أخنوش في مواجهة مع الشارع.. إلى أين تمضي تجمعات احتجاجات في عدد من المدن المغربية بسبب "موجة الغلاء الفاحش"؟

0
220

آلاف المغاربة الغاضبين يرفعون البطاقة الحمراء في وجه رجل الأعمال “عزيز أخنوش”، رافضين سياساته التي “تمتص جيوبهم”. لكن شرارات الاحتجاج لم تنطفئ بعد، يعيش الشارع المغربي غذاً ،الأحد، غليانا غير مسبوق، بسبب استمرار موجة الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات وتدهور القدرة الشرائية، وتفاقم الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة وكافة الأجراء وعموم المواطنين”.

وفي هذا الاطار، أعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المغرب عن تنظيم وقفات احتجاجية، الاحد المقبل عبر ربوع المملكة، “رفضا للارتفاع القياسي لأسعار المواد الاساسية والتضييق على الحقوق والحريات”.

وأضافت الكونفدرالية في بلاغ بها، أن هذه التجمعات تأتي أيضا احتجاجا على تنصل الحكومة من التزاماتها في تنزيل الميثاق الاجتماعي وتفعيل اتفاق 30 أبريل 2022، مشيرة إلى الزيادة العامة في الأجور ومراجعة أشطر الضريبة على الدخل.

ودعت الكونفدرالية المغربية في بيان لها، الشعب المغربي الى “المشاركة الوازنة في التجمعات الاحتجاجية و التعبوية يوم الأحد المقبل، أمام مقراتها المحلية والإقليمية، دفاعا عن الحقوق والمكتسبات، و استعدادا لمواجهة التحديات القادمة”.

و اوضحت أن هذه الوقفات الاحتجاجية تأتي “انطلاقا من المسؤولية التاريخية ووفاء لقضايا الطبقة العاملة وعموم المواطنات والمواطنين، و احتجاجا على استمرار موجة الغلاء الفاحش و ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات وتدهور القدرة الشرائية، وتفاقم الأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة وكافة الأجراء وعموم المواطنين”.

كما ابرزت في السياق، ممارسات السلطات المغربية بخصوص “التضييق على ممارسة الحقوق والحريات النقابية عبر اعتماد إجراءات انتقامية وطرد المسؤولين في المكاتب النقابية، والتماطل المقصود في منح وصولات إيداع الملفات القانونية عقب تجديد المكاتب النقابية أو تأسيسها، وتنصلها من التزاماتها في تنزيل الميثاق الاجتماعي (…)”.

كما تأتي هذه الاحتجاجات وسط غضب واستياء عبرت عنه عدد من النقابات والتنظيمات المدنية بسبب ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، وموازاة مع حملات رقمية على مواقع التواصل الاجتماعي عرفت مشاركة مشاهير الفن والرياضة، حيث تصدر مؤخرا هاشتاغ “لا لغلاء الأسعار” الترند المغربي على تويتر.

وعبر مستخدمو هذه المواقع على ضرورة التدخل العاجل للحكومة لوضع حد للزيادات المتتالية في أثمنة المواد الاستهلاكية والوقود، إضافة إلى تداول رسالة بشكل واسع تطالب بتدخل الملك محمد السادس لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطنين.

وفي هذا السياق، أكد المجلس الوطني للوظيفة العمومية التابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في اجتماعه، السبت، مشاركته في هذه الاحتجاجات ضد استمرار موجة الغلاء المهول وارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات وتدهور القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم المواطنين.

وأضاف المجلس في بلاغ له، منبها الحكومة إلى خطورة التمادي في تفعيل توصيات وتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، وتنفيذ مشاريع ومخططات لتفكيك الوظيفة العمومية والمرفق العمومي.

وحذر المصدر ذاته، الحكومة من مغبة المس بمكتسب التقاعد وخطورة المقاربة المقياسية في “إصلاح” صناديق التقاعد، مهددا بالتصعيد من وتيرة الاحتجاجات لمواجهة كافة التحديات الراهنة والمستقبلية.

وفي سياق متصل، أعلنت “الجبهة الاجتماعية المغربية” عن تنظيم مسيرة وطنية شعبية خلال شهر نوفمبر، سيتم الإعلان عن تاريخها خلال الأيام القليلة المقبلة، احتجاجا على غلاء اسعار المحروقات والمواد الاساسية، داعية تنسيقيات فروع الجبهة إلى الاجتماع بشكل عاجل والشروع في التعبئة، وفق خطة مضبوطة قصد الحضور المكثف في المسيرة.

وتقرر عقد الملتقى الوطني للجبهة نهاية الأسبوع الجاري من أجل تسطير برنامج تعبوي محليا ومركزيا لإنجاح المسيرة الوطنية.

و استنكرت الجبهة المغربية في بيان لها، “تفاقم غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب على الاطلاق، وهذا رغم كل الاحتجاجات والنداءات”، ولكن -تضيف- “لا حياة لمن تنادي”.

وما زاد الطين بلة، حسبها، “مشروع قانون المالية الذي جاء فارغا من أي إجراءات ولو مرحلية للتخفيف من معاناة أوسع الجماهير الشعبية المسحوقة بل سيعمقها من خلال تدابير عدة منها تحرير أسعار الغاز”، لافتة الى أن هذا المشروع “يقدم هدايا ضريبية هامة للأثرياء (…)”.

و اكدت في السياق أن “الحوار الاجتماعي لا يتسم بالجدية وغير منتج طالما أن الحكومة والباترونا ترفضان الاستجابة لمطالب الحركة النقابية وعلى رأسها الزيادة في الأجور وتخفيف فعلي للعبء الضريبي على الاجراء و احترام الحريات النقابية”.

