في خطوة أثارت الكثير من الجدل، عاد اسم نادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي إلى واجهة النقاش في العاصمة الهولندية أمستردام، ليس فقط باعتباره خصماً رياضياً لأياكس أمستردام، بل كرمز لصراعٍ سياسي وأخلاقي يتجاوز حدود كرة القدم. فبعد أشهر من العنف والمواجهات المرتبطة بمباريات الفريق الإسرائيلي في هولندا، طُرحت تساؤلات حادة داخل مجلس بلدية أمستردام حول ما إذا كان ينبغي التعامل مع هذا النادي باعتباره “غير مرحب به” في المدينة.
خلفية التوتر: من الملاعب إلى الشوارع
القضية بدأت عقب مباراة بين أياكس أمستردام ومكابي تل أبيب ضمن المنافسات الأوروبية. المواجهة لم تتوقف عند حدود المستطيل الأخضر، بل امتدت إلى شوارع العاصمة الهولندية، حيث شهدت اعتداءات متبادلة بين الجماهير، تخللتها أعمال عنف، تخريب، وملاحقات في الشوارع. تقارير إعلامية هولندية ودولية أكدت أن بعض المشجعين الإسرائيليين أطلقوا هتافات استفزازية، في حين ردت مجموعات محلية بعنف أدى إلى إدانات قضائية لاحقة بحق عدد من المتورطين.
هذا المشهد أعاد التذكير بأن الملاعب الأوروبية كثيراً ما تتحول إلى منصات لتفريغ شحنات سياسية مرتبطة بالصراعات الدولية، وأن الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي حاضر حتى في سياقات رياضية يُفترض أن تكون “محايدة”.
النقاش داخل مجلس بلدية أمستردام
بحسب ما تسرّب من داخل المجلس، فقد تقدم حزب DENK، عبر رئيس كتلته شهير خان، بمقترح يعتبر أن الأندية الرياضية تصبح “غير مرحب بها” في أمستردام إذا:
-
كانت تنشط في المستوطنات غير القانونية.
-
تمثل كياناً يحتل أراضي الغير بالقوة.
-
أو تتسامح مع المشجعين المتطرفين والعنصريين.
وقد حظي هذا الطرح بتأييد واسع داخل المجلس، مع تسجيل أصوات معارضة وامتناع محدود، ما يعكس انقساماً لكنه يميل إلى رفض استضافة فريق مكابي مستقبلاً.
غير أن اللافت، حتى الآن، هو غياب نص قانوني رسمي منشور يوضح صياغة القرار بشكل دقيق أو يحدد الإجراءات الملزمة لتنفيذه، ما يفتح الباب أمام التأويلات.
البعد السياسي والرمزي
بعيداً عن تفاصيل المباريات، يظهر أن القرار – سواء اعتمد رسمياً بصيغته النهائية أو بقي في إطار النقاش – يحمل رسالة سياسية واضحة: أمستردام لا تريد أن تُحسب على خانة التواطؤ مع الاحتلال أو التغطية على ما يوصف بـ “الإبادة الجماعية” في غزة.
في الوقت ذاته، يطرح الموقف أسئلة قانونية وأخلاقية:
-
هل يجوز لمدينة أوروبية أن تمنع نادياً رياضياً بسبب ارتباطه السياسي أو خلفية جمهوره؟
-
أين ينتهي حق البلدية في حماية الأمن العام ويبدأ خطر التمييز أو استهداف جماعي؟
-
وهل هذه الخطوة تمثل سابقة يمكن أن تُحتذى في مدن أوروبية أخرى، أم أنها ستظل حالة استثنائية في ظل خصوصية أمستردام وتوازناتها السكانية والسياسية؟
مكابي تل أبيب بين الرياضة والسياسة
من جهته، لم يُسجّل حتى الآن رد رسمي قوي من النادي الإسرائيلي، لكن من المؤكد أن هذه التطورات ستضعه في موقع حرج داخل البطولات الأوروبية. فهو من جهة نادٍ معترف به من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) ويمتلك حق المشاركة في المسابقات، ومن جهة أخرى بات عنواناً للجدل السياسي في عواصم غربية لم تعد تتسامح مع ما ترى أنه خلط بين الرياضة وسياسات الاحتلال.
أسئلة مفتوحة
-
إذا كانت أمستردام تضع معايير مثل “النشاط في المستوطنات” و”تمثيل كيان محتل”، فهل ستتسع دائرة القرارات لتشمل كيانات أخرى في مجالات اقتصادية أو ثقافية؟
-
هل سيتحول هذا الموقف المحلي إلى نقاش وطني في هولندا، وربما على مستوى الاتحاد الأوروبي؟
-
وكيف ستتعامل مؤسسات الرياضة الدولية مع قرارات محلية قد تتعارض مع مبدأ “الرياضة للجميع”؟