بعد سنوات من الجمود والتخبط الإداري، يبدو أن قطاع الجالية المغربية، التابع لوزارة الخارجية والتعاون الإفريقي، يشهد تحولاً محتملاً قد يؤدي إلى نهاية وصاية الوزير ناصر بوريطة عليه. ورغم تخصيص ميزانية ضخمة تجاوزت 4 مليارات سنتيم لهذا القطاع، إلا أن هذه الأموال لم تُترجم إلى نتائج ملموسة، بل تراكمت الإخفاقات التي تثير العديد من الأسئلة.
هل كانت هذه الأموال هدرًا غير مبرر؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا العجز المستمر في تحريك هذا الملف الحيوي؟ هل نعيش اليوم لحظة تحوّل حقيقي في سياسة الحكومة تجاه الجالية المغربية أم أنها مجرد تغييرات شكلية لن تُغيّر من واقع القطاع؟
مؤشرات الفشل: أموال بلا مشاريع حقيقية
منذ سنوات، كان يُفترض أن يكون قطاع الجالية في قلب الاهتمامات الحكومية باعتباره أحد روافد قوة المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، خاصة في ظل تزايد أهمية الجالية المغربية في الخارج. ومع ذلك، تشير المصادر إلى أن القطاع لم يحقق أي نتائج تُذكر على الأرض، رغم الميزانية التي تم رصدها له.
أين ذهبت هذه الأموال؟ ولماذا لم تُترجم إلى مشاريع حقيقية يمكن أن تساهم في تحسين أوضاع الجالية المغربية في الخارج وتعزيز الروابط بين الوطن والمواطنين في المهجر؟
من العوامل التي تطرح نفسها: أين كان دور الوزارة في متابعة صرف هذه الميزانية؟ هل كانت هناك عمليات تدقيق ومراقبة لآليات تنفيذ المشاريع المقررة؟ هل كان هناك إهمال متعمد أم أن الفساد الإداري ألقى بظلاله على القطاع، مما جعل الأموال تُهدر دون أي جدوى؟
التغييب الممنهج: غياب الحوار مع الكفاءات
أحد أبرز القضايا التي طرحتها المصادر هو غياب التواصل بين الوزير وأطر القطاع. فعلى الرغم من تخصيص موارد مالية ضخمة، لم تُعقد اجتماعات أو لقاءات لمناقشة سبل النهوض بالقطاع أو تطوير آليات عمله. كيف يمكن لقطاع حساس مثل الجالية أن يحقق أهدافه في غياب التنسيق الفعلي بين مسؤولي القطاع وموظفيه؟
هل يعكس هذا الإهمال غياب الرؤية الاستراتيجية داخل الوزارة؟ أليس من المفترض أن تكون هناك آلية دائمة للحوار والتفاعل بين الوزارة وكفاءات القطاع من أجل تفعيل البرامج والمشاريع؟ لماذا تغيب هذه الروح التفاعلية في وقت يُفترض أن تكون الجالية المغربية في الخارج محورًا رئيسيًا في السياسة الخارجية للمملكة؟
إلى أين يتجه قطاع الجالية؟ الأنظار تتوجه إلى المؤسسة المحمدية
مع الضغوط المتزايدة لإنقاذ هذا القطاع، تتجه الأنظار الآن نحو المؤسسة المحمدية للجالية المغربية، التي من المتوقع أن تتولى القيادة وتدير البرامج والمشاريع المستقبلية المتعلقة بالجالية. ولكن، هل ستكون هذه المؤسسة قادرة على تجاوز فشل الوزارة في إدارة الملف؟ وما هي الإجراءات التي سيتم اتخاذها لضمان استمرارية الكفاءات والخبرات التي كانت تعمل في القطاع؟
هل سيكون انتقال المسؤولية إلى المؤسسة المحمدية مجرد تغييرات إدارية شكلية، أم أن هناك إرادة سياسية حقيقية لإعادة هيكلة القطاع بشكل يعيد له ديناميكيته وفعاليته؟ ما هي التحديات التي ستواجهها المؤسسة في إدارة هذا الملف في المستقبل؟
المسكوت عنه: فساد أم سوء إدارة؟
فيما يتعلق بالإخفاقات التي شهدها القطاع، تُطرح الأسئلة حول ما إذا كان فشل وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي في إدارة هذا الملف ناجمًا عن سوء الإدارة فقط، أم أن هناك عوامل أخرى تتعلق بالفساد الإداري والمالي الذي قد يكون تسبب في إهدار هذه الأموال الضخمة؟
أليس من المستغرب أن تستمر هذه الإخفاقات رغم توافر الإمكانيات والموارد؟ هل هو إهمال متعمد لتحقيق أهداف غير معلنة؟ أم أن هذه الإدارة لم تكن قادرة على كبح جماح الفساد وتوظيف الأموال بشكل صحيح؟ ومن المسؤول عن تبديد هذه الفرص التي كانت يمكن أن تحسن وضع الجالية؟
الخاتمة: إصلاح أم تغييرات شكلية؟
في ظل هذه المعطيات، يبقى التساؤل قائمًا: هل نحن أمام تحول حقيقي في سياسة الحكومة تجاه ملف الجالية المغربية، أم أن ما يحدث مجرد تغيير في الوجوه دون تغيير حقيقي في السياسات والآليات؟ مع ذلك، يظل الأمل في أن تأتي المؤسسة المحمدية للجالية المغربية بدور حقيقي في تحسين وضع الجالية وتحقيق تطلعاتها، وهو ما يتطلب ليس فقط تغيير هيكلي في الإدارة، بل إرادة سياسية واضحة للحد من الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة.
هل سنشهد في النهاية إصلاحًا حقيقيًا أم أن هذا الملف سيظل كما هو، يتخبط في دائرة الفشل؟