نائبة توجه سؤال لرئيس الحكومة بشأن وضعية خريجي المدرسة الوطنية العليا للإدارة

0
419

وجهت النائبة ابتسام عزاوي، الثلاثاء، سؤالاً للدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بشأن ضعية خريجي المدرسة الوطنية العليا للإدارة.

وأضافت في بيان لها : «حيث تعد المدرسة الوطنية العليا للإدارة، أحد أهم ركائز إصلاح الإدارة العمومية، والتي انبثقت من دمج مؤسستين عريقتين: المدرسة الوطنية للإدارة والمعهد العالي للإدارة، وذلك استجابة للتوجيهات الملكية السامية بالارتقاء بمستوى تكوين الأطر العليا للدولة من أجل مواكبة المشاريع الإصلاحية الكبرى التي تشهدها بلادنا تحت القيادة السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله».

لكن، وبعد ما يناهز أربع سنوات ونيف من ولوج أول فوج إلى المدرسة الوطنية العليا للإدارة في سنة 2017، مازال لم يتم تسوية الوضعية الإدارية والوظيفة لمجموع خريجي هذا الفوج في الإدارات التي تم تعيينهم فيها رغم مرور سنتين على تخرجهم وأكثر من ستة اشهر على تخرج الفوج الثاني، و بالرغم كذلك من إصدار المنشور رقم 01/2021 بتاريخ 26 يناير 2021 (الموافق ل 12 جمادى الآخرة 1442) بشأن وضعية خريجي المدرسة الوطنية العليا للإدارة.

وتساءلت النائبة البرلمانية الشابة ابتسام عزاوي أين دور السيد رئيس الحكومة، عن أسباب التأخر في تسوية وضعية خريجي هذه المدرسة ومآل تطبيق منشوركم 01/2021 السالف الذكر، وعن التدابير التي تنوي الحكو اتخاذها من أجل إنهاء حالة الانتظار وعدم الأمان الوظيفي التي يشهدها الخريجون المعنيون.

كان لخطاب الملك المفدى محمد السادس -حفظه الله – في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان، صدى كبير لدى الرأي العام المغربي، فقد خصص الخطاب لتشخيص مثالب الإدارة المغربية، وتحليل أعطابها التي تؤثر سلباً على مسيرة التنمية والتقدم الاقتصادي المنشود، مع توضيح منطلقات الإصلاح الضروري للإدارة.

ويذكر الملك المفدى : “…إن المرافق والإدارات العمومية، تعاني من عدة نقائص، تتعلق بالضعف في الأداء، وفي جودة الخدمات، التي تقدمها للمواطنين. كما أنها تعاني من التضخم ومن قلة الكفاءة وغياب روح المسؤولية لدى العديد من الموظفين… .”.

عرفت الإدارة العامة المغربية تطوراً ملحوظاً في عدة مراحل، ارتبطت، بشكل وثيق، بتطور دور الدولة وأدائها في تحقيق الاستقرار، التنمية والتماسك الاجتماعي، وفي توفير الخدمات العمومية للمواطنين، وكذلك بالظرفية الاقتصادية للبلد، وما ينتج عنها من أثر.

وفي هذا الصدد، شهد المغرب، بعد الاستقلال، مرحلة بناء الإدارة وتوجيهها لخدمة المخططات الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر وضع النظام العام للوظيفية العمومية، توحيد الإجراءات الإدارية، إقامة نظام للتوظيف، الرواتب والأجور.

وفي فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، واجهت الإدارة المغربية إكراهات برنامج التقويم الهيكلي الذي فرضه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث انصبت جهود الدولة على إعادة التوازنات المالية، وتقليص ميزانيات القطاعات الاجتماعية، وخوصصة عدة مؤسسات عامة في قطاعات اقتصادية متنوعة.

