“أخنوش” يؤيد قرار بنموسى”رد فعل”تجاه قرارات وزارية أم “استفزاز”للشارع المغربي والهيئات الحزبية والنقابية والحقوقية؟

0
207

رغم كل هذه المسيرات والتظاهرات للمنظمات الشبابية والطلبة الجامعيين الرافضة،لقرار حكومة أخنوش بتحديد سنّ ولوج مباريات التعليم في 30 عامًا كحد أقصى، ما زال وزير التربية الوطنية والتعليم ـ ومعه الآن رئيس الحكومة الملياردير أخنوش ـ متمسكا بموقفهما الذي يبدو أنه سيعمّم على شروط التوظيف في قطاعات عمومية مختلفة؛ مما ينذر بمزيد من التوتر والاحتقان الاجتماعي، ويضرب في الصميم الوعود التي أطلقتها أحزاب الائتلاف الحكومي خلال الحملة الانتخابية الأخيرة.

أعلن عزيز أخنوش رئيس الحكومة بطريقة غير مباشرة عن دعمه  لقرار وزير التعليم شكيب بنموسى بتحديد سنّ ولوج مباريات التعليم في 30 عامًا كحد أقصى الذي أثار ردود فعل مختلفة، والذي اعتُبر مخالفا للدستور المغربي الذي ينص على أن التوظيف في المؤسسات العامة يجري حسب الاستحقاق وليس بتقليص السن.

 وعبر عزيز أخنوش  في تدوينة على حسابه على “تويتر”، اليوم الاثنين، إن الإصلاح هو مسؤولية جسيمة مؤكدا أن حكومته “لن  نتردد في اتخاذ بعض القرارات الضرورية التي تعمل على تنزيل مشروع الدولة الاجتماعية كما يطمح لها الجميع”.

وأضاف أخنوش يومه الاثنين خلال جلسة الأسئلة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة:”الإصلاح من أجل استكمال أسس الدولة الاجتماعية هو  مسؤولية جسيمة على عاتقنا  أمام  جلالة الملك والشعب المغربي والتاريخ أيضا ، لن تتردد إذا تطلب الإصلاح ذلك، اتخاذ بعض القرارات التي قد تبدو مجحفة بالمنطق السياسي الضيق، لكنها في العمق قرارات ضرورية لتنزيل مشروع الدولة الاجتماعية كما يطمح لها الجميع”.

وتابع قوله:”هذا النوع من الإصلاحات لاسيما في مجالات التعليم والصحة يتطلب تحمل المسؤولية دون تردد من أجل التأسيس لمرحلة جديدة فارقة في تاريخ بلادنا تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس”. 

واستطرد أخنوش:”إننا في الحكومة لمدركون لحجم الانتظارات الاجتماعية المعلقة على تجربتنا الحكومية، بعد استحقاقات شفافة ونزيهة، ومستوعبون لطبيعة التحديات والرهانات التي تحيط ببلادنا، والتي تجعل من إصلاح الورش الاجتماعي أولوية الأولويات”.

وزاد قائلا:”نحن كذلك واعون بحجم الطلب الاجتماعي المتزايد على الخدمة العمومية من صحة وتعليم وخلق فرص تشغيل. ومن عمق هاته القناعة الحكومية الراسخة، المسنودة بأوراش ملكية مفتوحة ورؤية متكاملة لتكريس وتعزيز مكتسبات بلادنا في المجال الاجتماعي، سنواصل العمل الوطني الجاد من أجل تجاوز مواطن النقص في السياسات الاجتماعية”. 

القرار المذكور خلف حركات احتجاجية في مختلف المدن المغربية، تباين تعامل السلطات الأمنية معها بين المنع والتشديد وبين المرونة وتفهم المطالب وطريقة التعبير عنها سلميا وحضاريا.

