أخنوش بين تقليص النفقات ومأزق 2026: هل هو تقشف ضروري أم حسابات سياسية؟
بات واضحًا أن حكومة عزيز أخنوش تسعى إلى ضبط الإنفاق العام في أفق 2026-2028، حيث أصدر رئيس الحكومة منشورًا يدعو فيه إلى ترشيد النفقات العمومية وتقليص المصاريف التشغيلية في مختلف القطاعات.
لكن، في ظل السياق السياسي والاقتصادي الراهن، يطرح هذا التوجه تساؤلات كبرى: هل هو إجراء تقني بحت، أم أنه يحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية تسبق استحقاقات 2026؟
الترشيد المالي أم التقشف القسري؟
يدعو منشور رئيس الحكومة إلى تقليص النفقات المتعلقة بالماء والكهرباء وكراء السيارات، إلى جانب ضبط نفقات الموظفين وتحسين آليات إعادة الانتشار داخل الإدارات. كما يشدد على خفض إعانات التسيير للمؤسسات العمومية وجعلها رهينة بموجودات خزائنها.
هذا التوجه يثير سؤالًا جوهريًا: هل هي محاولة لضبط الميزانية في ظل أزمات اقتصادية دولية وضغوط داخلية، أم أنها سياسة تقشفية تمهّد لمرحلة أكثر صعوبة للمواطنين والموظفين؟
رهان مثالية الإدارة: بين التنظير والتطبيق
يشير أخنوش إلى أن هذه التدابير تندرج في إطار “ميثاق مثالية الإدارة”، الذي يهدف إلى تحسين كفاءة العمل الحكومي وترشيد الإنفاق. لكن هل يمكن لهذا الميثاق أن يُطبق فعليًا في بيئة إدارية تتسم بالبيروقراطية والهدر المالي في بعض المؤسسات؟ وهل يمكن ضمان أن هذه الإجراءات لن تؤثر سلبًا على جودة الخدمات العمومية؟
2026.. هل يفكر أخنوش في ما بعد ولايته؟
توقيت هذه الإجراءات يثير التساؤل حول خلفياتها السياسية. فعهدة أخنوش الحكومية تنتهي في 2026، لكن خطته تمتد إلى 2028، وهو ما قد يوحي بوجود رؤية تتجاوز فترة ولايته الحالية. فهل يسعى رئيس الحكومة إلى ترك بصمة إصلاحية تُمكّنه من كسب نقاط سياسية للمستقبل؟ أم أن هذه السياسة تحمل بين طياتها استعدادات مبكرة لمتغيرات سياسية قد تطرأ قبل نهاية ولايته؟
بين الحاجة إلى الإصلاح والغضب الشعبي
لا شك أن ضبط الإنفاق العمومي أمر ضروري، خاصة مع التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب، لكن نجاح هذه التدابير يعتمد على مدى شفافيتها وقدرتها على تحقيق نتائج فعلية. وإذا كان التقليص سيؤثر على المواطنين البسطاء أو الموظفين دون مساس بالامتيازات الكبرى، فقد يؤدي ذلك إلى تصاعد الاحتقان الشعبي.
فكيف ستوازن الحكومة بين ترشيد النفقات والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي؟
الرهان الاقتصادي والتحديات المستقبلية
في ظل تقلبات الاقتصاد العالمي، يبدو المغرب في حاجة إلى سياسات مالية متوازنة تحمي قدرته على الإنفاق الاجتماعي والاستثماري. لكن السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من تحقيق أهدافها دون التأثير على جودة الخدمات العامة ومستوى عيش المواطنين؟ أم أن هذه الإجراءات ستُترجم في النهاية إلى ضغط إضافي على الطبقة المتوسطة والفقيرة؟
خاتمة: إصلاح حقيقي أم مناورة سياسية؟
إن إعلان أخنوش عن هذه التدابير في هذا التوقيت يضع حكومته أمام اختبار صعب. فإما أن ينجح في تقديم نموذج إصلاحي حقيقي يحقق توازنًا بين ترشيد النفقات وتحسين الخدمات، أو أن تُفسَّر قراراته على أنها مجرد تمهيد لاستحقاقات سياسية مستقبلية. الأيام القادمة وحدها ستكشف الحقيقة!