تتواصل سلسلة الانتقادات الموجهة لحكومة الملياردير عزيز أخنوش في ظل ما تشهده المملكة المغربية من حالة احتقان اجتماعي بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والأسعار التي أنهكت كاهل المواطن البسيط، الذي لم يجد سوى الشارع للاحتجاج عن أوضاعه المزرية وتدمره نتيجة للتقصير وعدم التزام الحكومة بمسؤولياتها، ما أدى الى توسع الفجوة الاجتماعية من خلال ارتفاع نسبة الفقر والتشرد في البلاد، إلى جانب تدهور الخدمات الأساسية، ما جعل الفساد يصل جميع دواليب الدولة، على حد تعبير نبيلة منيب.
وأمام عجز الحكومة الذريع في وضع السياسات العمومية المناسبة لمواجهة الازمات العديدة التي يتخبط فيها المواطن المغربي، أكد حزبُ “التقدم والاشتراكية” (معارضة) على دقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في ظل عجز الحكومة وفشلها على عدة أصعدة ومستويات، ومنها استمرار إفلاس آلاف المقاولات الصغرى والمتوسطة، وفقدان عشرات آلاف مناصب الشغل، وتفاقُم البطالة التي بلغت معدلاتٍ غير مسبوقة منذ عقود.
واعتبر الحزب في بيان لمكتبه السياسي، أنه عوض أن تعترف الحكومة بفشلها في الوفاء بتوفير مليون منصب شغل، وأن تنكب على معالجة هذه الأوضاع من خلال سياسات اقتصادية واجتماعية حقيقية، فقد لجأت من جديد إلى خدمات أحد مكاتب الدراسات في اعترافٍ صريحٍ بانعدام الكفاءة السياسية والتدبيرية والعجز عن إيجاد الحلول لمشاكل المجتمع، وفي تبخيسٍ واضحٍ للفضاء المؤسساتي ولمهام الحكومة تحديداً.
وعبر عن قلقه إزاء الأوضاع المزرية التي تعيشها ساكنة المجالات القروية، في ظل ضعف اهتمام الحكومة بإشكالات العالم القروي وأوضاع الفلاحين الصغار التي زادها الجفافُ تَرَدِّيًّا.
ودعا الحزب إلى ضرورة التعامل الناضج مع موضوع الموقوفين من نساء ورجال التعليم على خلفية الإضرابات السابقة، من خلال الطَّيِّ النهائي لهذا الملف، تفاديا لتأجيج الأوضاع في الساحة التعليمية من جديد.
وطالب الحكومة بالتحرك الإيجابي بدل الوقوف موقف المتفرج السلبي، إزاء الأزمة الخطيرة التي تعرفها السنة الجامعية الحالية بكليات الطب والصيدلة، وذلك من خلال إعادة فتح الحوار مع الطلبة، وإيجاد الحلول المناسبة للإشكالات المطروحة، وتوضيح وتفصيل رؤية الإصلاح وخارطة تنفيذها، تجنُّبًا لسنة بيضاء تلوح في الأفق ستكون لها، من دون شك، آثار وخيمة على الطموح الوطني في إصلاح المنظومة الصحية.
وأعرب عن رفضه لاستعمال الحكومة الأسلوبَ الأمني والعنيف في مواجهة الاحتجاجات السلمية، كما وقع بالنسبة لأساتذة التعليم العالي مؤخراً الذين تم تعنيفهم بسبب وقفة احتجاجية حضارية وسلمية.
وعبر عن أمله أن تعمل الحكومةُ على اتخاذ إجراءاتٍ فعلية وقوية من أجل حماية القدرة الشرائية للأجراء، والرفع الملموس من دخلهم، وصَوْنِ حقوقهم الاجتماعية والمادية والمهنية والنقابية.
كما أكد على ضرورة أن يكون الحوارُ الاجتماعي حقيقيًّا ومنتجاً للحلول وبعيداً عن منطق المُقايضة والهواجس المحاسباتية، وأن ينبني على أساس المصداقية والجدية، لا سيما بالنظر إلى أن الحكومة إلى حد الآن لم تنفذ أهم بنود الاتفاق الاجتماعي السابق ليوم 30 أبريل 2022.
وفي سياق ذي صلة، انتقدت نبيلة منيب، البرلمانية عن الحزب “الاشتراكي الموحد” وأمنيته العامة السابقة، تدهور الوضع المعيشي للمغاربة، موضحة أن العديد من فئات المجتمع المغربي تعاني التعسف، ومنها الأساتذة الذين تعرضوا لتوقيفات ظالمة ونفس الأمر بالنسبة لطلبة الطب وغيرهم.
وأكدت منيب أن الفساد وصل لجميع دواليب الدولة المغربية والحملات التي أطلقت لمكافحته غير كافية دون وضع الأسس الحقيقية لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدة على أن استمرار الاحتكار يعيق أي تنافس حقيقي وهذا أمر غير معقول، على حد تعبيرها.
وقالت إن الدولة تدعم بعض الفئات في القطاع الفلاحي، لكن مربي الماشية الصغار لم يصلهم نصيبهم من هذا الدعم واضطروا لبيع ماشيتهم بسبب ظروف الجفاف القاسية، معتبرة أن السياسة الفلاحية الحالية تقتل الفلاح المغربي.
يشار الى أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، نظمت نقابات وقفات احتجاجية بمختلف مدن المملكة بسبب تردي الوضع الاقتصادي لشرائح واسعة من المواطنين جراء الارتفاع الفاحش في الأسعار واستشراء الفساد، بالإضافة إلى القهر الاجتماعي، فيما دعت هيئات أخرى الى التظاهر مجددا في ظل مواصلة الحكومة في سياسة اللامبالاة لما يعانيه المواطنون البسطاء.
وأمام تعنت الحكومة ورفضها التجاوب مع أدنى المطالب الشعبية في الوقت الذي تُقدم فيه كل الدعم للبورجوازية، دعت الجبهة الاجتماعية المغربية إلى تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية محلية تنديدا باستمرار غلاء المعيشة نتيجة السياسات الفاشلة في احتواء الأزمات، وتحميل عواقب هذه السياسات للشعب المغربي عبر الزيادات الكبيرة في عدد من الضرائب وارتفاع فاتورة الماء والكهرباء إضافة إلى عوامل التضخم مما سيفرغ المساعدات المالية للأسر الفقيرة في إطار الحماية الاجتماعية من أي جدوى.
ورأت الجبهة أن الحكومة تعمل من أجل فرض قانون تنظيمي للإضراب يكبل، بل يجهز عمليا على هذا الحق، ومن أجل قانون للتحكم في النقابات وكذا مراجعة جوانب من مدونة الشغل في اتجاه المزيد من الإجهاز على حقوق الطبقة العاملة، منبهة إلى استمرار مقاومة الجماهير الشعبية في المناطق المهمشة إلى جانب خطاب تعليق فشل الحكومة على شماعة الجفاف، والتي ستزيد أوضاع الجماهير المفقرة قساوة، خصوصا صغار الفلاحين والفلاحين الفقراء الذين سيؤدون ضريبة فشل برامج الدعم ومخططات احتواء الأزمات العديمة.