المغاربة لا يبدون تفاؤلا مع بداية العد التنازلي نحو الإعلان عن الحقائب الوزارية المقسمة على التحالف الثلاثي معتبرين أن هذه الحقائب الجديدة وإن نتيجة لاحتجاجاتهم فإن من جاءت بهم من مرشحين ونواب محتملين لا يبشرون بمستقبل مختلف.
الرباط – أعلن رئيس الحكومة المعين من قبل الملك المفدى محمد السادس حفظه الله، عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء، عن الأحزاب التي ستشكل الأغلبية الجديدة، وتتكون من الأحزاب التي تصدرت انتخابات 8 أيلول/سبتمبر، وهي على التوالي التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال.
وكشف أخنوش أن “المشاورات مرت في جو ديمقراطي” مؤكدا “الحرص على تشكيل أغلبية متماسكة وفعالة في ظرف وجيز وذلك من أجل تمكين المغاربة من العيش الكريم، في انتظار عرض التشكيلة الحكومية على أنظار جلالة الملك” وفق ما أورده موقع “أحداث أنفو”.
وأكد أخنوش على أن “مكونات الأغلبية في الحكومة المقبلة ستراعي الكفاءة والمصداقية والأمانة”.
وشدد رئيس الحكومة المعين على أن “التشكيلة الحكومية راعت مبدأ التوازن بين الأغلبية والمعارضة”، مشيرا إلى أنه “لا ينبغي تركيز القوى في جانب دون أخر وذلك من منطلق الحرص على ضرورة التقاء المكونات السياسية حول البرامج الحكومية”.
ولفت أخنوش إلى أن المنطق الذي حكم اختيار الأغلبية الحكومية ركز على “توجه الإرادة الشعبية كما عبرت عنها من خلال صناديق الاقتراع” ثم “اختيار أحزاب تتقاسم أشياء كثيرة وتاريخا طويلا”، إضافة إلى “تقاطع برامجها الانتخابية التي تتبنى نفس الأولويات ما يجعلها تشكل أرضا خصبة لتشكيل البرنامج الحكومي”.
وبهذا، يتوفر للتحالف الحكومي 269 مقعدا في مجلس النواب المغربي، من مجموع 395 مقعدا.
وسجل محللون سياسيون عددا من المفارقات التي طبعت تشكيل التحالف الحكومي الجديد، أهمها استبعاد التكتل الذي استعان به رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش في مفاوضاته مع عبد الإله بنكيران خلال تشكيل الحكومة الثانية التي قادها الإسلاميون، مقابل دخول حزبين كانا في المعارضة.
وكان أخنوش قد شكل -عقب إعلان نتائج انتخابات 2016- تكتلا مع أحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية، لفرض دخول جماعي إلى الحكومة مقابل استبعاد الاستقلال منها. وهو ما رفضه بنكيران حينها، مما تسبب في حدوث حالة من الجمود السياسي استمرت 5 أشهر وانتهت بإعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني خلفا له، ودخول التكتل الرباعي للحكومة.
ومع التحالف الثلاثي الجديد، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس إسماعيل حمودي -في حديث للجزيرة نت- أن الأغلبية الحكومية المكونة من 3 أحزاب ستؤسس لحكومة مستقرة ومريحة للقصر، وأيضا قوية من الناحية العددية.
لكنه قال إنها “من جانب آخر، ستظل ملاحقة بالفساد الانتخابي الكبير الذي عرفته انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول وبهيمنة المال والأعيان”.
أما أستاذ القانون بجامعة الدار البيضاء عمر الشرقاوي، فاعتبر تشكيل الحكومة من 3 أحزاب “مؤشرا إيجابيا”، لافتا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أنه “منذ حكومة التناوب التي قادها الراحل عبد الرحمن اليوسفي لم يشهد المغرب ائتلافا حكوميا مصغرا. معتبرا أن هذا التحالف سينعكس على الفعالية والنجاعة في الأداء”.
وأوضح الشرقاوي أن تحالف الأحزاب الثلاثة في الحكومة وفي المجالس المنتخبة بالمدن والأقاليم والجهات “خاصية لم تحدث في تاريخ المغرب، ومن شأنها تحقيق تجانس بين المركز والمجالس المنتخبة”، مبينا أن هذا التجانس “سيحول دون اختباء الأغلبية الحكومية خلف أي مبررات لتبرير عدم النجاح”.
وبينما أعلنت الأحزاب الثلاثة الأولى التي تصدرت نتائج الانتخابات الدخول في ائتلاف حكومي، بقي للأحزاب الأخرى (124 مقعدا) في المعارضة.
ووجدت ما يطلق عليها اسم “الأحزاب الإدارية” -التي اعتادت المشاركة في الحكومات- نفسها في موقع المعارضة، بعد عدم تلقيها أي عرض للدخول في التحالف الحكومي.
ويرى أستاذ القانون، الشرقاوي، أن المعارضة في السنوات المقبلة ستكون مشتتة كونها تضم أحزابا من اليمين واليسار؛ إسلامية وعلمانية، وطنية وإدارية.
وبنظره، سيصعّب هذا الخليط من تجانس المعارضة، لكنه يرجح أن تتأسس على 3 قوى سياسية، هي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية، لافتا إلى أن هذه الأحزاب ستجري قريبا مؤتمراتها وستغير قياداتها، مما قد ينعكس على أدائها السياسي.
لكن إسماعيل حمودي، يعتقد أن المعارضة “المشتتة” سيصعب عليها القيام بأدوارها، لأن مرشحي معظم الأحزاب الذين وصلوا للبرلمان ينتمون لفئة الأعيان، وليسوا سياسيين متمرسين.
وخلص إلى أن الشارع ووسائل التواصل الاجتماعي سيقومان بدور المعارضة في السنوات الخمس المقبلة، وليس الأحزاب الموجودة في البرلمان.