مندوبية السجون تؤكد مواصلة الجهود لتحسين ظروف إيواء المعتقلين ومعالجة ظاهرة الاكتظاظ التي تعود الى خلل في جهاز العدالة !؟

0
115

الاكتظاظ في السجون المغربية لا يعود فقط الى تنامي ظاهرة الجريمة بل الى خلل في جهاز العدالة ايضا. “جهاز العدالة في المغرب لا يقدر حجم العقوبة السالبة للحرية وليست له مرجعيات محددة لتساعده على ان يعوض هذه العقوبات بعقوبات اخرى …كالعقوبات المالية كما هو الشأن بالنسبة لدول اخرى.”

الرباط – أكدت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في تقرير لأنشطتها لسنة 2020 سعيها لمواصلة تحسين ظروف إيواء المعتقلين ومعالجة ظاهرة الاكتظاظ بالسجون وفق الامكانيات المتاحة لديها.

وأورد التقرير أن سنة 2020 عرفت افتتاح ثلاثة سجون محلية بكل من مدن بركان والعرائش ووجدة بطاقة استيعابية إجاملية تقدر بـ4400 سرير، مقابل إغلاق السجنين القديمين ببركان ووجدة والسجن المحلي بالقصر الكبير.

كما تواصلت ، خلال نفس السنة ، أشغال بناء مؤسستين سجنيتين بكل من أصيلة والجديدة 2 بطاقة استيعابية إجاملية تقدر ب3 آلاف سرير، وإطلاق أشغال بناء مؤسستين سجنيتين بكل من الداخلة والعيون 2 (نحو 3000 سرير)، إضافة إلى مباشرة مسطرة طلب العروض لبناء مؤسستين سجنيتين بتامسنا والصويرة.

وبخصوص مشاريع الإصلاح والتوسعة، أفاد التقرير بأنه تم الانتهاء من أشغال توسعة السجن المحلي سلا 2، كما بلغت أشغال تهيئة وتوسعة المركب السجني عين السبع مراحلها النهائية، مضيفا أنه تم الانتهاء من مشاريع الإصلاح والترميم بالسجون المحلية بأزيلال، ورأس الماء، وتزنيت، وتازة، وآسفي، والسجنين الفلاحيين بالرماني وزايو، وأشغال إعادة تهيئة السجن المحلي بالجديدة ومركز الإصلاح والتهذيب علي مومن، كما تتواصل أشغال إحداث ولوجيات ومحلات للنظافة خاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف المؤسسات السجنية.

وفي ما يتعلق بتجويد التغدية، ذكر التقرير أن التغدية تعتبر أحد الجوانب التي تحرص المندوبية العامة على إيلائها العناية اللازمة وتدبيرها بالشكل الذي يضمن للسجناء الاستفادة من وجبات غذائية سليمة ومتوازنة، حيث عملت خلال السنة الماضية على توفير أزيد من 95 مليون وجبة غذائية لفائدة نزلاء مختلف المؤسسات السجنية.

وشكّل المحبوسون احتياطياً منذ بداية 2020 حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة نحو 45 بالمئة من مجموع السجناء البالغ عددهم نحو 84 ألف سجين، وهي أعلى نسبة تسجَّل منذ سنة 2011، حسبما أعلن المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج خلال تقديمه ميزانية المندوبية لعام 2021 في مجلس النواب، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان المغرب يفرط في تطبيق الاعتقال الاحتياطي، وإن كان هذا الاستثناء الذي يخوّله القانون تحول إلى قاعدة؟

في المغرب، يدخل 20 ألف شخص السجون ويغادرونها بعد صدور أحكام بالبراءة بحقهم، بعدما قضوا أشهراً من الاعتقال الاحتياطي، كما يقول المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الدمج، محمد صالح التامك، خلال تقديمه مشروع الميزانية الفرعية للمندوبية أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم من تأكيد المسؤولين القضائيّين المغاربة أنّ ترشيد (التوعية حول) اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي موجود ضمن أولويات السياسة الجنائية في المغرب، إلا أن نسبة المعتقلين احتياطياً في البلاد في ارتفاع مطرد، وقد بلغت حتى 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي نحو 45,27 في المائة من عدد السجناء البالغ عددهم 84 ألفاً و393 معتقلاً، وهي أعلى نسبة تسجّل  منذ عام 2011.

ويقول التامك إنّ هذه الأرقام تكشف حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق المندوبية في الحد من الاكتظاظ، خصوصاً في ظل تفشي جائحة كورونا. وتعدّ هذه الإشكالية أساسية حتّى في الظروف العادية، لافتاً إلى أن الارتفاع الكبير لحالات الاعتقال، وبالتالي الاكتظاظ، يعرقل مساعي المندوبية لجعل ظروف الاعتقال أكثر إنسانية، وتأهيل السجناء لإعادة دمجهم في المجتمع.