وبالمناسبة، ثمنت “الجبهة الاجتماعية المغربية”، المبادرة النضالية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل المتمثلة في الاحتجاج يوم الأحد القادم، معبرة عن دعمها لها. ودعت كل فروع الجبهة الى مساندتها بكل الأشكال والوسائل المتاحة.

جدير بالذكر ان “الجبهة الاجتماعية المغربية” نظمت نهاية شهر مايو المنصرم، احتجاجات عارمة ضد غلاء الأسعار، وهذا رغم محاولات الامن اجهاضها من خلال تفريق المتظاهرين الذين اكتسحوا شوارع مدينة الدار البيضاء.

ولازالت العديد من الأوساط الشعبية والنقابية والحقوقية توجه انتقاداتها لما انتجته سياسية الريع المتعبة من قبل “حكومة الأعيان” الرافضة لمحاربة الفساد الذي أنهك الاقتصاد في المغرب وجيوب المواطن البسيط.

فحكومة أخنوش تميزت بكونها أول حكومة مغربية يواجهها الشارع باحتجاجات واسعة خلال الأسابيع الأولى التي تلت مباشرتها مهامها، ووصف رئيسها بأنه رمز من رموز “زواج المال والسلطة”، ناهيك عن الأصوات المغربية التي تؤكد “ضعف مشروعيتها وغرابة ظروف تعيينها”.

كيف لا يحدث ذلك وسجل الرجل لا يخلو من المواجهات مع الشعب على غرار ما حصل عام 2018 خلال حملة المقاطعة الاقتصادية التي انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي وانتقلت إلى الواقع، وشملت ثلاثة علامات تجارية من بينها شركته الخاصة بتوزيع المحروقات.

وللإشارة فإن مجموعة “أكوا” الاقتصادية التي أسسها أخنوش تستحوذ – حسب وسائل إعلام مغربية – على حصة 40% من سوق المحروقات في البلاد، و45% من سوق غاز البوتان، و62% من سوق الغاز النفطي المسال.

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل بلغ تدني سياسة حكومة رجل الأعمال أخنوش إلى غض النظر عن الفساد ورفضها محاربته، فقد كشف أخنوش عبر العديد من القرارات على أن هذه المسالة ليست من أولوية حكومته، وهو ما ظهر جليا خلال سحبها لقانون يجرم الإثراء غير المشروع.

وكان تجريم الإثراء غير المشروع من أهم المخرجات التي اقترحتها هيئة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة في المغرب ، وظهور الحاجة إلى مشروع قانون جنائي جديد، لكنه تعثر بعد سنوات من العرقلة حتى تم سحبه من طرف حكومة عزيز أخنوش، في خطوة أدينت على نطاق واسع من قبل المعارضة وفعاليات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية.

ويوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، في هذا الشأن أن “سحب المشروع وتجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2015-2025)، فضلا عن كون البرنامج الحكومي لا يتضمن ما يفيد بالرغبة في التصدي للريع والفساد، يشكل مؤشرا إلى أن الحكومة لا تعنيها قضية محاربة الفساد والرشوة “.

كما يعتبر الغلوسي سحب المشروع “رضوخا لبعض المراكز والمواقع القوية المستفيدة من واقع الريع والفساد، التي ليست لها مصلحة في إصلاح ديمقراطي حقيقي يؤسس لفصل السلطات والتوزيع العادل للثروة، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

من جانبها شددت نعيمة الفتحاوي، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، في مداخلة لها الثلاثاء الماضي ، بمجلس النواب، على أن البلاد بحاجة إلى دفعة حقيقية ومعالجة حقيقية للأمراض التي تعاني منها، وهي محاربة الفساد وتفكيك اقتصاد الريع، التي تتجاهلها الحكومة وتعطي الانطباع بعدم وجودها.

ونبهت الفتحاوي، إلى غياب أي إشارة تفيد بوجود محاربة الفساد ضمن أولويات مشروع قانون المالية، مضيفة أنه تم التعامل مع محاربة الفساد واقتصاد الريع كما لو كان حدثا عابرا وليس مصدرا للمشاكل كلها.

وعددت النائبة البرلمانية بعضا من صور هذا الفساد، منها الإصلاح الضريبي الذي قالت أنه ما زال متعثرا، مما يحرم البلاد من موارد إضافية لتغطية نفقات العديد من القطاعات .

كما تناولت تحديات أزمة المياه والحالة الراهنة للموارد المائية بالمملكة في ظل انعدام أي استراتيجية حكومية لحلها.

فلا زالت الحكومة تجابه غضب الشارع وصرخات المواطن من الأوضاع المتفاقمة جراء غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة.

وأمام هذا الوضع، أعلنت الجبهة الاجتماعية المغربية أنها قررت تنظيم مسيرة وطنية شعبية خلال شهر نوفمبر الجاري، وذلك للاحتجاج على غلاء الأسعار منددة بصمت الحكومة رغم كل الاحتجاجات والنداءات.

وذكرت الجبهة في ذات السياق، بأن مشروع قانون المالية جاء فارغا من أي إجراءات ولو مرحلية للتخفيف من معاناة أوسع الجماهير الشعبية المسحوقة.

ومقابل ذلك، اعتبرت أن هذا المشروع يقدم هدايا ضريبية هامة للأثرياء، حتى أن نقابة أرباب العمل، وفق تصريح لأحد مسؤوليها، لم تكن لتحلم بها.