كان أوسكار وايلد يقول، “إذا أرادت السماء أن تعاقبنا فإنها تستجيب صلواتنا”، ويبدو أن منطق الأحداث يقود إلى شيء من ذلك..والدرس أمام الجميع مكتوب على الجدار في الصحراء المغربية، حيث قاد النظام العسكري الجزائري العدوان على المملكة الشريفة و دعمت وما تزال جماعات الإرهابية والانفصاليية، أيام الرئيس بومديان، إلى ولادة تنظيم إرهابي “جبهة البوليساريو”.
فشل مخطط وزارة الخارجية الجزائرية لتنظيم اجتماع وزاري، في الفترة من 2 إلى 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري في وهران، خصص لمساعدة الأعضاء الأفارقة الجدد في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على “حل مسائل السلام والأمن في القارة الأفريقية”.
تحتضن الجزائر من 2 إلى 4 ديسمبر بمدينة وهران، الندوة الثامنة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا. نرحب بهذه الفرصة المتجددة لمضاعفة جهودنا المشتركة من أجل توحيد وتعزيز صوت إفريقيا وضمان الاعتراف بمصالحها ووضع حد للتهميش الذي تتعرض له على مستوى الهيئات الدولية لصنع القرار. pic.twitter.com/hDkTq1eq7b
— Ramtane Lamamra | رمطان لعمامرة (@Lamamra_dz) December 2, 2021
وتستهدف الجزائر من خلال هذه المبادرة على وجه الخصوص غانا والغابون، اللتان ستبدأ عضويتهما في مجلس الأمن في 1 يناير/كانون الثاني 2022 إلى غاية 31 ديسمبر/كانون الأول من عام 2023. علما أن عضوية كينيا في المجلس ستستمر عاما آخر.
ولم ترسل الأطراف الرئيسية المعنية بهذه الدعوة، وهي كينيا وغانا والغابون، أي الدول الأعضاء في الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة، وزراء خارجيتها إلى وهران، وحضر المؤتمر وزير الخارجية التونسي فقط من بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن. ويؤكد هذا الحضور مرة أخرى التقارب الجزائري التونسي.
ومن جهته تجنب مفوض الاتحاد الافريقي للشؤون السياسية والسلام والأمن بانكول اديوي حضور الاجتماع، واكتفى بتوجيه رسالة للمشاركين، قرأها نيابة عنه مدير إدارة النزاع في الاتحاد الأفريقي، الحاج سارجوه.
وكان الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، قد اقترح الأسبوع المنصرم على نظيره الكيني، أوهورو كينياتا، “العمل معًا” و “التعاون الوثيق” خلال فترة عضوية كينيا في مجلس الأمن كعضو غير دائم (2021-2022) ، من أجل “مشاركة خبرات فترة جنوب إفريقيا في مجلس الأمن، بما في ذلك رئاستها للفريق العامل الخاص التابع لمجلس الأمن والمعني بمنع نشوب النزاعات في أفريقيا وحلها “.
وكانت كينيا قد صوتت، لصالح قرار مجلس الأمن 2602، الذي يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء لعام آخر، وهو ما أثار غضب الجزائر وجنوب إفريقيا.
وخلال السنوات الماضية، لا تكاد العلاقات الجزائرية المغربية تتلمس طريقاً لحل الخلافات، حتى تعيد التصريحات السياسية الأزمة إلى النقطة الصفر. ويشكل ملف الصحراء أبرز القضايا الخلافية بين البلدين، إذ تتهم الرباط الجزائر بتقديم الدعم إلى جبهة “البوليساريو”، فيما تعتبر الجزائر القضية مسألة أممية.
ويرى مراقبون ان الجزائر تبحث عن تحالف اقليمي مضاد تستطيع من خلاله مواجهة تحالفات المغرب الذي تمكن خلال الفترة الماضية من تحقيق نجاحات دبلوماسية باعتراف عدد من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة بسيادته على اقليم الصحراء.
ورافقت هذه النجاحات الدبلوماسية تعزبز للتعاون العسكري مع اسرائيل والولايات المتحدة وسط حديث عن إمكانية اجراء مناورات مشتركة وهو ما يثير مخاوف الجزائر التي ظهرت مرتبكة بعد أشهر من قطع العلاقات مع الرباط في تصعيد وصف بالخطير.
ويرى مراقبون ان الجزائر اختارت الوجهة المصرية بسبب حالة العزلة في المنطقة فالنظام القائم تسبب بسبب رعونته ومغامراته غير المحسوبة من توتير العلاقة مع قوة دولية واقليمية هامة ويمكن الاعتماد عليها مثل فرنسا.
وترى الأوساط السياسية الجزائرية ان بحث النظام الجزائري على تحالفات مع مصر غير منطقي خاصة وان القاهرة تحتفظ بعلاقات قوية مع تل ابيب والرباط ولا يمكنها المغامرة بتحالف عسكري مع الجزائر.
ولا تملك الجزائر أوراق ضغط لدفع مصر للدخول في تحالف في مواجهة التقارب المغربي الإسرائيلي في حين ترفض مصر التدخل في ملف الصحراء الحساس بالنسبة للمغرب.
ويقول مراقبون ان شنقريحة اختار توقيت التوجه إلى مصر بعناية إذ جاءت تزامنا مع معرض آيدكس 2021 المقام في القاهرة في محاولة لمنع ربطها بتطورات التقارب بين الرباط وتل أبيب.
في المقابل تتوجس مصر من سياسة الجزائر في التغاضي عن الإسلام السياسي في منطقة شمال إفريقيا وليبيا خاصة وان الجزائر دعمت وما تزال جماعات إسلامية مختلفة تسيطر على الغرب الليبي.
وتشعر مصر بقلق من تطور العلاقات الجزائرية التركية وسط حديث عن تفاهمات بشان الوضع الليبي.
كما تشعر مصر بالضيق من محاولة المؤسسة العسكرية الجزائرية استيعاب التيار الإسلامي في العملية السياسية والتغاضي عن خطر الإخوان في شمال إفريقيا.