أخنوش: رؤية صناعية طموحة في وجه الانتقادات وتحديات المستقبل

0
56

في جلسة شهرية خصصت لمناقشة السياسة العامة، دافع رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، عن السياسات الصناعية التي تقودها حكومته. مؤكدًا أن التوجه نحو التصنيع ليس فقط سياسة حكومية، بل هو سياسة دولة تتجاوز الزمن الحكومي الحالي، مشيرًا إلى أن هذه الدينامية تُنفذ بتوجيهات سامية من جلالة الملك محمد السادس.

أخنوش وصف التقدم الصناعي المغربي بأنه “صحوة تزعج البعض”، معتبرًا أن الحملات الإعلامية التي تستهدف المغرب هي “ثمن النجاح” الذي تحقق بفضل جاذبية البلاد للصناعات والاستثمارات الدولية. لكن ما الذي يريد رئيس الحكومة قوله فعلاً، وما الذي يحاول تجنبه؟

النجاحات الصناعية وماذا وراء الأرقام؟

أشار أخنوش إلى أن الصادرات الصناعية المغربية بلغت 376 مليار درهم في عام 2023، مع زيادة عدد المقاولات الصناعية إلى 13 ألفًا. وأكد أن هذه الأرقام تعكس نجاح السياسة الصناعية التي تشمل رفع الاستثمارات إلى 140 مليار درهم وخلق 81 ألف منصب شغل من خلال قرارات استثمارية مبرمجة.

لكن، هل يمكن اعتبار هذه الأرقام كافية لإقناع المواطن المغربي العادي؟ ماذا عن تأثير هذه السياسات على مستوى معيشة الأفراد ومدى الاستفادة الحقيقية للمجتمع؟

الدينامية الاستثمارية وارتباطها بالجاليات المغربية

أبرز رئيس الحكومة رؤية حكومته لمغاربة العالم، مؤكدًا أن الاستثمار في الكفاءات البشرية والمادية التي يمتلكها أفراد الجالية يجب أن يكون جزءًا من الدينامية الاقتصادية الجديدة. لكنه لم يوضح بالتفصيل كيف ستُترجم هذه الرؤية إلى مشاريع ملموسة أو برامج تدعم ارتباط الجالية بالمغرب اقتصاديًا.

كيف يمكن لحكومة أخنوش تحويل هذه الرؤية إلى استراتيجية مستدامة تعزز دور الجالية المغربية في الاستثمار الوطني؟

التوازن بين الصناعة والفلاحة: هل هو ممكن؟

لم يُخفِ أخنوش وعيه بتحديات القطاع الفلاحي نتيجة الجفاف وعدم انتظام التساقطات المطرية، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز الأداء الصناعي مع الحفاظ على الفلاحة. ورغم الإشادة بالصادرات الزراعية التي بلغت 63 مليار درهم، فإن التحدي يظل في كيفية تحقيق هذا التوازن دون المساس بالأمن الغذائي.

هل تمتلك الحكومة خططًا واضحة لمعالجة تداعيات التغير المناخي على القطاع الفلاحي وتعزيز الأمن الغذائي؟

عدالة مجالية ومشاريع البنية التحتية

تطرق أخنوش إلى أهمية العدالة المجالية في توزيع المشاريع الصناعية الكبرى، مشيرًا إلى مشاريع موانئ الناظور والداخلة وأكادير، وتطوير البنيات التحتية مثل الطرق والمطارات. هذه الاستثمارات تُعد ضرورية، خاصة مع تنظيم المغرب لكأس أمم إفريقيا وكأس العالم.

ولكن، هل ستساهم هذه المشاريع في تقليص الفوارق المجالية بين المناطق؟ وكيف ستُترجم هذه العدالة إلى واقع ملموس للمواطنين في المناطق النائية؟

مستقبل الصناعة المغربية وصناعات المستقبل

أوضح أخنوش أن مستقبل الصناعة الوطنية مرتبط بصناعات المستقبل، مثل الطاقات المتجددة، السيارات الكهربائية، الهيدروجين الأخضر، وصناعة الأسمدة الفوسفاطية. وشدد على أن مئات المستثمرين مهتمون بالمغرب، ما يتطلب من الحكومة توفير الشفافية والتسهيلات اللازمة.

لكن، هل يملك المغرب البنية التحتية والقوة العاملة الكافية لمواكبة هذه الصناعات الجديدة؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع المنافسة الدولية في هذه المجالات؟

التحديات الاجتماعية والتشريعات المستقبلية

أشار رئيس الحكومة إلى أهمية الحوار الاجتماعي، حيث تم الاتفاق على رفع الأجور في القطاع الخاص. كما عبّر عن أمله في تمرير قانون الإضراب لتسهيل تنظيم سوق الشغل.

هل ستكون هذه التشريعات كافية لضمان استقرار العلاقة بين العمال وأرباب العمل في ظل التحولات الاقتصادية؟

ما بين الطموح والواقع

كلمات أخنوش تحمل رؤية طموحة لمستقبل التصنيع في المغرب، لكنه تجنب الحديث عن التحديات المباشرة التي يواجهها المواطنون، مثل تأثير هذه السياسات على القدرة الشرائية أو توفير فرص عمل حقيقية ومستدامة.

في خضم هذه الرؤية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من تحويل الطموح إلى واقع ملموس يعزز مكانة المغرب كقوة صناعية عالمية؟ أم أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية ستظل عائقًا أمام تحقيق هذه القفزة النوعية؟