ما أقدمت عليه حكومة عزيز أخنوش تجاه الشباب الراغبين في الالتحاق في وظائف التعليم، اعتبر ضربا لمبدأ المساواة في العمل وولوج الوظيفة العمومية، الذي أكدت عليه بيانات حقوق الإنسان لكثير من الدول ذات الديمقراطية العريقة، وتبنته جل الدساتير الدولية. كما أن المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1789 نصت على أن “كل المواطنين متساوون وكذلك مقبولون في الوظيفة العمومية بالنظر إلى مؤهلاتهم وبصرف النظر عن أي تفرقة أخرى”.

بدورهم أدلى خبراء القانون في الموضوع، حيث كتب أحدهم أن المغاربة فوجئوا بمضامين إعلان وزير التعليم، شكيب بنموسى، في شأن إجراء مباريات توظيف الكوادر النظامية لمؤسسات التعليم، حينما أكد على إلزامية أن لا يتعدى سن المرشحين للمباريات 30 سنة كحد أقصى 30 سنة، علما أن السن المطلوب عدم تجاوزه لولوج الوظيفة العمومية في النظام الأساسي للوظيفة العمومية لسنة 1958 هو 40 سنة.

وفي تدوينة له على “فيسبوك” أفاد محمد النويني، باحث في القانون الإنساني الدولي، أن هذا القرار من شأنه أن يعصف بمبدأ المساواة في التشغيل ولولوج الوظيفة العمومية، الذي يعتبر من أهم المبادئ التي نصت عليه بيانات حقوق الإنسان الأمريكية سنة 1776 والفرنسية سنة 1789 وتبنته جل الدساتير الدولية. كما أن المادة السادسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1789 أوضحت أن كل المواطنين متساوون وكذلك مقبولون في الوظيفة العمومية بالنظر إلى مؤهلاتهم وبصرف النظر عن أي تفرقة أخرى.

وأعرب الباحث نفسه عن مخاوفه من أن يحدث ذلك الشرط ردّة حقوقية واجتماعية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث للمغرب، وأن تحدث تعارضا وتناقضا مع ما جاء في المواثيق والعهود الدولية التي صادق عليها المغرب وضمّنها في ديباجة دستور 2011.

في السياق ذاته، أوضح المحامي محمد الهيني أن قرار الوزير شكيب بنموسى بشأن اشتراط عدم تجاوز سن 30 سنة في مباراة التعليم “خرق دستوري”؛ ذلك أن الفصل 31 من الدستور يعتبر الحق في الشغل مضمونا والولوج إلى الوظائف العمومية حسب الاستحقاق وليس السن.

ولفت في تصريح لموقع “هسبريس” إلى أن ما صدر عن المسؤول الأول عن قطاع التربية “خطأ حكومي لا يغتفر، لأنه يشكل مساسا بالحق في العمل وبحرمان شريحة كبيرة ومهمة في المشاركة في المباريات، ويفوت عليها فرصة الولوج إلى سوق العمل وتحقيق ذاتها والإسهام الفعال في تنمية المجتمع”.

كما أن هذا الشرط الذي وصفه المحامي نفسه بـ”التعسفي وغير الدستوري” يتنافى مع النصوص التنظيمية الجاري بها العمل والتي تشترط الحد الأقصى للتوظيف في 45 سنة مع إمكانية رئيس الحكومة لمنح ترخيص استثنائي لمن يتجاوز هذا السن، مضيفا: “هذا إقصاء لكفاءات شبابية واعدة وبشكل غير مبرر وغير مشروع لعدم ارتباطه بقواعد الاستحقاق المكرسة دستوريا”.

شددت بدورها الأحزاب المعارضة، وقالت “فدرالية اليسار الديمقراطي” على أن الشروط التي وُضعت لاجتياز مباراة التعليم تضرب مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، وتخضع لضغط “لوبيات” التعليم الخصوصي، ولا تراعي خصوصيات السياق المحلي في بعده الاجتماعي، خاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة لدى خريجي الجامعات وتدهور الأوضاع الاجتماعية لفئات واسعة من الشعب المغربي.

