أكثر من 7000 آلاف مغربي هاجروا سرا نحو إسبانيا إلى غاية 8 غشت الجاري

0
193

كشفت بيانات رسمية إسبانية عن ارتفاع أعداد المهاجرين القادمين عبر البحر خلال العام الجاري، مع حدوث تحول في مسارات الهجرة لتتجه أكثر فأكثر نحو جزر الكناري.

ووفق البيانات الصادرة عن اللجنة العامة للهجرة والحدود بإسبانيا (CGEF) أن أغلب المهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا إلى إسبانيا منذ مطلع العام الجاري مغاربة.

وأشار التقرير الذي نشرته صحف إسبانية إلى أن المغاربة شكلوا أزيد من 42% من مجموع المهاجرين غير النظاميين الذين تمكنوا من دخول التراب الإسباني منذ مطلع شهر يناير.

ويشكل المغاربة نحو 45 % من إجمالي المهاجرين الذين وصلوا إلى البر الإسباني أو جزر الكناري وجزر البليار حتى غشت الجاري.

وأوضح التقرير أن المغاربة احتلوا المرتبة الأولى ما بين كانون الثاني/ يناير الماضي و8 غشت الجاري بـ 7000 مهاجرين سريين من أصل 17266 مهاجر من منطقة الساحل.

وسجل ذات التقرير أن جل المهاحرين الذين يفكرون في العبور إلى إسبانيا يختارون طريق المغرب لذلك، سواء عبر السواحل الشمالية أو الجنوبية، وكذا عبر الطرق البرية.

وأبرز ذات المصدر أن ما يقرب من 85% من المهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا إلى إسبانيا اختاروا المغرب نقطة انطلاق، عبر مختلف الطرق البرية والبحرية.

وكشفت وزارة الداخلية الإسبانية في تقرير لها نهاية شهر يوليوز الماضي عن ارتفاع أعداد المهاجرين الذين يختارون الدخول إلى إسبانيا عبر طريق جزر الكناري، وكذا عبر سياج مليلية وسبتة المحتلتين، في مقابل انخفاض عدد المهاجرين الذين يختارون البحر الأبيض المتوسط.

ويرجع تركيز المهاجرين على طريق جزر الكناري، الذي يشكل الطريق لأزيد من نصف المهاجرين نحو إسبانيا، رغم خطورته والمآسي التي يخلفها، إلى تشديد مراقبة الحدود بالشمال المغربي، وهو ما شكل محط انتقاد واسع للمنظمات الحقوقية المهتمة بالهجرة. 

أكثر من 73 بالمئة من الشباب المغربي يرغب في الهجرة لكسب العيش

قدم تقرير التنمية البشرية 2020 بالمغرب، معطيات وأرقام مفتاحية لفهم واقع الشباب في البلاد، وتطلعاته المستقبلية بالخصوص.

ويمثل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما نسبة ديموغرافية بلغت 25.3 بالمئة عام 2019، من مجموع السكان، أي ما يقارب 8.9 ملايين نسمة.

وقال التقرير الصادر عن المرصد الوطني للتنمية البشرية (حكومي) في 7 ديسمبر/كانون الأول الحالي بعنوان “شباب مغرب اليوم”، استنادا إلى “الباروميتر العربي 2019″، أن حاجة الشباب للحركة الدولية أمر لا جدال فيه، ما دام 7 شبان من أصل 10 في المغرب تستهويهم الهجرة، وهي النسبة الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويضيف اعتمادا على البحث الوطني للمندوبية السامية للتخطيط (حكومية) حول الهجرة الدولية سنة 2019، أن الرغبة بالهجرة عند 73.5 بالمئة من هؤلاء الشبان تجد تفسيرها في ضرورة البحث عن كسب العيش.

الواقع أن الأرقام الرسمية، لم تؤكد إلا معطيات الواقع الملموسة التي يتداولها المهتمون وحتى العامة، كون الواقع الاجتماعي الذي يعيشه الشبان المغاربة أكبر دافع لهم نحو الهجرة وفي كثير من الأحيان بركوب المخاطر في سبيل بلوغ الفردوس الأوروبي. 

العوامل الأساسية المتحكمة بظاهرة الهجرة

يقول محمدي البكاي، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الأول في وجدة (شمالي شرق المغرب)، إن العوامل الأساسية المتحكمة بظاهرة الهجرة بشكل عام وبالخصوص غير النظامية، مرتبط بالحفاظ على الحياة والبحث عن ملاذ في بلدان أكثر أمانا.

