أعوان السلطة بالمغرب: بين الواجب القانوني وتجاوز الصلاحيات

0
138
صورة: و.م.ع

في خطوة وصفها مراقبون بالضرورية، شرعت وزارة الداخلية في مراجعة شاملة لمهام أعوان السلطة، بما يشمل المقدمين والشيوخ والعريفات، بعد أن كشفت تقارير ميدانية عن تدخلات تجاوزت اختصاصاتهم القانونية، وأدت أحياناً إلى احتكاكات مع المواطنين وأصحاب المشاريع المحلية.

هذه المراجعة تعكس وعي الإدارة بأهمية ضبط الصلاحيات، حماية حقوق المواطنين، وضمان فعالية أعوان السلطة على المستوى الترابي، في وقت أصبح فيه المواطن أكثر وعياً بحقوقه وواجباته.

الإطار القانوني لأعوان السلطة: ما بين التاريخ والواجب

أعوان السلطة يمثلون حلقة الوصل بين الإدارة المركزية والساكنة، وتشمل مهامهم التقليدية:

  • الإخبار والمتابعة المحلية للأوضاع الأمنية والإدارية.

  • التعاون مع السلطات في تنظيم الشأن المحلي وضبط النظام العام.

  • تقديم التقارير إلى المسؤولين عن العمالات والولايات.

إلا أن غياب نصوص واضحة وموحدة حول حدود صلاحياتهم أدى أحياناً إلى تدخلات خارج القانون، مع خلق احتكاكات مباشرة مع المواطنين.

الشهادات الواقعية: صوت من الميدان

أحمد، صاحب ورشة بناء بالدار البيضاء:
“جاء المقدم إلى الورشة فجأة وطالبنا بوقف البناء رغم وجود كل الرخص. شعرت أن تدخلهم خارج القانون.”

سميرة، صاحبة مقهى بمراكش:
“أعوان السلطة دخلوا المقهى وطلبوا وثائق ضريبية، رغم أنهم ليسوا مخولين لذلك. شعرت بالإحراج أمام الزبائن.”

ياسين، درّاج بالدار البيضاء:
“تدخل الأعوان لملاحقة الدراجات النارية المعدلة يصل أحياناً إلى المطاردة في الشارع، وهو خطر على سلامتنا.”

شهادات الأعوان: بين الواجب والتجاوز

أحد المقدمين:
“في بعض الحالات، نضطر للتدخل بسبب فراغ قانوني أو تأخر الأجهزة المختصة، لكننا نعرف أننا لا يجب أن نتجاوز الصلاحيات.”

شيخة، عريفة بفاس:
“العمل اليومي يتطلب حساسية كبيرة. بعض الأعوان يحاولون حل المشاكل بسرعة، لكن بدون إطار قانوني واضح يمكن أن تحدث تجاوزات بلا قصد.”

أمثلة موثقة على التجاوزات

  • مطاردات الدراجات النارية المعدلة: فيديوهات تظهر تدخل أعوان السلطة بطريقة قد تعرض سلامة المواطنين للخطر.

  • اقتحام أوراش البناء: محاضر تثبت تدخل أعوان السلطة قبل وصول المفتشين، ما أدى إلى شكايات رسمية.

  • زيارة المحلات التجارية والمطاعم: صور وتقارير توثق مطالبة أصحاب المحلات بوثائق ضريبية من أعوان غير مخولين.

المراجعة المرتقبة: إصلاح وظيفي واجتماعي

تركز خطة وزارة الداخلية على:

  1. تحديد الإطار القانوني بدقة: مهام الأعوان وحدود صلاحياتهم.

  2. التنسيق مع المصالح المختصة: أي عملية مراقبة تتطلب إشعار الجهة المعنية مسبقاً.

  3. التكوين والتدريب: برامج لتعليم الأعوان حقوق المواطنين وأصول التدخل القانوني.

  4. التحفيز الاجتماعي: زيادة الرواتب وربط الأعوان تدريجياً بالوظيفة العمومية.

  5. آليات الشكايات والمساءلة: نظام مستقل للتحقيق في أي تجاوزات.

المواطن بين السلطة وحقوقه

مع كل تجاوز، تتزايد الشكايات وتظهر الاحتكاكات اليومية. الإصلاحات الجديدة تهدف إلى إعادة الثقة بين الإدارة والمواطنين وتحقيق توازن بين مهام الأعوان وحقوق السكان، بما يعزز الحكامة الجيدة على المستوى الترابي.

التجارب الدولية: دروس مستفادة

دول أخرى نجحت في وضع أطر قانونية واضحة للأعوان المحليين، مع برامج تدريب متخصصة وتحديد صلاحيات دقيقة لتجنب تجاوز القانون. يمكن للمغرب الاستفادة من هذه التجارب لتطوير أعوان السلطة كنموذج للوظيفة العمومية القريبة من الناس والمنضبطة بالقانون.

الخلاصة: نحو أعوان سلطة محترفين وواضعي حدود

إذا طبقت الإصلاحات المرتقبة بصرامة وشفافية، ستتحول العلاقة بين أعوان السلطة والمواطنين من احتكاك وصدام محتمل إلى تعاون وثقة متبادلة.
سيصبح الأعوان نموذجاً للوظيفة العمومية، تجمع بين الواجب القانوني والاحترام الكامل للحقوق، ما يرسخ ثقافة احترام القانون والحكامة الجيدة على المستوى الترابي.

قسم جانبي استقصائي

أرقام سريعة:

  • عدد أعوان السلطة بالمغرب: آلاف المقدمين والشيوخ والعريفات.

  • حالات شكايات رسمية ضد تجاوزات الأعوان: أكثر من 150 حالة موثقة خلال الثلاث سنوات الماضية.

  • نسبة التدخلات الميدانية خارج الإطار القانوني: تقديرات أولية تصل إلى 20%.

اقتراحات عملية للإصلاح:

  • إصدار دليل مهام موحد لكل الأعوان.

  • خط ساخن وشكايات إلكترونية للمواطنين.

  • برامج تدريبية مستمرة حول الحقوق القانونية للمواطنين.

  • تعزيز التنسيق مع المصالح الأخرى لتفادي التداخل والصدام.