بعد إنتهاء عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية المعين، أمس، الجولة الأولى من مشاوراته مع الأمناء العامين للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، من أجل تشكيل حكومته، وسط أنباء عن اقتصارها على الأحزاب الثلاثة الأولى، المتصدرة لنتائج اقتراع الثامن من سبتمبر (أيلول) الجاري. ويتعلق الأمر بـ “التجمع الوطني للأحرار» وحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال”.
أعلنت الأحزاب الثلاثة المتصدرة “التجمع الوطني للأحرار وحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال” ، لنتائج اقتراع الثامن من سبتمبر (أيلول) الجاري، التعاون فيما بينها والعمل علىعلى التعاون والعمل على تشكيل أغلبية داخل المجالس المنتخبة على الصعيد الوطني.
وقال بيان صادر عن الأحزاب الثلاثة “التجمع الوطني للأحرار وحزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال” أن هذا الاتفاق يأتي قصد تقوية مؤسسات المجالس وخلق الانسجام والاستقرار داخلها وتجنبا للنزاع والتطاحن، والتفرغ لمواجهة الرهانات والتحديات التي يطرحها المواطن.
كما يأتي هذا التنسيق بين الأحزاب الثلاثة التي تسير نحو تشكيل أغلبية حكومية، احتراما لسلطة أصوات المواطنين، وسعيا إلى قطع الطريق على الممارسات المشينة التي غالبا ما تحاول بعض الأطراف التحكم في الخريطة السياسية خدمة لمصالحها عوض خدمة المصلحة العامة.
ودعت الأحزاب الثلاث منتخبيها في المجالس المنتخبة إلى ضرورة الالتزام بهذا التوجه والتقيد بالقرار الذي تبنته القيادات الحزبية، في حدود من الانفتاح على باقي المكونات السياسية الأخرى.
ونبه البلاغ إلى أنه في حالة الإخلال أو التنصل من هذا الالتزام، فإن قيادة الأحزاب ستكون مضطرة لتفعيل المساطر المنصوص عليها في أنظمتها الأساسية واللجوء إلى مساطر العزل والتجريد في حق المخالفين.
وكانت الأحزاب الثلاثة قد وقعت اتفاقات جهوية وأخرى محلية، لاقتسام رئاسة ومهام المجالس، وعلى رأسها مجالس الجهات، حيث جرى تقسيم الجهات بالتساوي على الأحزاب الثلاثة، وهي الاتفاقات التي تسير الأحزاب في اتجاه احترامها وإقرارها خلال انتخاب رؤساء وأعضاء المجالس.
وفي 10 سبتمبر الجاري، عَيَّنَ العاهل المغربي، الملك المفدى محمد السادس حفظه الله ، عزيز أخنوش، رئيس “التجمع الوطني للأحرار”، وزير الفلاحة والصيد البحري بالحكومة المنتهية ولايتها، رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة المقبلة.
وعقب تعيينه، صرح أخنوش بأنه سيفتح باب المشاورات مع “الأحزاب التي يمكن أن نتوافق معها في المستقبل، لتشكيل أغلبية منسجمة ومتماسكة لها برامج متقاربة”.
والإثنين، انطلقت مشاورات تشكيل الحكومة بلقاءات منفصلة جمعت أخنوش مع أمناء الأحزاب الأولى في الانتخابات، وهم: عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لـ”الأصالة والمعاصرة”، ونزار بركة، الأمين العام لـ”الاستقلال”، وإدريس لشكر، الأمين العام لـ”الاتحاد الاشتراكي”، ومحند العنصر، الأمين العام لـ”الحركة الشعبية”، بحسب إعلام محلي.
من جانبه، يقول الإعلامي عبد العزيز كوكاس، في حديث لموقع قناة الحرة، إنه بالنسبة للتحالفات فالخريطة أصبحت أوضح مما كانت عليه من قبل، حيت أن الأحزاب الثلاثة الأولى حصلت على أصوات متقاربة، أي ما مجموعه 269 مقعدا، وهي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، وهي أغلبية يصفها كوكاس أنها ستكون “مريحة”.
ويضيف كوكاس أن حكومة بهذه الأحزاب الثلاثة ستكون أقل وزنا فيما يخص عدد الحقائب ويكون فيها نصيب لرجال الكفاءات، وهو سيناريو أفضل من حكومة بأحزاب أكثر حيث سيكون الحزب الأول مضطرا فيها لإرضاء الحلفاء ويخضع للابتزاز والضغوط.
ويقول كوكاس إنه استثنى الاتحاد الاشتراكي من هذا التحالف المحتمل، لأنه بدخول الحزب إلى الحكومة ستبقى المعارضة فارغة وهو ما سيخل بالتوازن السياسي بين المؤسسات.
ويرى محللون أن أقرب سيناريو يبقى تشكيل حكومة من خمسة أحزاب، وهي الأحرار و حزب الاستقلال و الاتحاد الاشتراكي و حزب الحركة الشعبية و الاتحاد الدستوري مما سيمكن من بلوغ أغلبية من 254 مقعدا.
وتوقعوا أن يختار حزب الأصالة والمعاصرة مقاعد المعارضة ، إذ يبقى الحزب القادر على لعب دور معارضة قوية في ظل اصطفاف العدالة والتنمية في المعارضة بدوره.
ورأى عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الأول (حكومية) في مدينة سطات (شمال)، للأناضول، أن “السيناريو الأقرب للتحقق هو أن أخنوش سيشرك حلفائه السابقين الذين فاوض بهم في 2016 (عقب انتخابات برلمانية تصدرها العدالة والتنمية)، ويتعلق الأمر بالحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري”.
وتابع: “لكن بهذه الأحزاب (تمتلك 184 نائبا) لن يتمكن أخنوش من تكوين أغلبية مريحة (مطلوب ما لا يقل عن 198 نائبا)، لذلك سيكون مضطرا إلى أن يختار بين الاستقلال (81 نائبا) والأصالة والمعاصرة (86 نائبا)”.
ورجح أن “الأقرب للتحقق هو أن يلتحق حزب الاستقلال بالأغلبية الحكومية، بالنظر إلى أنه أطال المقام في المعارضة”.
وزاد اليونسي بأن “ما يجعل الأصالة والمعاصرة أقرب إلى المعارضة هو أنه سيتم إعداده ليكون البديل للتجمع الوطني للأحرار مادام كليهما حزبي الإدارة (الدولة)”.
وأوضح أن “هناك سببا وجيها آخر لبقاء الأصالة والمعاصرة في المعارضة وهو أن الدولة تريد مزيدا من الإشعاع لهذا الحزب، خاصة أن عبد اللطيف وهبي (أمينه العام) جاء بخطاب جديد ووجوه جديدة، وبقاؤه في المعارضة يستهدف تحسين صورته في المجتمع”.
لكن ثمة سيناريو ثانٍ لتشكيل الحكومة، وفق اليونسي، “وإن كانت إمكانية تحققه ضعيفة، وهو حصول تحالف بين التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة مع الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، مع بقاء الاستقلال في المعارضة”.
واستدرك: “ما يجعل هذا السيناريو صعبا هو أنه سيفتح المجال أمام تشكيل المعارضة من حزبين يشتركان في نفس المرجعية (الاستقلال والعدالة والتنمية)، مع ما يفرضه ذلك من تحقيق تحالف مستقبلي بينهما، على الرغم من أن الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية ضعيفة العدد”.