وبناء على ما تقدم، شابت الإدارة العامة عيوبٌ عديدة تخص محدودية المساطر الإدارية في التوظيف،تعقيد نظام الأجور، ضعف التكوين المستمر وغياب معايير الكفاءة والاستحقاقية، عدم التوافق بين الوظيفة والرتبة، عدم التحكّم في أعداد الموظفين، ووجود الموظفين الأشباح، محدودية حركية الموظفين بين المؤسسات العامة، الوزارات والإدارات المحلية، وكذلك فشل نظام الترقية في الإطار والرتبة والدرجة المبني على الأقدمية، وليس على الإنجازات المهنية. فيما عرفت مرحلة بداية الألفية الثالثة، وما تلاها، تغييرات مهمة في بنية الإدارة المغربية، انطلقت مع برنامج المغادرة الطوعية لتقليص حجم الموظفين في القطاع العام، وما رافقه من إصدارات قانونية، تخص أوقات العمل، الشراكات مع القطاع الخاص، فتح المجال أمام الموظفين الشباب للترقي وتحمل المسؤولية. علاوة على ذلك، اهتم دستور سنة 2011 بالإدارة، من خلال تكريس منظومة الحوكمة، والتدبير الحديث للموارد البشرية، إقامة دليل مرجعي شامل لوظائف الإدارة العامة، إدماج مقاربة النوع في مجال تدبير رأس المال البشري، في أفق المناصفة بين الرجال والنساء، مراجعة الأطر القانونية والتنظيمية، ودعم الإدارة الإلكترونية وتقنيات التواصل والإعلام، مع إرساء قاعدة معلوماتية مركزية للموارد البشرية في الإدارة العامة، ناهيك عن مشروع الجهوية المتقدمة الهادف إلى محاربة مركزية القرار، وفرض مبدأ القرب مع الموطنين.

وفي هذا السياق، يستلزم إصلاح الإدارة المغربية مواجهة الفساد المستشري في القطاع العام، ليس فقط من حيث الممارسات الفردية. ولكن، بوجود قوانين غير ملائمة للنهضة الاقتصادية، فالفساد هو سوء استعمال النفوذ العام، من أجل تحقيق مصالح خاصة ومكاسب شخصية، حيث يتم اعتقال الدولة، وتقويض المسار الديمقراطي وهدم الاستقرار السياسي.. وقد تحوّل الفساد من حالات استثنائية محدودة إلى أسلوب إدارة يهدّد بأزماتٍ وانسداداتٍ بنيوية عميقة على الدولة، خصوصاً أن قوانين عديدة أصبحت فاسدة، أو محرّضة على الفساد، فيصبح الفساد بالقانون، وليس بمخالفته. بالإضافة إلى ذلك، يشل الفساد خلايا التنمية، فيضعف الإنتاج والرخاء الاقتصادي، ويغيب التوزيع العادل للثروة، وتضيع مقدرات الدولة الطبيعية والحقوقية والمعرفية في غياهب الفقر والجهل والمرض، كما يترتب على الفساد اندثار تكافؤ الفرص، وتدمير ثقافة الاستحقاق والإتقان، بل ينتشر الإحباط واللامبالاة في ‏المجتمع، مع تدمير واضح لمنظومة القيم ولمصداقية مؤسسات الدولة.‏

وهنا، تظهر أهمية المساءلة والمحاسبة التي أصبحت معياراً للكفاءة الحكومية في العالم ومحدّدا لمصداقية المؤسسات العامة، واستراتيجياتها الموجهة نحو المواطن.

 فالمساءلة هي وسيلة تمكن  الأفراد والمؤسسات من تحمّل مسؤولياتهم وتبرير أدائهم للوثوق بهم، حيث أنها مجموعة من الأدوات والتقنيات لتقييم السياسات العامة، وتجسيد لمفهوم ديمقراطية الإدارة. أما المحاسبة فهي واجب الكشف عن كيفية التصرّف في المسؤولية المعطاة، بتقديم كشف حسابٍ عن نتائج وأهداف، تم الاتفاق على شروطها مسبقاً، من حيث النوع، الكلفة، التوقيت والجودة. ترتبط منظومة المساءلة والمحاسبة بطبيعة النظام السياسي السائد، وفلسفته في الحكم، واقتصادياً، فالأمر يرتبط بإقامة مؤسساتٍ قويةٍ وإدارة اقتصاديةٍ محكمةٍ، خصوصاً في المجال المالي، عبر تقديم الحساب عن الاستعمال الحالي والمتوقع للموارد المالية، من أجل ضمان ترشيد عقلاني للموارد وجدارة مالية، تحمي المؤسسات من الخسائر. أما اجتماعيا، فالمساءلة والمحاسبة تبقى رهينة الثقافات المؤسساتية والأعـراف الاجتماعية، ينضاف إلى ذلك التحدّي الإداري والقانوني، فوجود المساءلة والمحاسبة يترتب عنه إقرار أجهزة رقابية، تشريعات قانونية ومؤسسات دستورية توفر مناخا سليما يعمل بموضوعية واستقلالية.