من اليوتيوب إلى المدرجات: كيف يقود مروان سري ثورة ثقافية داخل نادي إنجليزي مغمور؟

0
186

في عصر يتحول فيه التأثير من الأستوديوهات إلى المنصات الرقمية، يُسجّل اليوم حدث قد يبدو عاديًا للبعض، لكنه يحمل في طياته مؤشرات على تحوّل جذري في مفهوم “امتلاك الأندية” و”سرد كرة القدم”.

في قلب شرق لندن، وتحديدًا في نادي داغنهام آند ريدبريدج المتواضع، ينضم مروان سري، اليوتيوبر المصري وصانع المحتوى الرياضي الشهير، إلى مجموعة مالكي النادي، فاتحًا الباب أمام نموذج جديد من الاستثمار العابر للثقافات والمنصات.

لكن من هو مروان سري؟

لمن لا يعرفه، هو مؤسس “Erza3″، واحدة من أكثر القنوات الرياضية العربية تأثيرًا على يوتيوب، وأكثر من مجرد صانع محتوى. هو راوٍ عصريّ لكرة القدم، يتنقّل بين التحليل، الكوميديا، والسرد الوثائقي، ليصنع لنفسه ولجمهوره “ملعبًا إعلاميًا” جديدًا يتجاوز الحدود.

هذا الانضمام ليس مجرد صفقة ملكية، بل هو بيان نوايا ثقافي.

منصة إلى مؤسسة… من محتوى إلى هوية

لطالما سعى سري إلى تحويل حبه لكرة القدم إلى جسر تواصل بين العالم العربي وعمق اللعبة في إنجلترا. لكن دخوله رسميًا في ملكية نادٍ إنجليزي يُمثّل قفزة نوعية: انتقال من “تفسير” اللعبة إلى “إنتاج” الواقع الكروي نفسه.

وربما ما يجعل هذا المشروع أكثر إثارة، هو وجود سلمى مشهور إلى جانبه، وهي إحدى أبرز رواة القصص الرقمية في الكرة البريطانية، والتي تم تعيينها مديرة للتطوير والمشاركة داخل النادي.

سلمى، التي اشتهرت بفيديوهاتها عن مباريات في الدوريات الدنيا، لطالما كانت صوتًا نسويًا حادًا وسط لعبة لا تزال ذكورية في سردها وتغطيتها. وهي لا تخفي طموحها: “ما يجذب الجمهور العربي ليس فقط البريميرليغ، بل الهرم الكروي خلفه، وهذا ما يجعل من الكرة الإنجليزية منظومة حية”، تقول.

الكرة الشعبية تعود إلى الواجهة

التحركات الجديدة داخل نادي داغنهام آند ريدبريدج تفتح نقاشًا مهمًا حول مستقبل الأندية الصغيرة في إنجلترا، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد من قبل صُنّاع المحتوى والمؤثرين. هل نشهد ميلاد نموذج جديد من الملكية؟ ليس فقط من رجال الأعمال، بل من رواة القصص؟

النادي، الذي ينشط في الدرجة الخامسة الإنجليزية، لم يكن يومًا في صدارة العناوين. تأسس رسميًا سنة 1992 بعد دمج فريقين محليين، ووصل إلى بعض النجاحات مثل نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1997 والصعود إلى دوري الدرجة الثانية سنة 2010.

لكن اليوم، يُراهن على سردٍ جديد لتاريخه، عبر لغة العصر: الفيديو، التفاعل، المنصات.

رهان على المجتمعات لا فقط على النتائج

في تصريحاتهم، يؤكد كل من مروان وسلمى على نية العمل مع المجتمع المحلي، وفتح أفق جديد لسرد حكاية النادي للعالم. وهذه نقطة جوهرية: فالمشروع لا يتوقف عند بناء فريق منافس، بل يتعداه إلى بناء هوية سردية للنادي، وهو ما كانت تفتقر إليه عشرات الفرق الشعبية في إنجلترا.

كما أن هذا التوجه يتماشى مع الرؤية الحديثة التي تعطي الأولوية للارتباط المجتمعي بدلًا من فقط الصعود السريع في السلم الكروي.

في الختام…

قد لا يكون نادي داغنهام آند ريدبريدج قد تعاقد مع نجم عالمي، لكنه تعاقد مع رؤية. رؤية تقول إن كرة القدم لم تعد تُلعب فقط في الملاعب، بل تُبنى في الاستوديوهات، تُروى على يوتيوب، وتنتشر من خلال القصص.

ومروان سري، بسرده المصري، يدخل اليوم ناديًا إنجليزيًا لا كمالك فقط، بل كمؤرخ عصري، قرر أن يجعل من نادٍ صغير حكاية كبيرة.