ويضيف: “لكن جزءا كبيرا كذلك من ظاهرة الهجرة مرده ظروف العيش القاسية التي زادت من حدتها العوامل المناخية الصعبة والأزمة الاقتصادية”.

الوضع في المغرب، حسب الباحث، “لا يختلف عن باقي دول الجنوب اللهم (سوى) فيما يتعلق بطبيعة الفئات العمرية المرتبطة بظاهرة الهجرة وطبيعة الدوافع لذلك”.

وكما كانت التقارير واضحة في إرجاع أسباب الهجرة إلى كسب سبل العيش بالنظر للهشاشة التي يكتسيها سوق الشغل، تعد البطالة حسب البكاي من أهم العوامل المؤثرة في ظاهرة الهجرة، وخصوصا الشباب من الفئات العمرية من 15 إلى 24 سنة وحاملي الشهادات.

وحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط فإن معدل البطالة وسط هذه الفئة تصل إلى 30.8 بالمئة وحاملي الشهادات إلى 20.4 بالمئة سنة 2021.

وفي الوقت الذي كان يعتقد بعض التابعين أن “يخمد” حلم الهجرة لدى الشباب المغربي بعد أزمة كورونا، بسبب الأزمة الدولية التي خلفتها الجائحة وتراجع فرص العمل في الدول المستقبلة، إلا أن التدفق استمر حتى في أوج الأزمة الصحية.

وأبرز البكاي أن الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، عمقت من الوضعية العامة وبالتالي كانت دافعا إضافيا لتنمية الرغبة في الهجرة لدى الفئات الهشة.

وضع الهشاشة ترصده الأعين في الكثير من المجالات قبل أن تؤكدها الدراسات والتقارير.

ويقول البكاي، أن هذا الوضع ليس بالجديد، ويبرز أن السياسة الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب لا تستطيع استيعاب هذه الفئات العمرية وإدماجها في النسيج الإنتاجي، خصوصا أمام تراجع سياسات التوظيف العمومي من منطلق ترشيد النفقات.

وما ينسحب على القطاع العام يمس أيضا الخاص، فهشاشة القطاع المتمثلة في عدم قدرته على ضمان مستوى عيش لائق وغياب التحفيز وغيرها من المعيقات تجعل منه قطاعا لا يبعث بالنسبة للشباب الكثير من الأمل ليكون دافعا للاستقرار.

ويؤكد تقرير التنمية البشرية أن سرعة نمو الاقتصاد الوطني تسجل منذ 2012 بعض التباطؤ، ونتيجة ذلك استقر نمو الناتج الداخلي الخام في متوسط سنوي يبلغ 3.2 بالمئة في الفتر الممتدة بين 2015 و2019، وهو رقم غير كاف لتقليص نسبة البطالة تقليصا مستداما لاسيما بين الشباب.

ويربط مراقبون توالي عمليات الهجرة غير الشرعية للشباب المغربي بفشل السياسات الحكومية في تدبير الشأن العام، ويشير رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، محمد بنعيسى، إلى كون موجة الهجرة غير نظامية الجديدة تأتي في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تمر منها المنطقة بشكل خاص، والمغرب بشكل عام، خصوصاً مع القرارات المتتالية للحكومة بحظر التجوال عند الساعة الثامنة مساء خلال شهر رمضان، من دون توفير بدائل دعم، باستثناء أنشطة محدودة، مما أدى إلى تضرر أغلب النشاطات الاقتصادية غير المهيكلة، التي تعتبر مصدر الدخل الوحيد لملايين المغاربة. 

ويشير بنعيسى إلى محاولات الهروب لمئات الشباب المغاربة من الواقع المؤسف، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة وواقع سياسي محبط، يسوده الفساد والريع واتساع الفوارق الطبقية والتحكم واستبعاد الشباب من الحياة العامة، وتحطيم آمالهم في إمكانية التغيير الإيجابي وصنع مستقبلهم بأيديهم. 

من جانبه، اعتبر رئيس الفضاء المغربي الإيطالي يحيى المطواط، أن ما حدث في شاطئ الفنيدق لا يمكن قراءته بمعزل عن ظاهرة “الحريك” (الهجرة السرية) في شموليتها، مؤكداً أن الظاهرة تدل على وجود اختلالات عميقة تهدد استقرار البلاد، وهي مظهر من مظاهر أزمة اجتماعية خطيرة فشلت الحكومة في إيجاد حلول واقعية للتخفيف من حدتها.

وأضاف “علينا أن نعترف أن هذه الظاهرة تتسع ولا يمكن محاربتها إلا برؤية تنموية واضحة، وعدالة اجتماعية تضمن كرامة المواطن، بدل توزيع قفة رمضان الانتخابية”.