يثير ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب غضبا شعبيا واتهامات لشركات توزيع الوقود بـ”الجشع”، فيما يربط مراقبون استمرار التهاب الأسعار بتقلبات السوق الدولية التي أشعلتها الحرب الروسية الأوكرانية.
وصل سعر البنزين في المغرب، إلى 16.61 درهم مغربي لليتر الواحد، أي ما يعادل 1.66 دولار أميركي.
وجه أرباب وتجار ومسيرو محطات الوقود اتهامات لإحدى الشركات الوطنية الكبرى في القطاع، بالتلاعب وفرض أسعار أعلى من السوق على عدد من المحطات.
وأكدت الجامعة الجهوية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أنها توصلت بعدد من الشكايات من المحطات التي تخضع للتسيير الحر، سجلت قيام الشركة بإجراء تمييزي بخصوص فاتورة المحروقات بحسب نوعية المحطات الخاضعة للتسيير المباشر من طرفها، أو التي هي في ملكية أصحابها أو الخاضعة للتسيير الحر، وتحمل نفس علامتها التجارية، وذلك منذ يوم الجمعة 29/07/2022 إلى غاية منتصف الليل ليوم الأحد 31/07/2022، بحيث خفضت ثمن البيع بالمحطات التابعة لها، واستثنت المحطات الأخرى، التي تحمل نفس علامة الشركة والمملوكة لأصحابها أو الخاضعة للتسيير الحر التي فرضت عليها ثمنا تحكميا أعلى.
وسجلت الجامعة أن “انخفاض أسعار البنزين والغازوال تم تطبيقه من طرف المحطات التابعة للشركات ورفضه من طرف المحطات ذات التدبير الحر باللجوء لعدم تشغيل اللوحات الكهربائية للإشعار بالأسعار، بشكل يخالف مقتضيات قانون المنافسة”، معبرة عن إدانتها لهذا الأمر.
أرباب محطات الوقود بدورهم أكدوا أن اختلاف أسعار البيع ناجم عن اختلاف أسعار الشراء من لدن الشركة، معبرين عن استنكارهم لهذه التصرفات المخلة بقواعد المنافسة التجارية الشريفة، مطالبين بتعويض المحطات عن الخسائر التي ترتبت عن هذا الإجراء.
وحذر بلاغ أرباب المحطات من تكرار هذه الممارسات التحكمية نظرا لانعكاساتها المالية والتجارية وإضرارها بمصداقية الشركة المعنية نفسها، مهددا باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية والإدارية لتفادي تكرار مثل هذه الممارسات غير الشريفة.
ويتهم المغاربة شركات المحروقات بـ”الجشع”. وطالب برلمانيون من المعارضة وحتى من الأغلبية، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة استجواب في أبريل الماضي، بالتدخل لتحديد سقف للأسعار، لكنه اعتبر أن ما يقال عن الأرباح “الفاحشة” مجرد “أكاذيب”.
ويملك أخنوش، الذي تولى وزارة الفلاحة والصيد البحري بين 2007 و2021، شركة “أفريقيا غاز” التي تعد أهم الفاعلين في سوق المحروقات في المغرب، إلى جانب شركتي “توتال” الفرنسية و”شل” الهولندية البريطانية.
بالنسبة للخبير ساري، فإن الرباط تحاول الحد من ارتفاع الأسعار من خلال دعم صندوق المقاصة (صندوق لدعم المواد الأساسية). ويشير الخبير إلى أن الميزانية التي كانت مرصودة في السابق للصندوق بموجب قانون المالية 2022 كانت في حدود 15 مليار درهم، ما يعادل مليارا ونصف مليار دولار، لكن جراء الوضع الحالي “فنحن نقترب من أكثر من 23 مليار درهم”.
وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع الأسعار عموما هذا العام “في معدلات تفوق المتوسط المسجل خلال العقد الأخير”، بحسب المندوبية السامية للتخطيط وهي هيئة الإحصاءات الرسمية في المغرب.
