السوق المغربية للأعلاف المركبة: اختلالات بين تواطؤ الأسعار وجودة ضعيفة تضر بالمستهلك
بينما تسعى العديد من القطاعات في المغرب إلى تحسين أوضاعها وضمان استدامتها، لا تزال سوق الأعلاف المركبة تشهد العديد من التحديات التي تضر بالمستهلك المغربي. مجلس المنافسة رصد في تقريره الأخير العديد من الاختلالات التي تثير تساؤلات حول الشفافية في السوق ودور الرقابة الحكومية في حماية حقوق المستهلكين.
التركيز المفرط في السوق: من يسيطر؟
يشير التقرير إلى أن سوق الأعلاف المركبة في المغرب تتسم بتركيز عالٍ، حيث تهيمن ثماني شركات فقط على ما يقرب من 75% من السوق، ما يحد من المنافسة ويقلل الخيارات المتاحة للمستهلكين. هذه الهيمنة تأتي نتيجة لعملية إعادة هيكلة السوق على مر السنوات، إذ توقفت العديد من الشركات عن مزاولة أنشطتها بينما عمدت أخرى إلى عمليات تركيز اقتصادي من أجل الاستفادة من وفورات الحجم.
السؤال هنا: هل يشكل هذا التركيز تهديدًا لتنوع المنتجات وابتكارها؟ وهل يمكن أن يؤدي إلى سيطرة غير عادلة على الأسعار؟
الاندماج العمودي: تحكم في كل شيء
تعد ظاهرة الاندماج العمودي أحد أبرز السمات التي تميز السوق، حيث يتحكم اللاعبون الرئيسيون في جميع مراحل سلسلة الإنتاج بدءًا من استيراد الحبوب وصولًا إلى عمليات الذبح الصناعي. هذا التحكم الكامل يمكن أن يساهم في تضييق الخناق على المنافسة وفرض أسعار تعسفية. وبالتالي، يصبح السؤال الملح: كيف يمكن ضمان أن هذا الاندماج العمودي لا يؤدي إلى استغلال مربي الماشية والشركات الصغيرة؟
التواطؤ في الأسعار: جني الأرباح على حساب المستهلك
كشف التقرير عن ظاهرة خطيرة في السوق تتمثل في التغير المتزامن للأسعار من قبل الشركات الكبرى، حيث يتم تغيير الأسعار بشكل متوازٍ دون مراعاة لجدولة زمنية محددة. هذا التصرف يثير الشكوك حول إمكانية وجود تواطؤ بين هذه الشركات لتثبيت الأسعار على نحو غير عادل، ما يؤثر في النهاية على الأسعار التي يدفعها المستهلكون.
كيف يمكن للهيئات الرقابية التعامل مع هذا النوع من التواطؤ؟ وهل من الضروري تفعيل قوانين أكثر صرامة لضمان الشفافية في عمليات التسعير؟
الرقابة: هل هي كافية؟
أشار تقرير مجلس المنافسة إلى ضعف عمليات المراقبة التي ينفذها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، حيث لا تستهدف هذه العمليات جميع مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع بشكل كاف. ما يطرح تساؤلات حول فعالية الرقابة الحالية في حماية صحة المستهلكين وجودة الأعلاف.
هل يمكن تكثيف عمليات الرقابة لتشمل كافة مراحل الإنتاج؟ وهل يساهم هذا في الحد من الاختلالات التي تؤثر على صحة المواطن وعلى استقرار القطاع؟
التقلبات في أسعار المواد الأولية: تهديد للقطاع
من بين أبرز التحديات التي تواجه السوق المغربية للأعلاف المركبة، هي التقلبات الحادة في أسعار المواد الأولية في السوق الدولية. المغرب يستورد 90% من المواد الخام الضرورية لصناعة الأعلاف، مما يعرض القطاع إلى تقلبات سعرية غير متوقعة قد تؤثر على تكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات.
كيف يمكن للمغرب تقليل تبعيته للواردات؟ وهل يمكن تطوير استراتيجيات للحد من تأثير التقلبات العالمية على القطاع؟
سوء استغلال القدرات الإنتاجية: تداعيات على الأسعار
أبرز التقرير أيضًا سوء استغلال القدرات الإنتاجية، حيث لا يتم استغلال أكثر من 60% من القدرات المتاحة في السوق، ما يؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج. هذه الزيادة تنعكس مباشرة على أسعار المنتجات، ما يزيد من الأعباء على مربي الماشية والمستهلكين على حد سواء.
كيف يمكن تحسين استغلال القدرات الإنتاجية في السوق؟ وهل يمكن لهذه التحسينات أن تساهم في خفض أسعار الأعلاف وبالتالي تحسين أوضاع الفلاحين والمستهلكين؟
خلاصة: ضرورة الإصلاح الشامل في قطاع الأعلاف
إن تقرير مجلس المنافسة يكشف بوضوح عن اختلالات كبيرة في سوق الأعلاف المركبة بالمغرب، مما يتطلب إصلاحات هيكلية وتدخلًا سريعًا من الهيئات الرقابية. إن تحسين الشفافية، وتفعيل الرقابة، وتحقيق توازن أكبر في المنافسة يمكن أن يكون الحل لضمان سوق عادلة ونزيهة تفيد المستهلك وتدعم التنمية الفلاحية في البلاد.