أخنوش: برنامج الأحرار يقدم أجوبة “جد إيجابية” لانتظارات المواطنين و نخوض الانتخابات بمرشحين “أياديهم نظيفة” ؟!

0
281

وسط تحوُّلات داخلية وخارجية مهمة، وتغييرات ظاهرة وواضحة تعرفها الخارطة السياسية في البلاد، تستعد المملكة المغربية لإنهاء الولاية الحكومية الثانية لحزب العدالة والتنمية، وفتح باب التنافس الانتخابي بين الأحزاب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين.وفيما يحلُم “التجمع الوطني للأحرار”، أن تكون استحقاقات الثامن من سبتمبر/أيلول المقبل نهاية حقبة إخوان العثماني وبنكيران، على أن يفتح المغرب صفحة جديدة، تتناسب مع الإكراهات والتحديات التي يعيشها، ومع التطلعات الخارجية والداخلية التي يُخطِّط لها. 

قال الميلياردير “عزيز أخنوش”، وزير الفلاحة الحالي والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، اليوم السبت بكلميم، اليوم السبت بكلميم، إن البرنامج الانتخابي، الذي أعده الحزب برسم الاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية المقبلة، يقدم أجوبة “جد إيجابية” لانتظارات المواطنين.

وأبرز الميلياردير “عزيز أخنوش” خلال لقاء تأطيري وتوجيهي مع منتخبي وأطر التجمع الوطني للأحرار بجهة كلميم وادنون، بخصوص تدبير الحملة الانتخابية للحزب بالجهة، أن الأولويات التي سطرها الحزب في برنامجه هي من أولويات المواطنين، بعد أن تواصل الحزب مع نحو 300 ألف من المواطنين في جميع أنحاء المملكة واستشارهم واستمع إلى انتظاراتهم وتطلعاتهم.

وسجل، خلال هذا اللقاء الذي جرى في احترام تام للتدابير والإجراءات الوقائية للحد من تفشي جائحة كورونا، أن مطالب هؤلاء المواطنين تتمحور حول الحماية الاجتماعية وتوفير خدمات صحية جيدة، وكذا مضاعفة ميزانية قطاع الصحة وتوفير الإمكانيات لهذا القطاع، فضلا عن تحقيق تعليم جيد، والتوفر على بطاقة الرعاية الاجتماعية.

ففي مجال التعليم، يضيف السيد أخنوش، يتضمن البرنامج عدة إجراءات، منها على الخصوص، العمل على تحقيق جاذبية للتعليم عبر اقتراح زيادة في الراتب الشهري للأساتذة.

وأشار إلى أن الحزب يولي عناية بفئة المتقاعدين، لاسيما الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة ولا يتوفرون على أي مدخول، مبرزا أن البرنامج الانتخابي يقترح تخصيص تعويض شهري يصل في أفق 2025 وبطريقة تدريجية، إلى ألف درهم وذلك لتحقيق العيش الكريم لهذه الفئة وتحقيق تكافؤ الفرص داخل المجتمع.

طموح أخنوش وحزبه هذه المرة مختلف للغاية، فهو لا يريد لعب دور المُعرقل كما حدث سابقا، لكنه يرغب في الانتصار وإبعاد العدالة والتنمية عن الولاية الثالثة، وهو هدف خطَّط له بعناية. أولا، لم يدخل الحزب في أي صراع أيديولوجي مع الإسلاميين، عكس حزب الأصالة والمعاصرة الذي قال أمينه العام “إلياس العماري” في ندوة تقديم برنامج حزبه الانتخابي إنه جاء “للإطاحة بالإسلاميين لحماية المسلمين”. فقد قال أخنوش أثناء تصريح متلفز في مارس/آذار 2018 إن حزبه لم يأتِ لمواجهة العدالة والتنمية، ولا يريد كسر أحد، لأن للحزب تراكما تاريخيا سياسيا وقيادات ذات كفاءة عالية تريد أن تلعب الدور الذي يناسبها ويناسب ما تستطيع تقديمه للمغرب.