في المقابل، واجهت شركات المحروقات اتهامات “بمراكمة أرباح تفوق 45 مليار درهم (4,5 مليار دولار) منذ التحرير وحتى نهاية 2021″، وفق ما يؤكد حسين اليماني.
وترجع الحكومة المغربية الارتفاع إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا على السوق الدولية، لكن الحسين اليماني، الأمين العام للنقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز الطبيعي، يقول في حديث لموقع “الحرة” إن السعر لم يكن يتجاوز في السابق ثمانية دراهم، أي 0.80 دولار، حتى في ظل ارتفاع الأسعار في السوق الدولية.
وتواجه الحكومة المغربية ضغوطا في الأشهر الأخيرة بسبب غلاء عدة مواد أساسية. ولامتصاص هذا الغضب أعلنت الحكومة تخصيص دعم بحوالي 200 مليون دولار لموظفي قطاع النقل البري، بعدما نظّموا إضرابات.
من جهتها، تقول وزارة المالية المغربية، إن “أزمة غلاء الأسعار عالمية، ولم تخترعها الحكومة”. وأكدت أنه عندما وضعت الحكومة الفرضيات المتعلقة بقانون المالية لسنة 2022 لم تكن تعلم بما سيحصل من صعوبات”.
وأوضحت وزيرة المالية، نادية فتاح العلوي، أن الحكومة “تدبر الأزمة بالإمكانيات المتاحة”، لأنه “لا يمكن العودة إلى دعم المحروقات لعدم توفر الإمكانيات المالية المطلوبة”، قبل أن تستدرك “ولكن الحكومة حريصة على حماية مستقبل المغاربة في التعليم والصحة والتشغيل”.
وخلصت وزيرة المالية إلى أن”الرهان الكبير التي تشتغل عليه الحكومة هو ضمان مخزون استراتيجي في المواد الطاقية، وأن الحكومة معبأة وتشتغل مع جميع الشركاء في قطاع المحروقات من أجل تأمين تزويد السوق الوطنية بحاجياتها من المواد البترولية في حين يوجد عدد من الدول عاجزة عن تأمين هذه المواد الطاقية”.
وتجنبا لتداعيات موجة الغلاء العالمية، تدعم الحكومة المغربية مجموعة من المواد الاستهلاكية الأساسية للحفاظ على استقرار أسعارها.
وتتوقع وزارة المالية المغربية، تجاوز تكلفة المواد المدعمة من صندوق المقاصة (الصندوق الموجه لدعم القدرة الشرائية للمواطنين) خلال عام 2022 ما يناهز 32 مليار درهم مغربي (1 دولار= 10.02 درهم مغربي).
وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع الأسعار عموما هذا العام “في معدلات تفوق المتوسط المسجل خلال العقد الأخير”، بحسب المندوبية السامية للتخطيط وهي هيئة الإحصاءات الرسمية في المغرب.
في المقابل، واجهت شركات المحروقات اتهامات “بمراكمة أرباح تفوق 45 مليار درهم (4,5 مليار دولار) منذ التحرير وحتى نهاية 2021″، وفق ما يؤكد حسين اليماني.
ورغم أن القطاع بات خاضعا لقانون السوق الحرة، إلا أن المنتقدين يصفون هذه الأرباح “بالفاحشة” بالمقارنة مع الهوامش التي كانت محددة قبل التحرير.
ويتفق ساري في حديثه للحرة أنه كان من الممكن أن تقلص شركات التوزيع هامش ربحها بسبب الوضع الدولي الحالي.
وتطالب الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة “سامير” المفلسة منذ 2015، الحكومة بتأميمها بشكل كامل أو تسهيل خصخصتها، بعدما أكدت المحكمة العليا حكما نهائيا بتصفيتها القضائية في سبتمبر 2018.