أثار الغياب المتكرر لرئيس الحكومة، عزيز اخنوش، عن جلسات المساءلة الشهرية في البرلمان، غليانا لدى المعارضة التي وجهت انتقاداتها الحادة له، بالنظر لما وصفته بـ“عدم احترامه“ للدستور.
منذ أسابيع ولا يزال النواب يطالبون بحضور رئيس الحكومة تحت قبة البرلمان لمناقشة المشكلات التى تواجه الشارع المغربي، والتى يجب على رئيس الحكومة إيضاحها للنواب حتى يستطيعون الرد على تساؤولات المواطن، علاوة على معرفة خطة الدولة للتعامل مع هذه المشكلات، وهذه المرة بات رئيس الحكومة الملياردير مدعو من أعضاء لمجلس لحضور الجلسة الأسئلة الشفوية.
لم تخف المعارضة البرلمانية استياءها من سياسة “الهروب إلى الأمام“ التي ينتهجها الفريق الحكومي بقيادة أخنوش “في تنصل واضح لالتزاماته بالتكفل بانشغالات المواطنين“.
في هذا الإطار، وجّه نواب المعارضة البرلمانية انتقادات لاذعة إلى عزيز أخنوش بعد غيابه المستمر عن الجلسات الأخيرة بالبرلمان، معتبرين أن هذا الأمر “يثبت أن الحكومة التي يقودها تعيش عزلة تواصلية وتتخوف من مواجهة المغاربة والمعارضة“.
ورفض نواب المعارضة استمرار غياب رئيس الحكومة عن جلسات البرلمان، معتبرين ذلك تنصلا من الالتزامات وعن انشغالات المواطنين، ويثبت أن الحكومة تعيش عزلة تواصلية وتتخوف من مواجهة المغاربة والمعارضة.
وقال نواب المعارضة خلال جلسة الأسئلة الشفهية بالبرلمان إن “الواجب الوطني والمسؤولية يحتمان على أخنوش أن ينتهج أسلوب النقاش والصراحة مع المغاربة والبحث عن الحلول بعيدا عن التجاذب والخصومات السياسية“. وأكدوا أنه “يتعمد بكل الطرق عدم حضور أشغال البرلمان لتفادي الإحراجات والانتقادات حول ما يعتري التدبير الحكومي من تعثرات وإخفاقات في أكثر من قطاع حكومي وعمومي في ضرب علني لمقتضيات الفصل 100 من دستور البلاد، التي تنص صراحة على ضرورة حضور رئيس الحكومة مرة واحدة في الشهر أمام مجلسي البرلمان، خاصة في الظرف الحالي الذي يكتوي فيه الشعب المغربي بلهيب الأسعار“.
في هذا الشأن، أكد الفريق النيابي لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية“ أن رئيس الحكومة ينتهج سياسة “الهروب“ عن الجلسات الشهرية، مضيفا “نحن على مشارف انتهاء الدورة البرلمانية الخريفية التي امتدت على مدى أربعة أشهر غير أن أخنوش حضر مرة واحدة فقط خلال الدورة“.
واعتبر النائب البرلماني سعيد بعزيز، غياب رئيس الحكومة عن جلسات أسئلة السياسة العامة التي تهم المواطنين، خرقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور، ومقتضيات المادة 278 من النظام الداخلي، وقال: “هذه الدورة الخريفية مرت منها حوالي أربعة أشهر كان من المفترض أن يكون رئيس الحكومة قد حل بهذه القبة أربع مرات من أجل الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، لكنه جاء مرة واحدة يوم 27 نونبر”، ملتمسا من رئاسة المجلس أن تحضر رئاسة الحكومة للإجابة عن الأسئلة التي ينتظرها المواطنون.
المطالبات الجديدة جاءت من خلال النائب عبد الله بوانو رئيس فريق “العدالة والتنمية” (معارضة)،بمجلس النواب، والنائب السنتيسي رئيس فريق حزب “الحركة الشعبية ” معارضة ، والذى طالب رئيس الحكومة عزيز أخنوش بضرورة حضور جلسات المساءلة الشهرية بمجلس النواب، وعبّر عن استيائه من عدم تفاعل الحكومة مع مقترحات القوانين التي تقدم بها فريقه، والتي بلغت 61 مقترحا، مشيرا إلى أنه لا يجد هذا العدد من المقترحات في موقع الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان، إذ يوجد فقط 41 مقترح قانون، بينما لا يوجد في موقع مجلس النواب إلا 29 مقترحا.
الغلوسي:يطالب القضاء بمصادر ممتلكات مسؤولين ورجال أعمال وعائلاتهم متورطين في قضايا الفساد..وماذا عن استرجاع الأموال المنهوبة؟؟
و في اطار مساءلة الحكومة عما يجري, و عن “تردي المستوى المعيشي للمواطن المغربي في ظل الأسعار الملتهبة التي تعرفها المواد الغذائية الفلاحية”.
إذ أن تردي المستوى المعيشي للمواطن المغربي أصبح يهدد السلم الاجتماعي في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات و أسعار المنتجات الفلاحية, وتساءل نواب المعارضة عن التدابير التي ستتخذها الحكومة من أجل حماية المستوى المعيشي للمواطن البسيط من الزيادات الصاروخية التي أنهكت جيبه ونفسيته.
معاناة المواطن بالمملكة من السياسات الفاشلة, يعكسها الغليان الدائم الذي تعيشه المدن والبلدات المغربية منذ أشهر وحجم الاحتجاجات المناهضة للفساد والظلم وقمع الحريات, حيث خرجت مظاهرات نهاية الأسبوع الماضي في كل من فكيك شرق البلاد, نددت بالأوضاع الاجتماعية المزرية و استشراء الريع والتهميش وغلاء المعيشة.
و رفع المحتجون لافتات تدين عجز الحكومة عن مواجهة الأزمة وتطالب بإجراءات جدية لإنقاذ القدرة الشرائية للمواطنين.
كما رددوا شعارات تنتقد تجاهل الحكومة الحد من انتشار الريع ووقف الامتيازات وقطع دابر الفساد المالي.
و كانت الجبهة الاجتماعية, التي تضم أكثر من ثلاثين تنظيما حقوقيا ونقابيا وسياسيا, ابرزت في أكثر من مناسبة تفاقم الأوضاع المعيشية نتيجة غلاء أسعار المحروقات وكل المواد الأساسية لدرجة غير مسبوقة في تاريخ المغرب, وسط غياب أي إجراء حكومي من شأنه أن يخفف من وطأة المعاناة التي تعيشها الأسر المغربية.
وتنص مقتضيات المادة 278 من النظام الداخلي لمجلس النواب، على أنه طبقا للفصل 100 من الدستور، تخصص جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة، وتقدم أجوبة رئيس الحكومة عليها خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة هذه الأسئلة.
وينص الفصل 100 من الدستور على أنه تُخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة. وتُدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما الموالية لإحالة السؤال إليها. وتُقدم الأجوبة على الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة من قبل رئيس الحكومة، وتخصص لهذه الأسئلة جلسة واحدة كل شهر، وتُقدم الأجوبة عنها أمام المجلس الذي يعنيه الأمر خلال الثلاثين يوما الموالية لإحالة الأسئلة إلى رئيس الحكومة.
تأتي هذه التجاذبات والانتقادات من بعض نواب فرق المعارضة داخل المؤسسة التشريعية لتضاف إلى أجواء التوتر والغليان والتذمر التي تسود المغرب على مختلف الجبهات، نتيجة فشل الحكومة الحالية في تدبير الشأن العام.