في خطوة أثارت موجة غضب عارمة، هُدم منزل مواطن مغربي مقيم بالخارج في دوار الزمامرة بجماعة الواد الأخضر (إقليم قلعة السراغنة) يوم الخميس 8 ماي الجاري، دون سابق إنذار أو اتباع الإجراءات القانونية. هذا الإجراء “التعسفي”، كما وصفه نشطاء حقوقيون، أشعل فتيل احتجاج شعبي، تجسد في مسيرة حاشدة نحو الرباط يوم الأحد 11 ماي، مطالبين بالعدالة ووضع حد لـ”شطط استعمال السلطة”.
لكن ما هي خلفيات هذا الهدم؟ وهل تم احترام القانون؟ ولماذا تحولت قضية منزل إلى قضية رأي عام؟
هدمٌ دون إشعار… فغضبٌ بلا حدود
في دوار الزمامرة بجماعة الواد الأخضر التابعة لإقليم قلعة السراغنة، استيقظ السكان يوم 8 ماي على وقع جرافات السلطة تهدم منزلًا يعود لمواطن مغربي مقيم بالخارج، في خطوة وصفتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بـ”التعسفية”. ما لبثت شرارة هذا الحدث أن تحوّلت إلى حريق احتجاجي، تمثّل في مسيرة شعبية حاشدة صوب الرباط يوم 11 ماي، مطالبة بالتحقيق والإنصاف ورفع الحيف.
لكن، لماذا كل هذا الغضب؟ وهل نحن أمام خرق للقانون أم مجرد تطبيق صارم له؟ وهل أصبح المهاجر المغربي مهددًا في حقوقه رغم شعارات “الوطن للجميع” و”الارتباط بالوطن الأم” التي تتكرر في الخطابات الرسمية؟
قانون 12.66 أم سلاح انتقائي؟
بحسب بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان – فرع العطاوية تملالت، لم تُحترم المساطر القانونية الواردة في القانون رقم 12.66 المنظم لزجر مخالفات البناء، إذ تنص مواده بوضوح على:
-
ضرورة إشعار المخالف كتابيا؛
-
إتاحة مهلة لتسوية الوضعية؛
-
إمكانية اللجوء إلى القضاء في حال الاعتراض.
غير أن الهدم تم، حسب الشهادات، بشكل مباغت ودون إنذار. والسؤال الذي يُطرح هنا:
أين كانت السلطة المحلية عندما بدأ البناء؟ وكيف حصل المنزل على الماء والكهرباء دون ترخيص واضح؟
هل يُعامل المغاربة المقيمون بالخارج كأبناء للوطن أم كمصادر دخل لا حقوق لها؟
منزل قائم منذ سنوات… تحت أعين الجميع؟
من المعطيات المثيرة، أن المنزل المهدم لم يكن قيد البناء، بل كان قائما منذ سنوات، مزودًا بالخدمات الأساسية.
إذن، لماذا اختارت السلطات الآن فقط التحرك؟
وهل هناك خلفيات خفية لهذا القرار؟
هل يتعلق الأمر بتصفية حسابات سياسية محلية؟ أم بخضوع الإدارة لضغوط أو استغلال نفوذ؟
هذه الأسئلة تجد مشروعيتها في توقيت الهدم المفاجئ، ومحدودية التبريرات المقدمة رسميًا حتى الآن.
ما بعد الهدم: التضييق على العمال؟
لم يتوقف الجدل عند الجرافة، بل تصاعد بعد استدعاء أحد العمال الذين شاركوا في بناء المنزل واحتجازه لليلة كاملة تحت الحراسة النظرية.
فهل يتحمل العامل البسيط مسؤولية قرار إداري؟
ولماذا يُستدعى في حين يغيب التحقيق مع الأطراف الإدارية المتورطة في الترخيص أو التغاضي عن البناء؟
هذا التفاوت في المعاملة يزيد من الشعور بـ”اللاعدالة” ويعزز رواية “الشطط في استعمال السلطة”.
السكن اللائق: من النصوص إلى الواقع
تنص المواثيق الدولية على أن الحق في السكن ليس فقط مسألة قانونية، بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان:
-
المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛
-
المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ورغم توقيع المغرب على هذه المواثيق، يطرح هذا الحادث تساؤلات جدية حول التزام الدولة بتجسيدها عمليًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالفئات الهشة أو المغاربة المقيمين بالخارج الذين يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان رهائن لبيروقراطية قاسية أو قرارات فوقية.
هل فقدت السلطة البوصلة؟
هذا الحادث لا يمكن فصله عن سياق عام يتسم بتراجع الثقة في الإدارة الترابية، خصوصًا في قضايا التعمير.
كم من حيّ عشوائي كبير وُفرت له وثائق الماء والكهرباء واللوائح الانتخابية دون أدنى اعتراض من السلطات، فقط ليُصنف لاحقًا كـ”مخالف” ويُهدم؟
هل نحن أمام سياسة تغض الطرف لتعود فتضرب بلا رحمة؟
وأين دور المجالس المنتخبة في حماية المواطنين والدفاع عن حقوقهم؟
ختامًا: من يُحاسِب من؟
أمام هذه القضية، نجد أنفسنا أمام نموذج واضح لـ:
-
ضعف الشفافية؛
-
غياب المساءلة؛
-
تهديد الحق في الأمن القانوني والسكن.