أزمة الجزائر وفرنسا: تصعيد مستمر ومآزق جديدة

0
148

في الأسابيع الأخيرة، شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا توترًا غير مسبوق، بعدما أعلنت باريس عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل لنزاع الصحراء، ما أثار غضب الجزائر ودفعها إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية تصعيدية.

هذا التصعيد يعيد إلى الأذهان الأزمة السابقة بين الجزائر وإسبانيا، عندما اتخذت مدريد خطوة مماثلة في دعم المغرب، مما يبرز التحولات في السياسة الخارجية الجزائرية والتحديات التي تواجهها.

الجزائر في مواجهة الضغوط الدولية

محللون مثل محمد سالم عبد الفتاح يرون أن الجزائر تجد نفسها في موقف دبلوماسي صعب، حيث لم تعد قادرة على الحفاظ على موقفها التقليدي في قضية الصحراء بعد التقدم الذي أحرزه المغرب على المستوى الدولي. فنجاح الرباط في حشد دعم دولي واسع لمقترح الحكم الذاتي، سواء من فرنسا أو دول أخرى، جعل الجزائر تواجه تحديات غير مسبوقة، مما اضطرها للدخول في صراعات سياسية مع دول عديدة، تتجاوز حدود المغرب لتشمل قوى دولية كبرى.

توظيف قضية الصحراء في السياسة الداخلية الجزائرية

يؤكد الخبراء أن الجزائر تستغل قضية الصحراء على المستوى الداخلي كأداة لإلهاء الرأي العام عن القضايا الحقيقية التي تواجه البلاد، مثل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية. فبدلاً من معالجة هذه القضايا بجدية، تفضل الحكومة الجزائرية توجيه الأنظار نحو الصراعات الخارجية، مما يعكس سياسة الإلهاء التي تتبعها السلطة.

التنافس الانتخابي في الجزائر: كيف أصبح المغرب أداة سياسية في الحملات الرئاسية؟

إلى أين تتجه الأزمة بين الجزائر وفرنسا؟

مع تصاعد التوتر بين الجزائر وفرنسا، يبقى السؤال الأهم هو ما إذا كانت الجزائر قادرة على تحمل هذه الضغوط الدولية. فالتطورات الأخيرة تشير إلى أن محاولات الجزائر للضغط على باريس قد لا تأتي بالنتائج المرجوة، خاصة وأن مواقف فرنسا تجاه الصحراء المغربية تستند إلى شراكات استراتيجية مع المغرب يصعب تغييرها.

التحولات في موازين القوى: هل تفقد الجزائر نفوذها؟

مع تزايد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء وتراجع دور جبهة البوليساريو، يبدو أن الجزائر تجد نفسها في موقف أكثر ضعفًا على الساحة الدولية. فالتحالفات الجديدة التي يبنيها المغرب، سواء في أوروبا أو إفريقيا، تكرس من عزلة الجزائر وتجعلها تواجه تحديات متزايدة في محاولاتها للحفاظ على موقفها التقليدي.

الأسئلة التي تفرض نفسها

في ظل هذه التطورات، يطرح المتابعون أسئلة جوهرية: هل يمكن للجزائر إعادة صياغة استراتيجيتها الدبلوماسية بما يتماشى مع التحولات الإقليمية والدولية؟ وهل ستتمكن من الحفاظ على موقفها في قضية الصحراء في مواجهة الضغوط المتزايدة؟ وما هو مستقبل العلاقات بين الجزائر وفرنسا في ظل هذا التوتر المتصاعد؟

تظل الإجابات على هذه الأسئلة مفتوحة، لكن المؤكد هو أن الجزائر تعيش مرحلة حرجة تتطلب منها إعادة تقييم سياستها الخارجية والداخلية إذا ما أرادت تجنب المزيد من العزلة والتوترات.