وتأتي تصريحات التامك بعد نحو 4 أشهر من كشف تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية المؤقتة للوقوف على وضعية المؤسسات السجنية، أن في المغرب أعلى نسب للاعتقال الاحتياطي في العالم، رغم “أن أكثر من نصف المعتقلين احتياطياً تَصدر في حقهم أحكامٌ بالبراءة أو بعدم المتابعة أو بعقوبات سجنية موقوفة التنفيذ (مع وقف التنفيذ)”. وأكد التقرير أن مشكلة الاكتظاظ أزمة مستمرة في ظل مواصلة اعتماد آلية الاعتقال الاحتياطي من دون ترشيد، وعدم توفير بدائل للعقوبات السجنية، وتبلغ نسبة الاكتظاظ في هذه المؤسسات 75 في المائة.

ويوجد في السجون البالغ عددها 76 سجنا ًفي المغرب أزيد من 80 ألف معتقل، وفقاً لـ»المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج»، (DGAPR) اختصاراً بالفرنسية، وهي مؤسسة رسمية.

وتدعي السلطات أن معدلات الزيادة السكانية قد انخفضت في السنوات السبع الماضية من 45 بالمئة إلى 36.9 بالمئة.

ولكنهم يدركون أن الرقم لا يزال مرتفعاً جداً. مندوب السجون، أو سجان المملكة الأول كما تسميه الصحافة المغربية، محمد صالح التامك، اشتكى في عام 2017 إلى لجنة العدل في البرلمان من نقص الموارد المادية والبشرية في مؤسسته.

وفي تلك السنة، كان عدد السجناء 80 ألفاً، وتوقع التامك أن الوضع قد «يزداد سوءاً».

هناك العديد من السجون قيد الإنشاء، لكن عبد الله مسداد، الكاتب العام لـ»المرصد المغربي للسجون» (غير حكومي)، يعترض على ذلك، ويرى أن الحل ليس زيادة عدد السجون، بل «تقليل عدد السجناء».

ويوجد في المغرب 237 سجيناً لكل 100 ألف نسمة، وفقاً للبيانات التي جمعها معهد التحقيق في السياسات الجنائية (ICPR)، ومقره لندن.

مسؤول أوروبي زار عدة سجون مغاربية، ويتحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، يعتقد أن السجون المغربية ليست أسوأ من تلك الموجودة في باقي المنطقة.

“صحيح أنه لا توجد زنازين فردية باستثناء زنازين الأكثر خطورة أو الزنازين الخاضعة للمراقبة، وذلك لأن نموذج السجن في جميع أنحاء المنطقة المغاربية هو وجود حوالي 25 شخصاً في نفس الزنزانة، وهذه هي الممارسة المعتادة”.

وفي المغرب، كما هو الحال في تونس والجزائر، «تزور من يسمح لك بزيارته ولا شيء غير ذلك، لكنني لم أر أشخاصاً على الأرض، وهو ما لاحظته في موريتانيا، على سبيل المثال. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من الأنشطة ومزيد من الخبراء في السجون”.

عضو آخر في الاتحاد الأوروبي، على دراية بالسجون في المغرب، يعتقد في تصريح صحافي أن أسباب كثرة السجناء متعددة، “من ناحية، ينبغي إصلاح القانون الجنائي، فهناك جرائم يجب أن تكون خاطئة، وبالإضافة إلى ذلك، يجب تشجيع امتيازات المراقبة.

وفوق كل شيء، هناك نقص في الحساسية لدى القضاة عند إدارة الاحتجاز الوقائي.

رغم كل هذه السوداوية، يؤكد عبد الله مسداد على التقدم المحرز في السنوات الأخيرة، بحيث “يمكن للسجناء الآن التحدث إلى الخارج بالهاتف خمس دقائق في الأسبوع، وهناك أجهزة تلفزيون في الزنازين، كما تحسن الطعام أيضاً”.

الناشط يصر على أن المشكلة الرئيسية هي مشكلة الاكتظاظ بالسجون، وما ينتج عن ذلك، ويقول إن “الميزانية المتاحة للإدارة تكفي لإطعام 80 ألف سجين فقط… وفي الواقع، هناك سجناء أكثر بكثير من 85 ألف سجين”.

ويعتقد مسداد أن السبب الرئيسي وراء الاكتظاظ بالسجون هو “سوء استخدام القضاة والمدعين العامين للاحتجاز الوقائي”.

“يضعون أي شخص في السجن لمجرد تعاطي المخدرات. وفي الآونة الأخيرة، توفيت امرأة شابة كانت جريمتها تعاطي المخدرات”.

هناك مسألة أخرى، وفقاً لما ذكره “مسداد”، تتسبب في زيادة عدد المعتقلين، وهي أنه لا توجد عقوبات بديلة خارج السجن، و”هذا شيء تم تنفيذه في الجزائر، على سبيل المثال”.

كما يؤكد أنه لم يتم منح “الحريات المشروطة، في عام 2018، ولم يتم منح سوى 12 من أصل 657 تصريحاً مطلوباً”.

وفي المغرب يكون العفو الذي يمنحه الملك أمراً شائعاً، والذي يتم إصداره عادة في تواريخ الأعياد مثل اليوم الذي يحتفل فيه بوصوله إلى العرش. وفي هذا العام، وبسبب «كورونا»، استفاد ما مجموعه 5654 محتجزاً منه، ولكن حتى هذا العفو الجماعي لم يستطع منع المغرب من تحطيم الأرقام القياسية في عدد السجناء، ولا منع الجائحة من اجتياح سجون التامك.