هذا التصريح يؤكِّد أن طريقة تفكير الأحزاب الموالية للقصر أخذت في التطوُّر والتغيُّر، فالأحرار يعلمون أن حزب العدالة والتنمية يُتقن جيدا العزف على وتر “المظلومية الإسلامية”، كما حدث في الانتخابات السابقة، لذلك فإن من الحكمة عدم الانجرار نحو هذه الصراعات الأيديولوجية، خصوصا أن الحزب لا يملك أرضا أيديولوجية صلبة يواجه بها الإسلاميين. أما باقي مقادير وصفة إبعاد إخوان العثماني فستكون بلا شك حملة انتخابية قوية، إلكترونية وتقليدية، بجانب التعويل على الأعيان لجذب شريحة المصوتين غير المُسيَّسين، الذين تصاعد منحنى مشاركتهم الانتخابية منذ سنة 2002. هذا بالإضافة إلى تشجيع المواطنين على التصويت، لأن أي عزوف انتخابي سيكون في صالح العدالة والتنمية صاحب الكتلة الناخبة المُسيَّسة التي تُقرِّر على أُسس أيديولوجية، وأحيانا دينية.

فالعائق الأبرز لـ ” العدالة والتنمية ” سيكون بلا شك قانون “القاسم الانتخابي” الذي أُقِرَّ من طرف البرلمان المغربي إبريل/نيسان الماضي، الذي سيُمثِّل بلا شك أحد أهم العراقيل بوجه الحزب الحاكم لمواصلة الجلوس على كرسي رئاسة الحكومة. هذا القانون الذي وافقت عليه جميع الأحزاب المغربية باستثناء العدالة والتنمية ينص على حساب عدد المقاعد عن كل دائرة انتخابية على أساس أصوات الناخبين المسجلين حتى غير المصوتين منهم في هذه الانتخابات، وليس على أساس عدد الأصوات الصحيحة كما كان الأمر من قبل. وهذا يعني أن العدالة والتنمية سيخسر من 25 إلى 35 مقعدا برلمانيا حتى لو حصل على عدد الأصوات نفسه التي حصل عليها في 2016، وهو ما يعني أن أقصى ما سيتمكَّن الإسلاميون من حيازته لن يتجاوز 100 مقعد على أحسن تقدير، ومن ثمَّ يصبح تصدُّر الانتخابات أصعب بكثير من ذي قبل. ويُضاف إلى ذلك أن القانون سيُمكِّن باقي الأحزاب من تشكيل الحكومة دون إشراك العدالة والتنمية في حالة عدم تصدُّره الانتخابات، ذلك لأن عدد المقاعد البرلمانية التي يجب توافرها لتشكيل الأغلبية هو 198 من أصل 395 مقعدا متاحا. 

بدأ الصعود السريع للأحرار مباشرة بعد فوز العدالة والتنمية بانتخابات 2016، إذ نجح أخنوش فيما فشل فيه حزب الأصالة والمعاصرة خصم الإسلاميين الأبرز في ذلك الاستحقاق الانتخابي، بعدما أجبر العدالة والتنمية على عدم إشراك حزب الاستقلال شريكه الإستراتيجي في الحكومة، وأصرَّ بدلا من ذلك على تشكيل حكومة ائتلافية مع ثلاثة أحزاب أخرى من بينها الاتحاد الاشتراكي الذي رفض بنكيران مشاركته جملة وتفصيلا. أما وقد سقط بنكيران بعد إعفائه من طرف الملك بسبب “البلوكاج”، وقَبِلَ العثماني بكل هذه الشروط، بات الأحرار يُشكِّلون الآن حكومة داخل الحكومة، وأغلبية داخل الأغلبية، وصار العدالة والتنمية معزولا وحيدا وسط حكومة من المفترض أنه هو مَن شكَّلها.

يرجع تأسيس حزب التجمع الوطني للأحرار إلى سنة 1977، حين قرَّر “أحمد عصمان”، رئيس الوزراء المغربي السابق وصهر الملك الراحل الحسن الثاني، تأسيس حزب يشارك في اللعبة السياسية، ولا يمكن تلوين الحزب بلون أيديولوجي مُحدَّد، فلا هو ليبرالي ولا محافظ ولا يساري، لكنه على أي حال موالٍ للقصر الملكي، ومُمثِّل للنخبة لأن غالبية كوادره من الأعيان ورجال الأعمال والكوادر الإدارية.