صرخة في قبة البرلمان… لماذا تُغلق أبواب دور الشباب بينما تُفتح سجون المغرب؟
في جلسة برلمانية ساخنة، أشعل نائب برلماني جريء النقاش حول أزمة إغلاق دور الشباب والثقافة، موجهاً سهام النقد مباشرة إلى وزير الشباب والثقافة والاتصال، محمد المهدي بنسعيد، في مشهد نادر كشف عن فجوة خطيرة بين خطاب الحكومة والواقع الميداني.
السؤال الذي هز القاعة: كيف تُغلق مؤسسات التنشئة الاجتماعية بينما يرتفع منسوب العنف والجريمة بين الشباب؟ وهل أصبحت هذه المراكز مجرد “واجهة حكومية” بينما تحولت إلى أطلال مهجورة؟ الشباب خارج المعادلة.. والعنف يملأ الفراغ
المعطى الأخطر في مداخلته لم يكن فقط إغلاق دور الشباب، بل الربط الذكي بين غياب هذه الفضاءات وارتفاع منسوب التشرميل، والكريساج، والعنف الرمزي والمادي في الأحياء الشعبية. فالنائب لم يتحدث عن إغلاق بنايات إسمنتية، بل عن غياب شبكات الحماية الاجتماعية والتربوية والنفسية التي كان من المفترض أن تمثلها تلك الفضاءات.
هل يُدرك صانع القرار أن دور الشباب ليست ترفًا بل ضرورة؟
وهل يفهم أن ملعبًا صغيرًا قد يمنع جريمة كبيرة؟
وهل الدولة جاهزة للاعتراف بأن الإهمال قد يكون شريكًا غير مباشر في الجريمة؟
“مدينة الوجع”: حين يتحول الحلم إلى حرثٍ غاضب
في مشهد مؤلم من المدينة التي ينتمي إليها النائب – والتي وصفها بـ”مدينة الوجع” – حوّل شباب قطعة أرض إلى ملعب رمضاني مؤقت، ناموا مطمئنين عليه، ليستفيقوا في اليوم التالي ويجدوه قد حرث، لا زرع فيه نبت، ولا ملعب بقي! هذه الصورة ليست فقط مأساوية، بل تختزل العلاقة المتوترة بين الدولة والشباب:
الحلم مقابل التجاهل، المبادرة مقابل الإحباط، البناء مقابل الإزالة.
هل كان الأمر صدفة أم رسالة سياسية؟
ومن يربح عندما يُهزم الأمل في نفوس الشباب؟
هل تفهم مؤسساتنا أن الشباب حين يُمنع من التعبير السلمي، قد ينفجر في اتجاهات غير متوقعة؟
قراءة في صمت الوزير… ووعود “تفتح الأبواب”
الوزير، رغم الإحراج، حاول إنهاء الجدل بإشارات إلى برامج جديدة لـ”فتح أبواب دور الشباب”، لكن السؤال يظل قائمًا:
لماذا أُغلقت أصلًا؟ ولماذا تُرك آلاف الشباب دون ملاذ تربوي وثقافي؟
وإذا كان هناك بالفعل إرادة لفتح الأبواب، فمن سيشرف؟ وبأي رؤية؟
الوزارات ليست مسؤولة فقط عن البنيات، بل عن السياسات العامة التي تحمي النسيج الاجتماعي من التفكك.
قراءة أعمق: هل العنف لغة احتجاجية جديدة؟
من خلال هذه المداخلة، يضع النائب يده على جرح مغربي عميق:
الشباب لم يعد يصرخ عبر الجمعيات والبيانات، بل عبر “التشرميل”، السيوف، والانتقام من الفراغ.
هذا تحول خطير في البنية النفسية والاجتماعية للجيل الجديد، لا يمكن مواجهته بالإنكار أو الحلول الأمنية وحدها.
العنف اليوم ليس فقط تمردًا فرديًا، بل لغة احتجاج على الإقصاء.
فهل تنصت الدولة لهذه اللغة؟
أم تنتظر أن تتحول كل “مدن الوجع” إلى بؤر للانفجار؟
خلاصة مؤقتة: هل ندير أزمة الشباب أم نغذيها؟
حين يضطر نائب برلماني لقرع جرس الإنذار بتلك الحدة، فهذا يعني أن الأمور خرجت عن السيطرة في أكثر من مدينة مغربية.
الكرة اليوم في ملعب الحكومة، لا لتُحصي المنجزات، بل لتُجري جردًا صريحًا للهفوات وتُصلح ما يمكن إصلاحه.
والمطلوب الآن ليس فقط فتح أبواب دور الشباب، بل فتح باب الثقة بين الدولة ومواطنيها الشباب. وإلا، فالقادم قد يكون أخطر مما نظن.