“أرقام مفزعة”.. تقرير يُحذر: استقالة 4000 طبيب خلال 3 سنوات فقط

0
385

حذَّر تقرير رسمي أعدته البرلمان المغربي، من تزايد معدلات استقالة الأطباء من العمل الحكومة، مطالبين بتدخلات عاجلة لحل تلك الأزمة والحد من هجرة الأطباء المغاربة خارج البلاد.

كشف تقرير برلماني مغربي ، عن ارتفاع الاستقالات المقدمة من طرف الأطباء العاملين القطاع العمومي ، مشيرا إلى أن قلة الأطباء والممرضين بالمنظومة الصحية العمومية يعود إلى ضعف في المناصب المالية المخصصة لهذا القطاع، حيث ظلت ثابتة في 4000 منصب، خلال السنوات المالية 2018 و2019 و2020.

وأشار التقرير إلى ضعف في التأطير الطبي، وذلك قياسا بمعايير منظمة الصحة العالمية التي تحدد عدد الأطر الطبية لكل 10 آلاف نسمة، والذي لا يتعدى في المملكة نسبة 6.02 أطباء لكل 10 آلاف نسمة، مقابل 12.2 طبيب لكل 10 آلاف نسمة بتونس، و11.4 بمنطقة البحر الأبيض المتوسط الشرقية، بينما لا تتجاوز نسبة الممرضين بالمغرب 8.9 لكل 10 آلاف نسمة، مقابل 15.1 بالمملكة العربية السعودية، مع العلم أن كثافة الممرضين تزايدت بنسبة 16.1 لكل 10 آلاف مواطن مغربي.

كما سجل التقرير، وجود تفاوتات كبيرة على مستوى توزيع الأطباء على المستوى الجهوي ونفورهم من العمل في القطاع العمومي. 

ميزانية الصحة في المغرب من بين الأضعف عالمياً، تتراوح بين 6% و7% من ميزانية الدولة المغربية، في حين توصي منظمة الصحة العالمية بحد مقبول لا يقل عن 12%.

الأسر في المغرب تتحمل بين 50% و60% من تكاليف العلاج، ما يثقل كاهلها إلى جانب خدمات أخرى كالتعليم، النقل، ويحد من ولوج المغاربة للعلاج الطبي، مفضلين طرقاً أرخص، وربما أخطر؛ مثل الأعشاب غير المرخصة والسحر.

أفواج من طلبة السنة الأخيرة، ومن الأطباء المقيمين، يستعدون للهجرة نحو ألمانيا بمجرد التخرج أو إنهاء العقود، أما من لم يختر الهجرة، فكثيرون يدفعون للدولة بين 90-150 مليوناً مقابل ترك الوظيفة العمومية، وإنشاء عيادات خاصة.

بعض من معلومات أوردها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وقبله تقارير كثيرة تحذر من أن قطاعات الإنسان في هذه الدولة السعيدة: التعليم والصحة يعانيان وضعا كارثياً بكل المعايير.

أما عن الحلول، فالحلول الترقيعية منها لم ولن تفيد؛ مثل تقليص فترة الدراسة من 7 إلى 6 سنوات، أو السماح للأطباء الأجانب، تحديداً الأفارقة، بالممارسة داخل المغرب.

تسريع التكوين والتأهيل لن تستفيد منه سوى ألمانيا ومثيلاتها، أما الأطباء الأجانب فلن يكونوا أحن على المغاربة من بني جلدتهم، إضافة للعائق اللغوي والثقافي.

وكان تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد قال في أبريل الماضي إنه “مقابل 23 ألف طبيب مغربي يمارسون (عملهم) بالمغرب، هناك ما بين 10 آلاف و14 ألف يعملون ببلاد المهجر وخصوصا البلدان الأوروبية”.

وأضاف أن “واحدا من كل ثلاث أطباء مغاربة تقريبا يمارس (عمله) بالخارج، رغم الحاجة الملحة للمغرب لكل أطبائه بل للمزيد منهم”.

وأوضح أن “القطاع يحتاج إلى 32 ألف طبيب إضافي، حسب المعايير الأساسية لمنظمة الصحة العالمية، وأيضا لأكثر من 65 ألف مهني صحي، ومن المتوقع أن تتزايد هذه الحاجيات من الأطر البشرية بشكل متسارع في المستقبل”.