وقالت في بيان لها إن إصلاح التعليم يتطلب رؤية نسقية ومقاربة شمولية تنطلق من إرادة سياسية قوية وإجراءات تستهدف مختلف عناصر منظومة التربية والتكوين، وإشراك فعلي لكل الفاعلين المعنيين لإعادة الثقة في مدرسة عمومية تحقق شروط الجودة والإنصاف والمجانية وتشكل رافعة للتنمية.

وطالبت “الفدرالية” بالتراجع الفوري عن كل الشروط المنافية لقواعد المساواة وتكافؤ الفرص واحترام الحق في الشغل، واحترام القوانين الجاري بها العمل، ومن بينها النظام الأساسي لكوادر الأكاديميات الذي يحدد سن التوظيف في 40 سنة وقانون الوظيفة العمومية الذي يحدده في 45 سنة.

وقال حزب “التقدم والاشتراكية” المعارض إن مكتبه السياسي تداول في تداعيات الإعلان عن الشروط الجديدة التي أقرتها وزارة التعليم من أجل الولوج إلى مِهنة التدريس، وما يثيره ذلك من ردود فعلٍ سلبية في أوساط عديدة، ومِن تعبيرات رافضة، تعكسها مُظاهراتٌ مختلفة وتتناقلها مواقع التواصل الاجتماعي.

في هذا السياق، أكد المكتب السياسي في بيان له، على أن مسألة إصلاح التعليم التي تعثرت منذ عقود من الزمن والتي تُشكل منذ مدة أولوية وطنية قصوى، تقتضي مُعالجةً شمولية ومتكاملة كما وردت في القانون الإطار. كما أنها تقتضي التشاور والإشراك والإقناع إزاء الرأي العام المغربي عموما، وتجاه الفئات والأوساط المعنية على وجه الخصوص، وتفادي أي مقاربة تجزيئية تعتمد على إجراءات مُباغتة، بغض النظر عن صواب هذه الأخيرة من عدمه. كما تتطلب، لزومًا، التقيد بالقانون أو تغييره عند الاقتضاء في إطارٍ من الشفافية والوضوح.

وبدوره، انتقد حزب “الحركة الشعبية” قرار وزارة التعليم قائلا إنه “لا يستند على أية مرجعيات دستورية وقانونية، ويشكل تراجعا غير مبرر عن المكتسبات المحققة في مجال التأسيس للوظيفة العمومية الجهوية كدعامة للنهوض بمنظومة التربية والتكوين”.

واعتبر أن تسقيف سن الولوج إلى مباريات التعليم في ثلاثين سنة مخالفة صريحة لأحكام النظام الأساسي للوظيفة العمومية وللنظام الأساسي الخاص بكوادر وأساتذة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

واعتبر الحزب المعارض أنه لا يمكن تبرير هذا التسقيف بغاية التكوين المرحلي، لأن غايته الأصلية هي التوظيف، كما يعتبر الحزب أن التنزيل الفجائي لمعايير الانتقاء وسنة الحصول على الإجازة (البكالوريوس) ومنع التعاقد المسبق مع أية مؤسسة أخرى، يعد غير ذي جدوى، لأن السبيل الأمثل لتحقيق الكفاءة المنشودة في مهنة التدريس هو الحرص على نزاهة ومصداقية المباريات في إطار مبدأ تكافؤ الفرص، يقول البيان.

وطالب حزب “الحركة الشعبية” حكومة عزيز أخنوش بـ”تملك الجرأة السياسية للتراجع عن هذه الشروط غير المنصفة، والعمل على تقديم مشروع إصلاحي متكامل مؤطر بحوار مؤسساتي موسع يتوج بمراجعة شاملة للنظام الأساسي للوظيفة العمومية” مضيفا أنه من الضروري أن تتفادى الحكومة القرارات الأحادية بمبرر واهٍ يقوم على الاستقواء العددي وفق منطق انتخابي عابر لا يمنح الصلاحية للأحزاب الممثلة في الحكومة للحسم في ملفات وقضايا ذات حساسية سياسية واجتماعية شائكة.

 

 

 

 

 

شاهد..مسيرات طلابية بمكناس مهيبة تتشح بالسواد حداداً ضد وزارة “بنموسى” المتمسك بموقفه