومة القوانين الأسرية في المغرب. العديد من الشباب الذين عبروا عن آراءهم عبر منصات التواصل الاجتماعي أشاروا إلى أن التعديلات الجديدة قد تساهم في تعميق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من حلها.

ووفقًا لأحد الشباب الذي أعرب عن موقفه بوضوح، حيث قال:

“مع تزايد معدلات البطالة، هل يعقل أن يُحمّل الرجل كل المسؤوليات في حال الطلاق؟ ماذا عن الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها؟ كيف يمكننا بناء أسرة ونحن غارقون في صعوبة الحياة؟”

هذه الرسالة التي وجهها الشباب إلى وزير العدل تُظهر حقيقة مريرة وهي أن التعديلات القانونية قد تُفاقم من مشاكل البطالة وتكاليف الحياة بدلاً من تقديم حلول حقيقية للواقع الشبابي.

إسحاق شارية: انتصارات مدونة الأسرة وهزائم عبد اللطيف وهبي… تصريحات مثيرة للجدل تفتح باب النقاش

مقارنة بين آراء الشباب ووجهة نظر وزير العدل

في المقابل، يرى عبد اللطيف وهبي أن هذه التعديلات تهدف إلى تعزيز حقوق المرأة وحمايتها من الانهيار العائلي، مؤكدًا أن هذه الخطوات تتماشى مع الدستور المغربي والتزامات المملكة الدولية. ولكنه لم يوضح كيف ستوازن هذه التعديلات بين حقوق المرأة وواقع الشباب المادي والاجتماعي، والذي يعاني من أزمات اقتصادية حادة.

بينما يرى الشباب أن هذه التعديلات قد تكون “غير واقعية” إذا لم تُراعِ الأوضاع الاقتصادية والتحديات الاجتماعية التي يواجهونها. إذ أنهم يعتبرون أن فرض المزيد من الأعباء على الرجل قد يؤدي إلى زيادة عزوفهم عن الزواج بشكل أكبر.

أسئلة مفتوحة للنقاش: هل يمكن تحقيق توازن حقيقي؟

إزاء هذه التعديلات، يطرح العديد من الشباب والأسرة المغربية أسئلة حيوية حول مدى قدرة مدونة الأسرة الجديدة على تحقيق العدالة بين الزوجين دون التسبب في عزوف الشباب عن بناء أسر جديدة. فهل تأخذ التعديلات الجديدة في اعتبارها واقع الشباب المغربي ومخاوفهم من الزواج؟ كيف يمكن تحقيق عدالة في العلاقات الزوجية دون أن تصبح هذه القوانين مصدرًا للضغط الاقتصادي والنفسي على أحد الطرفين؟

نحو قانون متوازن: الحاجة إلى حوار مجتمعي

من الضروري أن تُرافق أي تعديلات على مدونة الأسرة حملة توعية مجتمعية شاملة وتفصيل في كيفية تطبيق هذه القوانين. كما يجب على الحكومة أن تقدم حلولًا حقيقية لأزمة البطالة وتكاليف الزواج لضمان مستقبل أفضل للعلاقات الأسرية في المغرب.

في النهاية، يحتاج الجميع إلى حوار صريح وبناء بين الحكومة والشباب حول كيفية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات في الزواج وحمايته من التبعات الاقتصادية الصعبة. كما أن الإصلاحات لا يجب أن تكون مجرد تعديلات قانونية، بل يجب أن تراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع المغربي لضمان استقرار الأسرة المغربية في المستقبل.