ولفت التقرير أن “هناك ضعف وسوء استخدام الموارد البشرية يجعل جزءا منها والبنيات والتجهيزات في حالة عطالة، بينما جزء آخر تحت الضغط”.

وتعزى هجرة الأطباء المغاربة للعمل بالخارج، إلى “عدم جاذبية القطاع الصحي العمومي، وعدم وضع شبكة دقيقة للتحفيز، وبعد أماكن العمل جغرافيا عنهم”، بحسب التقرير.‎

وتعليقا على الموضوع، اعتبر الباحث في السياسات والنظم الصحية ونائب رئيس الفدرالية الوطنية للصحة، الطيب حمضي، أنه إذا كان أكثر من ثلثي طلبة الطب في السنة النهائية يرغبون في الهجرة فإن الأفظع منه أن ثلث الأطباء الذين يدرسون في المغرب يهاجرون سنويا، معتبرا ذلك خسارة كبيرة في القطاع الصحي.

وأضاف حمضي في تصريح سابق، أنه في المغرب 23 ألف طبيب بينما في الخارج ما بين 10 آلاف إلى 14 ألف طبيب مغربي، في الوقت الذي تعرف فيه البلاد خصاصا وتحتاج لأكثر من 32 ألف طبيب، مؤكدا أن عملية تكوين طبيب في المغرب جد مكلفة.

وحسب معطيات أوروبية، ذكر حمضي أن كلفة تكوين طبيب في أوروبا تصل إلى 330 ألف يورو إلا أنه في المغرب يهاجر تقريبا ما بين 600 إلى 800 طبيب سنويا إلى الخارج بشكل مجاني، لافتا إلى أن هذا الظاهرة تنتشر في دول شمال أفريقيا كمصر والجزائر وتونس.

ودعا المتحدث لإصلاح ومراجعة ظروف عمل الأطباء في القطاع الخاص والعام من أجل إيقاف نزيف هجرة الأطباء وتحفيز الأطباء في الخارج للعودة، لأن ذلك سيساهم في إنجاح مشروع تعميم التغطية الصحية وتقوية المنظومة الصحية بالمغرب.

الحلول الهيكلية لأزمة أطباء المغاربة 

1– تغيير عقليات من يحكمون، بالكف عن إضعاف قطاعات الإنسان واعتبارها بقرة لحلب الشعب آناء الليل وأطراف النهار.

في الدول المتقدمة، من أراد المال يستثمر في المعرفة والتطوير والتكنولوجيا، أما في المغرب فالصحة والتعليم أصبحا مجالَي من يبحث عن الكسب السريع والمضمون.

في المغرب تتميز المدرسة الخاصة بوجود مدرسين وعدم غيابهم وكراسٍ كافية لعدد التلاميذ. أما المستشفى الخاص فميزته وجود “سكانر”، جهاز الكشف بالرنين المغناطيسي، وإجراء عمليات في وضع آدمي. بالله عليكم أين هي القيمة المضافة؟

2– مضاعفة ميزانية الصحة بما يضمن تخريج ما يكفي من الأطباء والأطر الصحية، بناء وتجهيز المستشفيات، الاهتمام اللازم بالبحث العلمي لتجاوز فضيحة 20 درهماً لكل يوم بحث لباحثي الدكتوراة، مع تطبيق القانون وتشديده بما يردع تسيب القطاع العام وجشع الخواص.

3– إقرار تشريعات تحد أو تنظم من هجرة الأطباء بصفة خاصة وباقي العقول بصفة عامة. هنا يمكن الاقتداء بتجربة النهضة الماليزية 1981/2003، حين فرضت الدولة على من يرغب في الهجرة من الكوادر، وعلى الجهات والدول الراغبة في تشغيلهم، الالتزام المكتوب والقانوني بعودة العقول للبلاد بعد مدة تتراوح بين 3 و6 سنوات.

هذه الحلول وغيرها لن تكون قابلة للتطبيق سوى بتفعيل دولة العدل والكرامة، وإلا فسنبقى رهينة شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.